تعتبر مقاولة تاحرويت الناشئة والتي انطلقت سنة 2018 من بين المقاولات الأكثر انتشارا داخل المغرب، حيث عملت على التجديد في الموروث الأمازيغي القديم بمسحة معاصرة وهو ما مكنها من الفوز بعديد الجوائز والإعترافات الوطنية.
فتيحة أيت الزاويت وهي مديرة المقاولة، شابة مغربية تنحدر من جبال حاحا الصامدة، نهلت من ثقافة أمازيغية زاخرة وغنية، حيث شكلت ذائقتها الفنية بين خضرة الطبيعة وإبداع أصيل تحمله نسوة أمازيغيات يشكلنه وشما تارة وحياكة تارة أخرى.
هذا الموروث الثقافي الأمازيغي شكل مصدر إلهام للمقاولة فتيحة ورفيق دربها يحيى ورضاني، لتشرع وإياه مباشرة بعد تخرجهما من أكاديمية الفنون التقليدية بالدار البيضاء في العمل على مشروعهما الخاص الذي اختارا له اسم “تاحرويت” وعملا من خلاله على إنجاز تصاميم جديدة مستلهمة من الإرث الأمازيغي من رموز وزخارف تميز تاحرويت، فصنعت أثاثاً منزلياً وحقائب ولوحات حائط وغيرها من الأكسسوارات التي جعلتها صور معاصرة لتراث كاد أن يطالع النسيان.
في حوارها مع منصة مغرب الثقافة قالت فتيحة أنها “بدأت الخطوات الأولى لمشروعها في الدار البيضاء، بإمكانات بسيطة، وبالعمل داخل البيوت وأن حرصها على التجديد في هذا التراث هو محاولة منها لبعث روح جديدة في لباس نساء الواحات، والحفاظ عليه باعتباره مرآة للهوية الثقافية والاجتماعية للمنطقة، ونقل هذه الثقافة للجميع.
وأضافت فتيحة أنها تعاونت في تنفيذ مشروعها مع نساء أميات يشتغلن في التطريز، وأشرفت على تدريبهن وتحفيزهن لتنفيذ تصاميم جديدة تعطي لمسة معاصرة على المنتوج وتجعله يتلائم واحتياجات السوق.
اليوم تقوم فتيحة بمعية يحيى بتسويق منتجات “تاحرويت” في مجموعة من المنصات الرقمية بعد أن فرضت جائحة كورونا نفسها على جميع التظاهرات التي كانا يعرضان فيها منتوجاتهما، كما ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بجعل منتوجات المقاولة رائجة على المستوى الوطني، والأهم من هذا بحسب تعبير فتيحة أنها جعلت اسم تاحرويت يعود إلى الواجهة من جديد.
وإضافة إلى جهودهما في التعريف بهذا الموروث الثقافي الأمازيغي وجعله في متناول الجميع، تعمل فتيحة ويحيى على خلق أثر اجتماعي ايجابي لمشروعهما عبر تكوين النساء وتمكينهن اقتصاديا، والدفع بهن للإبداع والابتكار في حرفة الحياكة والتطريز، بما يخدم التراث ويثمنه ويزيد من الطلب عليه.
جدير بالذكر أن الأمازيغ يشكلون نسبة مهمة مجموع سكان المغرب، ويعتبر لباس “تاحرويت” الأمازيغي أحد تمظهرات الثقافة الأمازيغية بمنطقة الجنوب الشرقي، وهو عبارة عن ثوب أسود اللون مطرز بزخارف ورموز بألوان متنوعة ترتديها النسوة قصد الزينة في المناسبات الإجتماعية في الجنوب الشرقي.
ويتشكل لباس تاحرويت من أدوات زينة تحمل رموزا ذات دلالة ورمزية ثقافية مهمة، وعل أبرزها “تازرزيت” أو الخلالة، والخميسة أو يد فاطمة، وحرف “ياز” (حرف الزاي باللغة العربية)، الذي يرمز لأبجدية تيفيناغ، والدملج وهي قطع الحلي دأبت النسوة أن ترفقنها بلباس تاحرويت، لتشكلن بها تعبيرا يعكس عمقاً فنياً يربط الماضي بالحاضر.
نتمنى لك التوفيق وهنيئا لك على الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والحضارية