القهوة هي أكثر بكثير من مجرد مشروب. إنها دعوة للحياة متنكرة في زي كوب من السائل الدافئ. انها جرس الاستيقاظ أو اليد التي تربت على كتفك بكل لطف لتقول لك: صباح الخير. والقهوة تجربة، عرض، طقوس، ذريعة جيدة للقاء الأصدقاء والأحبة. وتعد إيطاليا مسقط رأس “ثقافة القهوة” والمشروبات المرتبطة بها.
والقهوة جزء من الروتين العادي للعديد من الناس، لكنها بالنسبة للكتاب، والمبدعين على وجه الخصوص، تعد واحدة من لزومياتهم، ويفضل الكثير منهم المقاهي رغم الضوضاء المحيطة بها، بل هناك من يجد في ضوضاء المقاهي ما يفضي إلى الإدراك الخلاق.
كوب من القهوة يمكن أن يشعر المبدع بالإنتعاش، ويساعده على تدفق الإبداع، هذا ما يقوله العلم، فخلافا للاعتقاد الشائع أن القهوة قد تمنع الإبداع، تُظهر بحوث حديثة أننا حين نتناول القهوة فان الكافيين يذهب إلى الدماغ، وعندها تنشط الخلايا العصبية، وتبقي على شعورنا في حالة تأهب، ولهذا فالقهوة لا تزيد فقط من الطاقة لدينا، وإنما تساعد على قوة تركيزنا، وهذا هو السبب الذي يدفع الموظفين عادة إلى شرب فنجان من القهوة قبل بدء العمل.
والنظر في لائحة المبدعين يكشف عن طقوس القهوة لديهم، وكيف تلعب القهوة دورا مهما في إبداعهم، وربما لهذا السبب كانت القهوة دائما شرابهم المحبب، ففي مرحلة ما، يجب أن نضع القلم على الورق (أو الأصابع على لوحة المفاتيح، كما هو الحال الآن) وعندما نفعل ذلك، نريد أن نركز على المهمة التي أمامنا والتي قد لا نصل اليها إلا بعد فنجان من القهوة.
الفلاسفة أيضا لديهم طقوسهم وشعائرهم مع القهوة، وكانت بالنسبة لكثيرين منهم أعظم وقود لتشغيل عقولهم، وإنضاج جهودهم الفكرية، ويمكن أن نأخذ فولتير أبرز المفكرين الفرنسيين في القرن الـ 18 كمثال، فهو كان يستهلك في اليوم الواحد ما بين 40 و 50 كوبا من خليط الشوكولاته والقهوة، وقد عاش ثمانين عاما، رغم أن طبيبه حذره من أن قهوته الحبيبة اليه سوف تقتله. وقد أصبح صاحب “كانديد” أحد أبرز مدمني القهوة، والأكثر تعطشا لها في التاريخ.
الموسيقار يوهان سيباستيان باخ من المدمنين المشهورين على القهوة، وكان يجد في كوب القهوة سمفونية من النكهات، وكذلك الموسيقار العبقري بيتهوفن الذي كان مهووسا بقهوة الصباح لتعديل مزاجه. أما الفيلسوف الدنماركي سورين كيركيغارد فكان في حوزته 50 كوبا مختلفة الأشكال يختار منها كل يوم واحدا ليصب فيه قهوته السوداء، مع جبل من السكر يخرج عن حافة الكوب.
وثمة في اللائحة: الشاعر والناقد الأمريكي ت أس إليوت، والروائي الفرنسي بلزاك، ومواطنه المفكر والروائي البير كامو، والمخرج السينمائي الأمريكي ديفيد لينش، والشاعر والكاتب المسرحي الانجليزي كريستوفر فراي، والروائية الكندية مارغريت آتوود.
اما لائحة المبدعين العرب فأدعها للأصدقاء…
اترك تعليقا