تزخر مدينة الصويرة، خاصة بين أسوارها العتيقة، بأسواق متعددة الوظائف كسوق الغزل، وهو سوق يتكون من مجموعة من الحوانيت الصغيرة تباع فيها الأعشاب والتوابل، و سوق الحبوب الذي يعرف عند العامة ب “الرحبة”، وسوق “الجوطية” وهو عبارة عن ساحة صغيرة لبيع المواد المستعملة بالمزاد العلني، ثم “السوق الجديد” بوسط المدينة الذي يعد واحدا من المعالم التاريخية البارزة بالصويرة، له أربعة أبواب، يضم دكاكين صغيرة متصل بعضها ببعض، يمتد على طول واجهتي شارع الزرقطوني، يجتمع فيه الباعة بشكل تخصصي، منهم المختصون في بيع الملابس الرجالية، ومنهم المختصون في بيع ملابس الأطفال وآخرون في بيع ملابس النساء، وتلة أخرى مختصة في بيع العطور ومستلزمات الخياطة. يعرف هذا السوق العتيق، حركة نشيطة صباحا ومساءا بشكل دائم، يعتبر ممرا سياحيا رئيسيا إلى مختلف الأزقة والشوارع بالمدينة القديمة.
كانت الحركة التجارية في هذا السوق بسيطة وجد عادية حتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي، ولا تكاد مداخيل الرواج التجاري تكفي تجار السوق لتسديد واجبات الكراء وفواتير الكهرباء، فبالأحرى متطلبات المعيش اليومي. وكانت العلاقات مع ذلك،التي تجمع التجار فيما بينهم، جد حميمية كأنهم أفراد أسرة واحدة، كانوا دائمي التعاون والتآزر والتضامن فيما بينهم. ويحكي أحد قدماء التجار بهذا السوق، أن التجار كانوا يجتمعون كل يوم جمعة بالتناوب عند أحدهم بعد الصلاة لتناول الكسكس الصويري باللبن و”سبع خضاير”، ويفطرون في رمضان مرة في الأسبوع عند أمين التجار حيث يناقشون مشاكلهم ومطالبهم، ناهك عن عادة تبادل كؤوس الشاي المنعنع بعد عصر كل يوم، كان هذا الحي، يؤكد المصدر، مضرب المثل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، بعد ذلك بدأت الحركة التجارية تعرف قفزة نوعية وانتعاشا ملحوظا نتيجة للشهرة التي أضحت تتمتع بها مدينة الصويرة عقب المهرجان الأول للثقافة الكناوية سنة 1998، ومع توالي دورات المهرجان عرفت الصويرة توافد الأجانب عليها بشكل لافت ليس من اجل السياحة فقط بل من اجل الاستقرار بها خاصة بالمدينة العتيقة فالتجأوا إلى شراء منازل بها باثمنة مغرية من أجل ترميمها وتحويلها إلى مشاريع سياحية من النوع الصغير، ومنهم من اشترى بعض الدكاكين من أجل التجارة في التحف الفنية وغيرها.
هده الطفرة السياحية التي عرفتها مدينة الصويرة كان لها بالغ الأثر على مجمل العلاقات بين تجار مختلف الأسواق من ضمنها “سوق الجديد”، الذي عرف تغيرا جذريا في كل ما سبق ذكره، بدءا باختفاء التجار الذين اعتاد عليهم سكان المدينة، منهم من باع دكانه ومنهم من قضى نحبه، وظهور تجار آخرين احتلوا نفس الحوانيت معظهم غرباء عن المدينة، وانتهاءا باندثار ملموس لتلك العلاقات الطيبة والحميمية، كما اختفت الصينيات وكؤوس الشاي وحلت محلها قنينات المشروبات الغازية ، و يؤكد أحد التجار الشباب أن السوق أضحى سوقا “للبزنيس”، أما داكشي ديال التاريخ، راه مشا بالمرة مع ماليه”.
سهيل سامر – خريج برنامج الصحافيون الشباب لأجل إعلام ثقافي
بشراكة مع المركز الدولي للصحفيين ICFJ
اترك تعليقا