تعد الكفاية اللغوية من أهم الكفايات الأساسية التي يجب أن تتحقق في المتعلمات والمتعلمين خاصة بالمرحلة الابتدائية لضمان استمرارية التعلم لديهم في مستويات لاحقة، لكن من خلال الملاحظة الميدانية تبين أن عددا من المتعلمين انتقلوا من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية دون تملكهم لهذه الكفاية المطلوبة التي من أبرز أسسها ضبط المتعلم لعمليتي القراءة والكتابة، إذ تمكنه القراءة من اكتساب المعجم وفهم المقروء، والمعجم هو الآخر يؤهله للتعبير عن ما يروج في عوالمه، وبهذا يتوسط المعجم عمليتي القراءة والكتابة، الأمر الذي يغيب عند نسبة كبيرة من المتعلمين.
إن غياب هذه الكفاية ينتج عنه العديد من المشكلات التي تعوق استعمال المتعلمين للغة بالشكل المطلوب، ومنها استعمالهم “للغة العامية المغربية” في إنتاجاتهم الصفية كبديل للفراغ والمساحة التي يملأها الرصيد المعجمي العامي في عملية الإنتاج، خاصة وأن “العامية المغربية” تشغل الحيز الأكبر من الاستعمال، في مقابل ذلك لا تستعمل العربية الفصحى إلا في سياقات قليلة ومؤطرة؛ كالسياق التربوي داخل الفصل الذي يفرض توظيف اللغة العربية الفصحى على حساب العامية المغربية التي تنظم سياق التواصل بين الأفراد في محيطهم الاجتماعي بشكل عام، الأمر الذي ينعكس سلبا على عمليتي الاكتساب والاستيعاب اللغوي، وبالتالي عدم استعمال المتعلم للغة العربية الفصحى بشكلها السليم في إنتاجاته الفصلية سواء في تواصله الشفوي أو في خطاباته الكتابية حين يسمح له بالتعبير كتابيا في إحدى المهارات التي تنضوي تحت مكون التعبير والإنشاء. إذ يوظف المتعلمون “العامية المغربية” عن غير قصد ووعي منهم أن تلك المفردات أو الأساليب تندرج ضمن لغة الاستعمال اليومي، خاصة وأن هناك تقاطعات كثيرة بينهما. في ظل غياب مناعة قوية تسعف المتعلم على تصفية وتنقيح ما يتلقاه خاصة من “وسائل التواصل الاجتماعي” التي أصبحت تدخل في تواصل مباشر مع المتعلم، في ظل غياب مناعة تمكن المتعلم من الثقة في المكتسب اللغوي المتحقق لديه في المدرسة، ليتأثر بشكل مباشر باللغة المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، بأخطائها الصرفية، والنحوية والتركيبية، واللغوية، والأسلوبية… وما يكرس هذا القول فترة “covid 19 ” التي سهامت في تراجع عملية الاكتساب اللغوي وفتور الأداء عند المتعلمين.
إن المطلوب من رجال التعليم في هذه المرحلة التجند من أجل التصدي لهذه الظاهرة التي أصبحت تزداد عمقا يوما بعد يوم، وذلك بخلق سياقات تواصلية تثير حافزية التعلم لدى المتعلم، وتجعله أكثر رغبة ودافعية، بشكل يتجاوز به الطرائق التقليدية، ويتجه نحو تجريب: المسرحة، تفعيل مشاريع أندية المؤسسة، خلق أنشطة خارج مؤسساتية.
الحمري يوسف – مدينة سيدي قاسم
اترك تعليقا