طقوس شعرية تحتفي بالمرأة:
يحتفي الشاعر نور الدين بموضوع الحب والمرأة عموما في ديوانه الرائع الصادر في طبعته الثالثة عن دار عبور للنشر، وهي لازمة انسانية شعورية تجعل الإنسان يسبح في نشوة إحدى أعظم المشاعر التي تجعله يتمسك بالحياة كما يتمسك بالكرامة والحرية، فإذا كان نزار قباني شاعر سوريا الكبير، قد أدخل القصيدة إلى كل بيت عربي، ومعه الاحتفاء بالمرأة وموضوع الحب، فإن الوادي دعا إليه وأقبل عليه، إذ يوصي في مستهل كلماته به فيقول:
هو الحب…
أصابهم قبل أن يصيبنا
هم موتى
ونحن نحتضر مع الحب[1]
تجسيد انصهار الشاعر وتماهيه مع الحب إلى حد الاحتضار، فهو يحتضر والآخر ميت بعد أن أصابه، وسيأتي دوره ليموت أيضا، فيجعله بسيطا فقيرا ورجلا مثاليا يصلح لهذا النوع من الحب، “ومنذ أن اعتنقت عشقك ، وقبلت الهيام بك فأنا متوحد مع حريتك ، وأنا حليف لصلحك”[2].
“حب الناس نافلة من النوافل وأنا أتقرب بها إلى الله”
عبارة ختم بها شاعرنا الوادي مجموعته الشعرية، لخصت معاني شعريته المتدفقة، أما جلال الدين الرومي فيقول: ” وعندما يصير الليل مظلما، مع كل هذه اليقظة أقول للعشق : أسلب أيها العشق نومي.”[3]
أقول دعوا الحب يمر، دعوا القلب يفصح عما بداخله حتى يوصل مشاعره المكنونة في الأعماق، دعوا شاعرنا يفصح عن المرح والمحبة ومشاعر الود التي تسكنه وتنقله من فترة الشباب إلى فترة الطفولة يحاكي فيها الحب الأول، ويساير فيها الطيبة وبراءة الطفولة…
هذا هو الشعر الذي أراه حريا بالدراسة ، إنها معاني تجعل الشاعر يسبح في ملكوت التقديس والمحبة، محبة يغدقها على امرأة من وحي خياله الخصب ، وكأنه يساير بصوفية ملكوت الصوفية فيقتحم عليهم زهدهم وخلوتهم ويخطف ما حازوه من سبق، معتكفا في محراب الصبا يخرج من كلماته ودرره أفانين مزهرة تعد بالمزيد من الأسرار والمفاجآت التي تحيي وتسقي العقول ، وتؤنس القلب. .
تلك إذن شاعرية الشاعر نور الدين الوادي هي على شاطئ الحب ثملة: ” يا صاحب مائة حكاية، لقد تأخر الوقت بالسكارى فخذ المتاع والرهان رويدك إني ثمل”.[4]
يعالج الشاعر في القصائد التي استهل بها ديوانه تيمة الحب، ورؤيته للمرأة بشكل عام، وذاك التقارب المعنوي بينه وبينها، يصف نفسه بالدرويش، الذي يخلو إلى عزلته صوفيا منعزلا إلا من عشقها، ويؤثر لنفسه هذا العشق الأثير.:
أنا الدرويش…
أستمد لك الحياة من الله
ولا أطمع في أحد سواه
كوني في مستوى تصوفي
كي لا ينقصني
من فرائض عشقك شيء.[5]
تستحيل طقوس الحب فرائض يتعهدها الشاعر العاشق درويشا صوفيا متأملا في أسرار الأكوان والحياة مرتبطا بعشقه ذاك. ” والعشق عند الخواص نور عظيم قديم، وإن كان عند العوام مجرد صورة وشهوة”[6].
لحسن ايت بها – مدينة زاكورة
المصادر:
ـ دعوا الحب يمر ، نور الدين الوادي ، الطبعة 3، ، مطبعة عبور للنشر والتوزيع. 2023.
ـ ديوان العشق الإلهي، جلال الدين الرومي، الناشر ابداع للنشر والتوزيع 2020.
ـ ـ دعوا الحب يمر ، نور الدين الوادي ، الطبعة 3، ، مطبعة عبور للنشر والتوزيع. 2023.ص: 8[1]
ـ ديوان العشق الإلهي، جلال الدين الرومي، الناشر ابداع للنشر والتوزيع 2020. ص: 453 [2]
ـ العشق الإلهي، جلال الدين الرومي ، ص: 449[3]
ـ العشق الإلهي، جلال الدين الرومي 452[4]
أحسنت استاذي وافقك الله