– أنا شخصيا أجد الملل المحبط، والفشل، والفقر المذقع، بين طيات التحصيل الأكاديمي، يجعل الأكاديميون من العلم الممتع، علما ذو ظنك ونفور.
الدروس التي ندرسها في شتى اتجاهات العلوم والآداب من دراسات، أجدني بين جدارن الجامعة أو حتى أمام الدكتور، أدرس مادة محددة، فأحس بالظنك، وأحس بإحساس يجعلني أكاد أنهض من مكاني لأضرب الأستاذ، وحاشى أن أفعل ذلك، في حين أنني في المنزل، أو ربما في المقهى، أحمل كتابا يعالج موضوع مادة ما كنت قد درستها سابقا، أو لم أدرسها من قبل أبدا، ولا أحس بالملل ولا الضجر وأنا أطالع تلك المعلومات، بل بالعكس أجدني مستمتعا، أتناول الأوراق بسهولة وسلاسة، أطرح الأسئلة حين يستوجب الأمر ذلك، وأفهم تلقائيا الذي لا يحتاج لطرح أسئلة من أجل الفهم.
هذا جعلني أفكر في الفرق بين الأكاديمي والذي نتناوله عن طيب خاطر.
وجدت أن النفس البشرية صعبة الرضوخ وصعبة الإقناع، لن يستطيع الطالب إقناع نفسه أن المادة ممتعة، في حين أن الأستاذ يؤكد بشرحه وطريقة تلقينه للأفكار، أن الدرس ممل أشد الملل، قولي هذا لا يقلل من شأن الأستاذ وإنما يجسد إحتراما كاملا، وأعلم أن الأستاذ ليس بتلك الركاكة للدرجة التي تجعله يغضب أو ما شابه ذلك حول كلامي، أعلم علم اليقين أن الأستاذ كفؤ، ولو لم يكن كذلك لما كان بمكانه ذاك، لكنني أيضا أعترف بالجديد والقديم، أقصد اختلاف النشأة أو التربية.
الأستاذ حتما من المدرسة القديمة، الأساس العتيق الذي لا نزوح عنه، لكن الطالب هو المستقبل المبهر والذي لا نزوح عنه أيضا، فيجب على الأستاذ إدراك التجليات القائمة عليها شخوص الطلبة، أقصد الشخوص الواعية، يجب عليه أن يدرك الفرق الدقيق والخفي بين المدرسة القديمة والجديدة،
الطالب يعترف بضعفه، لكن ما ينكره هو أن الأستاذ هو المحور الأساس في فشله ذاك، هذا لا يعني أن للأستاذ قصدا في أذية الطالب باستثناء بعض الحالات التي تتعلق بحمل المواقف الشخصية، هذا بعيد عنا فلنتركه جانبا الأن.
وأهم ما أراه سببا في التدهور، وإنتاج الآلات الأكاديمية، هو عدم إدراك كل من الطالب والأستاذ، لمعنى فوارق الأزمنة، والطبقات الإجتماعية، حيت أن الأستاذ يمشي مع ما تستويه ذاته، في علاقته مع الطلبة، كتعامل، وتخطيط للدروس، وتصحيح امتحانات والخ..
الأستاذ من طبقة بورجوازية ولا يمكننا أن نستبعد هذا أو ننكره، ورغم إمكانيته وكفائته النظرية، إلا أنه قد لا يستوفي الشروط التي تمكنه من إدراك الفارق الطبقي، وتأثيراته، وعوامله المحيطة به، وتغييرها بما يناسب التعادل و الإنسجام مع الطالب ربما هذا راجع إلى كونه قد تلقى تكوينا فيما يخص تخصصه فقط، وربما ما حصله في تلك السنوات من هوامش الأكاديمي ليس كافيا.
وفي الجهة الأخرى فالطالب كذلك قد لا يستوفي الشروط اللازمة من أجل كسب الوعي اللازملإدراك الفارق الطبقي، من خلال الإطلال على نافذة تأثير الفارق الطبقي على علاقة الأستاذ بالطالب والعكس.
الطالب من مجتمع بروليتاري بامتياز، والأستاذ من مجتمع بورجوازي بامتياز، يلتقيان في وسط جامعي راقي، ومن أهم قواعده، الإنسلاخ عن الأنا بشكل كلي، من أجل خلق التعادل بين الطبقتين، ودثر الأثر الطبقي على علاقة لأستاذ بالطالب، وأقصد في مجمل كلامي، العلاقة المعرفية بما فيها الأكاديمي وغيره.
وحديثي هذا لا تنطبق عليه قواعد المطلق أو الشمولي في شتى تفصيلاته وجزئياته.
ثم كإشارة، نحن الطلبة نحترم الأستاذ، والأستاذ يحترمنا، سوء الإدراك أظحى سببا في خلق سوء فهم، وكذلك خلق معادلة صعبة الحل، تكمن في دهاليز تصحيح الإمتحانات، تلك الدهاليز التي لا يعرف خباياها أحظ، وبالتالي يتخلف عن هذا آلات بشرية، وأمراض نفسية، تعادل صعوبة تلك المعادلة، أو ربما تتجاوزها.
عصام زروالي – مدينة فاس
اترك تعليقا