إلى م.ض الذي اختطفه الموت
في غفلة عن أحبته وأصدقائه.
التقيا ذات مساء قرب قاعة السينما الوحيدة الموجودة ببلدتهم. تعانقا بحرارة بعد فترة من الفراق والبعاد.
دلفا إلى مدخل القاعة. شرعا يحدقان في الملصق الكبير المؤثث بصور الفيلمين المعروضين. اتفقا على مشاهدتهما فولجا إلى الداخل بعد أن استخلصا الورقتين من الصندوق.
أخذا مكانهما. كانت الأضواء ما تفتأ مشتعلة لأنه ما زال هناك وقت على بداية الفيلم الأول.
استغلا الفرصة للانخراط في حديث عن مستجدات وضعهما الراهن الموسوم بانشغالهما في التفكير بتعيينهما الجديد بعد أن أنهيا مرحلة التكوين بمركز التعليم.
ــ لا أعرف لماذا تأخر الإعلان عن التعيينات الجديدة؟
ــ مر أسبوع على الموعد المحدد.
ــ أسبوع تفاقمت فيه حدة الهواجس، وارتفع منسوب التوقعات المريبة.
ــ استعد للاشتغال في مناطق نائية محفوفة بإكراهات ضنك الحياة من انعدام الحد الأدنى لشروط العيش كالماء والكهرباء، وأحيانا العزلة القسرية التي تحتمها صعوبة المسالك…
توقف الحوار بينهما عند بداية الفيلم الأول. انتقلا بعدها لمتابعة الفيلم الثاني عقب استراحة قصيرة استغلاها للحديث في مواضيع مختلفة تهم الأدب والرياضة وأوضاع بلدتهما…عند انتهاء الفيلم الثاني افترقا ولم يلتقيا إلا بعد أكثر من عشر سنوات خلال إحدى العطل المدرسية تجاذبا أطراف حديث مقتضب عن بعض شؤون التعليم وهمومه، وراهن مدينتهما التي ترزح تحت وطأة الجمود والتقهقرعلى مستوى التنمية والتطورمما حولها إلى حاضرة بئيسة لا تغري بالإقامة والاستقرار…
كثيرا ما تحضره صورة صديقه الذي امتدت خيوط القطيعة بينهما مرة أخرى لأمد طويل، ممنيا النفس بلقائه متى سنحت الصدفة بذلك. إلى أن اطلع على خبر وفاته بصفحته على ” الفايس” عقب تدهور حالته الصحية بخضوعه لعملية تصفية الكلي، وفقدانه للبصر. خبر أشاع في دواخله حزنا غامرا وشجنا مريرا مستسلما، في حسرة وأسى لشريط من صور ومشاهد جمعتهما ذات أوقات تنضح حماسا وتوقا وشغفا.
عبد النبي بزاز – مدينة مكناس
اترك تعليقا