لقد كانت ليلة حالكة، ظلماء لا يظهر منها سوى ضوء القمر المختبئ خلف الجبال.
جلست على حافة الجبل كعادتي، اختليت بنفسي ومع نفسي بعد أن ضاقت بي الحياة. أتأمل تارة في السفح حيث صوت الوادي، وكأنه نغمة موسيقية وتارة أخرى أنظر إلى القمر والنجوم التي تتراقص حوله، وفي سهو مني أغمض عيني الحزينتين لأجد صور حياتي كاملة تمر أمام عيني خلال ثواني قصيرة.
رفعت نظري للسماء أخذت نفسا عميقا وأخرجت زفيره كاللهب. تذكرت عندما أخبرتني إحدى صديقاتي ذات مرة أن الحياة كالقطار، لا يتوقف إلا في محطات محددة، ويكمل طريقه غير مكترث بمن خلفه. وها أنا اليوم أشاهد قطار حياتي يسير بسرعة جنونية منذ أن تخلفت عن موعدي معه غير قادرة على اللحاق به.
أجر من خلفي أحلامي، وأحمل في يدي اليمنى حظي الذي أصابه المرض منذ مدة طويلة وأضحى عليلا، وفي يدي اليسرى ذكرياتي وتجاربي المليئة بالإنكسار والألم. ذلك الألم الطويل والبطيء الذي أحترق به على ما يشبه نارا هادئة. في تلك اللحظة شعرت بأنني وصلت إلى خط النهاية، أشعر بأني اقتنعت رغما عني بتسليم أوراقي ورفع رايتي الصفراء البالية المهترئة.
فجأة يأتيني طير يرفرف بجناحيه من حولي يرسل لي شعاع من الأمل، فقد قيل عنه “الأمل ينام كالدب بين ضلوعنا منتظراُ الربيع لينهض”.
خديجة الياسيني – مدينة تارودانت
اترك تعليقا