بدأ الروائيون العرب والمغاربة ينتقلون من كتابة الرواية السهلة ذات المنحى الكلاسيكي والتقليدي، لتجريب تقنيات جديدة، وصلتنا عن طريق الترجمة وألقى بها المترجمون إلينا من عوالم ما وراء البحار، فجاءتنا غريبة ك غرابة أصحابها، فكان أن اتسم هذا التحول بتدشين الرواية الطويلة التي تتجاوز خمسمائة صفحة، مع بلوغ التعقيد في الحبكة، والوصول بها للمتاهات، محاكاة للروائع العالمية،والأعمال الخالدة، مثل أعمال شكسبير و الأوديسا و الإلياذة لهوميروس وأعمال الروس.
إن هذا التطور الذي عرفته الرواية يدل على النضج الذي وصل إليه هؤلاء، وهم يعلنون ثورة جديدة في هذا الجنس الأدبي الشاسع والخصب. وهم يدعون القارئ لاستخدام عقله وإعماله، بغية فهم مضامين العمل الأدبي، أي أن يمتلك القارئ ثقافة عالية تؤهله للسباحة في هذا الميدان، وإلا فما تفسير تلك الشذرات والافتتاحيات التي تصدم القارئ منذ أول صفحة، وتدعوه رغما عنه لأن يرتمي في زمرة الذين كتب عليهم شقاء الحرف، أو الذين يجعلون من أنفسهم دودة يلتهمون الروايات في نهم شديد.
إن الرواية العربية والمغربية قطعت أشواطا إضافية ستجعل من الناقد مستقبلا يتحفظ على قراءته لأي عمل، إلا بعد اطلاعه على المصادر و المراجع الغربية، التي تؤهله لقراءة العمل الأدبي. ومدارسته دراسة تليق به. ليضعه في حجمه الحقيقي، أو يميزه عن غيره ويظهر جماليته.
كما أن الرواية العربية والمغربية تحاول تجاوز المأزق الذي وقع فيه مترجمو الأعمال الأدبية، وهم مأخوذون بغمرة تجاربهم في الترجمة، فيصيبون القارئ بالدوار، للاختلاف الواضح بين النسخ، وقد يصل الأمر إلى التباين في العناوين. عن طريق تكوين جنس أدبي أصيل، بتقنيات حداثية وأفكار معاصرة، تنتصر لمبدأ الجدة و العصرنة وتتلاءم مع خصوصيات جنس الرواية.
أنها وصلت أقصى مراحل التجريب، فساعدها تغيير جلدها وتمردها على تكوين خصوصية ستثري هذا الجنس وتجعله في مصاف الأجناس الأدبية القابل للتجديد كما كان، بل هو عصي عن تكوين رؤية واحدة خاصة كما وقع للشعر العربي الحديث الذي ساهم في تقويضه أهله، وهم يشددون على خصائصه، فوقع أسيرا لقيود أصحابه، وعجز عن تكوين رؤى جديدة قابلة للتغير والتكيف مع قضايا العصر، بل أصبح مثيرا للشفقة ومحصورا في أربعة زنازين مظلمة هي : شعر المدينة والغربة والمقاومة والرفض أو اليأس. …..
الحسين ايت بها – مدينة زاكورة
اترك تعليقا