الساعة الواحدة الا ربع ، اجلس جنب الدار رفقة بعض القطط المتشردة ، التي اعتادت زيارة بيتنا ، لكونها وجدت فيه قمامة طرية ، غنية بما تشتهيه نفسها ، قطة تلاعب اخرى ، تمشي وتتوقف لحظة تنظر إلي ، انظر اليها ، ابتسم لها، اخاطبها قائلة لها ؛هل شبعت ..ان بيتنا سفينة تزهر كل موسم حصاد ، احمل هاتفي والشمس تبعث لي شعاعها الذهبي اللامع ، عينياي مغمضتين ، من شدة قسوة الشمس ، لكنها ليست مؤلمة ، بل دافئة ..افتح الهاتف ، اتصفح بعض المواقع ، ثم اغلقه ، انظر الى ما حولي ،نخلتا عمي احمد تقفان صامدتان مذ امد بعيد ، وكل عام حين ياتي موسم الزرع ، والحرث تبقى منتصبة ، كأنها تفرض وجودها على الكل انها تذكرني بقريتي ، حيث يكثر بها النخيل ، لانني ىم ازرها زهاء ثمنية اشهر،لي لها حنين لا يوصف ، وشوق لتجارب ولت ولن تعد واخرى مازلت انتظرها ،ومغارمات جنونية في الحقول مع ابناء اعمامي ..
في الحقيقة لا ادري ما حل بأهل قريتي ، ربما تزوجت فتيات وهذا مؤكد، وعادت اخريات مطلقات وهذا وارد ، فألف ثعبان يقصف بهن ..
يبدو لي ان الجو اليوم جميل يحتاج فقط الى خيمة وحشية تظللني من قطرات الشمس التي تذيب جسدي الشبه العاري ، افتح الهاتف مرة أخرى ، هجوم استهدفني من الواتساب ، ما هذا ! قبل قليل كان الجو معتدل ، صاف بداخله ( الواتساب) ادخل لكي اتفقد ما يقع ، فاكتشف ان احداهن خانت ، وهو مسكين موجع ، يتألم ، لم يجد صدرا واسعا يحتويه غيري فلقد إعتاد هذا الصديق العربيد أن يروي لي قصصه الغرامية مع كل فتاة يعاشرها ، وكل فتاة احبها سرا ،او جهرا ،الا واعلم تفاصيلها ،اكاد احيانا وانا أتأمل هذه الحكايات اتالم و اسمع قلبي يئن ، الكل يعيش هيجان عاطفي وهيام ، ، وقد يحيى وقد يموت نتيجة هذا الحب ، وانت يا فتاة تموتين وتغثالين في مشاعرك يا غبية دون حب ، دون كره ، فلولا ترددي ، لولا حزني ، لولا شعوري الكئيب ، لولا عالمي الفتي. ولولا أوراق اشجاري الباهت ، لأحبيت احدهم ، لكن ربما هذا قدري ، مشاعري موصودة وربما الى الابد ،وعظام قلبي علاها للصدأ ..
لقد تزوجت ، ماذا افعل ، اهكذا ساعيش مع هذا الحب المستحيل !! هكذا بعث لي الرسالة ،لم اجد شيئا لاقوله له !فماذا عساي ان اقول ؟ انني اعاني من شح معرفي في هذا المجال ( الحب ) ، لكني ساحاول قول شيئا ما. لكي اتفاعل معه على الاقل !
قلت له بعض الكلمات التي لا معنى لها ..
فاجابني : هل المواساة حررت وطنا يوما ..
تناديني امي يا فتاة لم تتعب بعد ، ان شمس الخريف ممرضة ، ادخل كفاك من عادتك الخبيثة هذه ، ستمرضين وسامرض معك ، انك تتعبينني بشغبك ،.. اغلق هاتفي الملعون واضع اول خطوة تجاه البيت ، اقف امام عتبته، اسمعه يصرخ ، يرتفع صوته درجة درجة ، حتى يبلغ الى مسمعي صوته المزعج. انه كثير الصراخ ، يرفع صوته بلا أدنى احترام. انه وقح للغاية ، احيانا ارغب في طرده من البيت ، لكن للاسف لا سلطة لي ،فجبروته مهيمن ، ويفرض سطوته ، ليتني ما دخلت الى البيت ، فحرارة الشمس احلى وامتع بالنسبة لي من حرارة جونا العائلي الممطر ، فكرت ان ابتسم للنوم ، ساغازله ساعة ساعة لعله يستسلم ، اتمدد فوق أريكة من الاسمنت ، ترقص عنياي من شدة التعب ، اغرق في ثقوب السقف الذي لا يشيخ ، تسكنني رغبة في البكاء ، افكاري لم تنضج بعد ، مازالت تترعرع بين احضان البؤس الذي مازال من الأمينات التي اودها ان تزول الى الابد ، سأنام ، سأسترخ ، سأتقلب يمينا و شمالا ، بحثا عن الراحة ، أتعلم يا فؤادي ان الشجن يبحث عن فرصة لكي ينصهر دموعا …اجيبه ؛ ا علم ان ينابيع الدموع تخاف من ان تلام ، لكن متى ستخضر خدودي يا ترى بعد ان تسقيها مياه البؤس الغزيرة ، لن يحدث ذلك في انتظار قصة حب ماجوسية ( عبد الرحمن منيف ) ..
خديجة بن ميك – مدينة مراكش
اترك تعليقا