لم تعد الحروف تسعفني للبوح على أوتار العود بشكل سليم. تلاشى إيقاع حروفي وتمزق خيط العود ولا أظن أن إيقاعي بوسعه أن يميز بين نغمات الحروف الأخرى.
سقطت أوراقي من على حافة الأرض ولا أستطيع مد يدي إليها، أما صوتي آنقطع إيقاعه ، وبحبحتي تعطلت بتراكم الحروف العالقة .
آنعدم بوحي لأغاني الحزن، لطالما كنت أعزف للفرح. وبعدها تركت كل شيء ولم يعد بوسعي الغناء، أصبح يبدو لناظري أنه وهم آرتكبته لأسلي نفسي وبقية الناس، لطالما تظاهرت بالفرح المعدوم.
أحتاج أولا كوبا من الماء، حروفي عطشى وجافة.
هل لي باستراحة قليلا. أظن انني كنت طريح الفراش منذ يومين، إنني أتخيل نفسي هناك جالسا أعزف على الأوتار الغلط . هل يتغير إيقاعي يوما ويعود صوتي إلى طبيعته.
هل أعزف على أوتار الحزن هذه المرة، ربما ا
آرتكبت ما يكفي من الفرح..
عندما قررت أن أسافر، لأجل أغنيتي الجديدة. قررت أيضا أن أترك معي كل آلامي هناك ،أن ألقي ببعض أحزاني المرة في هامش الممكن ،وأنا في طريقي أحسست أن هناك فسحة أمل في كل مكان .
والأمل هو الوحيد الذي يبعث فينا الحياة من جديد .
أحيانا إذ لم يكن دائما، فالأشياء اللامرئية تستطيع وبشكل كبير أن تخلق الحياة في المرئي المعاش ،أو ببساطة في الواقع المعيش.
وأنا بالذات،،كم أشعر أن اللامرئي الذي ينبعث من الموسيقى هو الذي يجددني كل مرة ،ويبعث الحياة بداخلي. عكس الإنسان الذي لطالما يلقيك القدر ببشر تكاد تقتل فيك ذلك الإحساس المضاد ،إذ أن تدخل المناعة أكبر من ان تقاوم ذلك.
أما تلك الاشياء المحسوسة اللامرئية سرعان ما تكون منعدمة وتنعدم عندما تدرك أن الإنسان الذي تكونه بداخلك لم يعد كما تريد أن يكون .
إنها عكس العاطفة ،فهذه الاخيرة عدوة الانسان اللامتناهية ،فكل ذلك الشعور الذي يشبه الأمل والحب هي ما فوق كل ما هو عاطفي ،وكأنه شعور سماوي إلهي.
إذا قلنا أن العاطفة قد تميت الانسان،فذلك الإحساس باللامرئي هي محياها، وأنا مرتبط ارتباطا وثيقا به ،وهو ما يشعرني انني حقا أنا ولست أحدا آخر. ذلك الآخر الجحيمي الذي لا يشعر ولا يحس امام كل التحولات الخارجية .
وهكذا ألقيت بكل شيء وراءي ،وفتحت فسحة جديدة ،صفحة أخرى فيها أطلق العنان.
لا شيء يستحق أن نكترث لأجله.لا شيء يستحق العناء سوى طرح موسيقي جديد. وكما قال نيتشه، الحياة دون موسيقى خطيئة.
عائشة مرهوني – تنجداد، الرشيدية
جميل جدا. موفقة إنشاء الله.