منزل صغير، يستعمره أثاث قديم مزركش، تشعرك ألوانه بفرح الربيع ونشوة السعادة، ودفء الشمس، و رائحة عائلته. أتذكر يوم زرتها في منزلها، علقت تلك الرائحة في أنفي، لم تغادرني أبدا.
ذات يوم ونحن في طريقنا للعمل، وكعادتنا نلتقي ونتمشى سوية، سقط وشاحها على الأرض وهي تحاول أخذ محفظتها لتشتري قنينة ماء – فدائما ما كانت تعتبرني غريبا فيما يخص الماديات – حملته من على الأرض، وعلى سبيل المزاح وضعته على عنقي وحاولت تقليدها، فابتسامتها تحيي فيّ شيئا طفولياً. وأنا أعيده لها، سألتها :
– هاجر، رائحة وشاحك غريبة ؟
– كيف ؟ ماذا ؟ أتقول بأن رائحتي ليست جميلة !!
– لماذا تأخذين دائما الأمور على عكسها، بل أقصد جميلة، إنها كرائحة منزلكم يوم قمت بزيارتكم، أي نوع من العطور تستخدمينه كمعطر منزلي و عطر لملابسك ؟
– لا أستعمل أي عطر ..
أخذت الوشاح وقامت بشمه، ثم أردفت :
– لا أشم أي رائحة، أظنك تتهيئ .. هيا لقد تأخرنا ..
حينها فقط كانت المرة الأولى والأخيرة التي أشم فيها رائحة عائلة ..
هي لاتحب الزهور، ولا اللون الوردي أو الزهري، هي لا تحب الشوكولاته، ولا فصل الصيف. ذات يوم ونحن نناقش الأمر ذاته، سألتها :
– أي نوع من الإناث أنت أخبريني، لما لا تحبين الزهور ؟ أظن بأنها أكثر هدية رومانسية تقدمها لفتاة ..
– إنهن جاهلات، ما فائدة الزهور و ٱخرها الذبول، ماذا سأستفيد منها كوني فتاة ؟
– ستشمين رائحتها، و تتمتعين بمنظرها، وتصورينها وتضعينها سطوري على مواقع التواصل الاجتماعي لتغيضي بها صديقاتك ها ها ها
– أفضل إذا باقة من الأكل، سأشم رائحتها، وأتمتع بمنظرها، وأصورها وأشاركها ، وٱكلها يامي يامي ..
– أنت تافهة على فكرة، غيري اسمك إذا أيتها الزهرة
– اسمي من الهجرة يا ذكي يا عالم، لا علاقة له بالزهور .
– ( متعجبا ومستهزءا )، ماذاااا ؟؟ هههه ألا تعلمين المعنى الحقيقي لاسمك !
– أعلم هو من هجر يهاجر مهاجر ، وأنا هاجر .
– لا يا ذكية، هاجر هي زهر اللوتس .
– ( مستغربة ) حقا !!
– (مستهزءا) من فضلك هاجري من أمامي فلا أصدق بأنك في عمر الخامسة والعشرين ولا تعلمين المعنى الحقيقي لاسمك .
– حقا لم أكن أعلم، امممم زهرة اللوتس إذا ..
– الآن ستحبين الزهور يا لوتس !
– سأحب نوعا واحدا من الزهور، وهو أنا ..
هاجر الصبيري – مدينة الدار البيضاء
اترك تعليقا