على بعد كيلومترات من مدينة أكادير، ستعثر على مجمعات سكنية متفرقة منتصبة القامة في جبل آلما، قبل وصولك لمنتج سياحي بسيط “عين سخونة”، تصادفك خيمات لرعاة الأغنام متفرقة على طول الطريق، عيش وسط غابة موحشة، لا حياة فيها، باستثناء الكلأ اليابس، قبة تتراءى لك من بعيد تعود لوالي صالح، يحيط به نخيل مات واقفا، في سفح الجبل.
فضول دفع راعي غنم الى سؤالنا عن وجهتنا، فأجبناه باقتضاب “عين سخونة” ، فلم يتردد في تقديم لمحة سريعة عن المنطقة وأهلها ومرافقها من مقاهي ومآوي سياحية ومحطة لركن السيارات والدراجات النارية، تقدمنا بشكره وتابعنا مسيرنا نحو الوجهة المنشودة.
أخيرا وصلنا لتلك البقعة الخضراء على حافة واد، ماء ساخن يخرج من أنبوب، الأمر جعل مرافقي يتعجب من عظيم قدرة الله في خلق الكون، كيف لماء ساخن يخرج من بطن الأرض.
لكل مآربه ونجواه من زيارتها (عين سخونة) منهم قصدها لسياحة والاستجمام، ومنهم طلبا لشفاء من داء التهاب المفاصل “روماتيزم”، أو طلبا لشيء آخر.
كانت لي فرصة لا تعوض لخلق سكينة وما بعدها سكينة في حضرة عظمة الجبال وخضرة ضفاف الواد وزرقة السماء وهواء نقي طغت عليه السخنة، فتدفقت علي اسراب من الافكار من باب الذاكرة، وتمثَّلت أمامي صور لمشاهد حياتي، تدفقت دمعة من عيني على ما مضى من أخطاء، وما سيأتي من مجهول، هواجس المستقبل أفسدت علي يومي ومتعة الطبيعة وتلك السكينة التي غمرت نفسي بعد برهة من وصولي.
في تلك الخلوة تسللت لخاطري اسئلة وجودية، لقد اكتويت بنار اخطاء الماضي جعلتني أكره الحياة، فدفعت ثمن ذلك غاليا، الآن أقف عند بوابة اللاشيء، مستقبل بلا ملامح، أهداف بعيدة المنال وسط زخم من الأفكار في صراع دائم من أجل فوز في معركة الوعي.
حل المساء وسلكنا طريقا مختصرا للعودة لصخب المدينة ورفاهيتها، أمسى جسدي منهكا ومتعبا ، خيل لي بأن “طريقي طويل بلا نهاية …”، ولا أظنه بخيال…
كمال العود – مدينة تارودانت
فاعل جمعوي، مهتم بالقضايا التربوية، الثقافية، والاجتماعية، والأدبية، والحقوقية…
اترك تعليقا