عبدالاله ماهل يكتب: كورونا…عقد اجتماعي جديد

16 سبتمبر 2020
حارت السلطة في أمرها وأصبح، مصيرها على كف عفريت. لا تكاد تقف على رجليها حتى تهوى أرضا، وكأن شبح الإفلاس يطاردها، ولا سبيل لها لمواصلة إدارة الشأن العام سوى التمسك بالسلطة، لا طمعا فيها، وإنما تخوفها من ذلك الفراغ السياسي الذي قد يحدث شرخا -لا قدر الله- وما يجره عليها من تبعات، وفوضى عارمة قد تعصف لا محالة بالسلم الإجتماعي.
فلا الوباء حدت من انتشاره، وأوجدت المصل المناسب للتصدي إليه. ولا الساكنة استطاعت كبح جماحها، وتطويعها على حجر صحي، وتباعد اجتماعي، وما يتطلب هذا وذاك من نظافة وكمامة.
تمة جائحة قاتلة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، أتت ومن دون خلق الله على الجنس البشري برمته؛ فمن أصابته استعجلت بموته، ومن أخطأته أمهلته ليعمر الى حين.
وأمام هذا الخطر المحدق، لم تجد السلطة من آليات لديها إلا المقاربة الأمنية، واللغة الخشبية التي دأبت عليها اقتداءا بالسلف، لعل التخويف والترهيب يكفيها؛ لتطويع ساكنة لا تستطيع مع الجوع صبرا.
نزلت بكل ثقلها إلى الشوارع؛ ظنا منها أن ترسانتها البشرية التي دججتها بأحدث عدة وعتاد، قد تأتي أكلها لكن هيهات ثم هيهات؛ وكأن الوباء والساكنة تظافرت جهودهما، ولم يتركا لها أي حظ أو مجال للمناورة.
انعقدت الاجتماعات الطارئة، والمشاورات المارطونية؛ لتسفر على قرار مخز وصادم: ألا وهو التعايش مع الوباء لا أقل أو أكثر.
أما الساكنة فلم تجد لها من سبيل؛ فكانت ثورة الجياع أشد ضراوة عليها من وقع الوباء.
لم يجديها نفعا سياساتها التي غالبا ما تتمحور حول فكرة ماكيافيل: فرق تسود؛ فكرت مليا، وطرحت عدة سيناريوهات؛ لترتد في نهاية المطاف عن ذلك الخطاب الفوقي، وتعمد صاغرة إلى الخطاب التحتي وتنحى، مكرهة لا راضية، منحى المجتمع المدني؛ لتتدرع بسنديكي التجمعات السكنية، وعرابي العائلات…
ليبدأ صبح جديد، بعقد اجتماعي جديد؛ من خلاله توافق الحاكم والمحكوم على اللعب من جديد…
 
عبدالاله ماهل – مدينة الدار البيضاء

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :