عبدالاله ماهل يكتب: كورونا…ملائكة الرحمة

28 مايو 2020

وهو يرى المنايا، خبط عشواء، فمن تصبه ترديه قتيلا، ومن تخطئه، تعديه وتمهله إلى حين.
مكرها لا راضيا، انخرط في معركة حامية، في مواجهة وباء قاتل لايرحم، بدأ متخغيا في أقاصي الأرض، إلا أنه سرعان ما تفشى هنا وهناك، وحصد من الأرواح ما لا يطاق، فوضع البشرية أمام المحك، ولأول مرة ،جعلهم وعلى قلب رجل واحد يتآزرون، ينؤون عن الخلافات ويتحدون ضد هذا العدو المشترك…
إلا أن معركته هاته، لم تلهيه عن أسرته.
خاف على نفسه أن تمتد إليه يد المنون، دون أن يتملى بدفء أسرته، التي غاب عنها مدة طويلة، افتقد من خلالها زوجته وبناته.
وهنا، وجد نفسه أمام اختيار صعب:أسرته أم مرضاه، هما أمران أحلاهما مر.
وذات يوم، لم يدر إلا وهو خارج مبنى المشفى، يشق طريقه نحو أسرته.
وما أن صار على مقربة من البيت، حتى انفتح له الباب، وكأن الأسرة وعن بعد استشعرت بحسه.
انتصبت الزوجة واقفة، والدمع ملأ عينيها، حاشت عنه البنات وحالت دون تخطيهم عتبة الباب.
طنطنت على مسامعه كلمة بابا، إلا أنه لم يتجرأ على الإقتراب منهم، وظل يرقبهم من بعيد.
تسمر مكانه ولم ينبس ببنت شفة، ونابت النظرات عن ما تكنه المشاعر، من شوق وحنين.
لم يشأ أن يفسد عنهم خلوتهم الصحية، ومخافة أن يسقط في المحظور، عاد أدراجه من حيت أتى.
انغمس في العمل وعن آخره، شأنه في ذلك شأن باقي الطواقم الصحية، الذين تنكروا لذواتهم، وفي خندق واحد، واضعين نصب أعينهم المصاب أولا، ولا شيء غير المصاب، من دون خوف أو تراجع.
وكلهم عزم وإصرار، على مواصلة النضال، ضد هذا الفيروس الغاشم القاتل، الذي لم ينفع معه لا تعقيم ولا حالة طواريء.
يسعدون أيما سعادة، اذا شفي مصاب، وينعون بكل أسى وحزن، كل من أتى عليه الوباء وأرداه قتيلا.
مما جعلهم يستحقون وعن جدارة أعلى وسام، فنعم البطل… وطوبى للشهيد.
ولا عزاء لهم سوى الإنتظار الإنتظار ، فالمضاد الحيوي مازال قيد البحث والدراسة، والأمل كل الأمل معقود على فصل الصيف وحرارة الصيف، لعلها تحد من حدة الفيروس،
ولو لحين…
وكأننا أمام استراحة محارب…

عبدالاله ماهل – مدينة الدارالبيضاء

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :