خديجة الإدريسي تكتب: الرحيل 

25 مايو 2020

 


أريد الرحيل بعد طلوع الشمس قبل المغيب
بنار الحنين أريد الرحيل
أريد الرحيل حيث لا يباع ويشترى العبيد
أريد الرحيل بعيدا عن الجميع
لا أدري هل المشكل في الزمان
أم ما يحدث ليس متعلقا سوى بالمكان
سأجرب ، سأبحر إلى مكان بعيد
سأصعد على متن السفينة
و أرحل من أرض العابرين
إلى أرض الثابتين الخالدين

أريد الرحيل إلى عالم لا وجود فيه للأحلام و الوسادة
إلى عالم يأمن جميع أشكال السعادة
أريد كسر هذه الأبادة بدون قلادة
أريد تبديل كل عادة
لأجعلها إرادة زيادة
لسنا مجبرين على العبادة

أعتذر يا فيلسوف الحب
سأغتصب الحب ، سأجعله يحتضر
كم كنت وفيا يا حب فلا نفع ولا فرق
كم تألم قلبي من أفعالهم و احترق
لا تلوموني على فراق لاح في الأفق
فالبقاء و الرحيل أمران مستويان
بعد الرحيل لا نعاني الحرمان
و بعد اللقاء لا تنطفئ نار البركان

سأكتب على أبواب مدينتي
لا يدخلها إلا العشاق
أنا و أنت و بعض الأشواق
بقايا حضن وآثار الإحتراق
أتوارى في ثراه….
لا يهمني الإذغان أم العصيان
الأرض احترقت والأشجار و الورود
اختنقت الألحان بحطم العود

سأطوي هذا الطريق الطويل
سأعانق حلمي الجميل،برحيلي إلى بعيد
فما عادت الأشياء تشبهني
ماعاد قلبي يتسع لمزيد من المنافقين
لست بالضعيف ، لكني قررت الرحيل
سأترك المساحات خلفي لكل المخادعين

رحيلي صوت
رحيلي وجود
رحيلي عتاب
الحياة خدعتني
والأقدار لم تنصفني فظلمتني
الفرح أبكاني
و الحزن رافقني
الصديق خدعني
الحبيب هجرني
الأيام لم ترحمني
أهلكت عاتقي ، بنار الحنين
أريد الرحيل
حروفي تتكسر
وسط الطوفان غريقة
كن منصفا أيها الإله
فهنا الأرواح متعبة معذبة
و الرحيل ليس حلا لأحباب الأرواح الغائرة

من سلامٍ ، إلى سلامٍ ، إلى سلامٍ
أريد السلام
أريد السلام
أريد الصعود إلى السماء
و كسر كل الأحلام
لا مزيد من الفقد
لا مزيد من الحزن
فقد سئمت الآلام
أريد السكون
أريد حضن أمي الحنون
و عطف أبي المجنون
هذا العالم ما يستحق الوجود
كأنه مرعب مسموم مشئوم

أريد الهروب من النار إلى دار الأبرار
لا شيء يجدي في زمن الإنتظار
سأسافر وسط هبوب الرياح
و صفيع الأمطار
لقد اتخذت القرار
سأتحدي الأقدار
لا أدري إلى أين المشوار
لكني سئمت من الأشرار

أنا السؤال أنا الجواب
أنا الفرح أنا العذاب
أنا الجرح الذي طاب
أنا القلب الذي شاب
أنا الخطأ أنا الصواب
أنا الفيض أنا السراب
أنا الماكر أفوق الذئاب

لماذا يخفون خبر الوفاة
يزعمون أني على قيد الحياة
كل ما أريد لَحْد
يحميني من شتات هذه الفتاة
برب السماء ،سأغادر هذا الزمان
حتى الوصول إلى محطتي الأخيرة

مجيئي لم يكن اختياري
لأُلام على قراري
أريد الرحيل في وضح النهار
إلى الحقول
إلى السهول
إلى الغيوم
سأكسر كل القيود
و أقطع كل البحور
لأصل إلى المجهول
إلى حيث لا أكون

خديجة الإدريسي – مدينة الدارالبيضاء

                   

                                         

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :