ترك لي زوجي حميد بعد وفاته أربعة أطفال، كنا ننحدر من طبقة اجتماعية كادحة، تلك الدُّرَيهِمات التي كنت أوفرها من بيع الخبز والاسفنج والرغائف لم تكن كافية لعلاج زوجي من مرض السرطان، بعد عناء دام سنة ونصف توفي حميد ولم يترك لي شيئا سوى بيت ضيق مبني بالتراب ومسقف بالأعواد قد بنيناه ذات حب، بعد وفاة حميد أصبحت مسؤولية البيت على عاتقي، كان من الصعب أن أوفر الملابس الثمينة والألعاب الالكترونية لصغاري كغيرهم من الاطفال، لكنني كنت احاول ان لا اشعرهم بالنقص فبدلا من ذلك كنت اصنع لهم الألعاب من سيقان بعض النباتات والاعواد ،وكنت استعمل الصوف في صنع الملابس،كنا سعداء رغم أننا لم نكن نملك شيئا.
ذات مرة لجأت إلى إحدى المقاهي في أحد الأحياء الشعبية وعملت ناذلة بعد موافقة صاحب المقهى، كنت أوفر أضعاف الدريهمات التي كنت احصل عليها في بيع الخبز والاسفنج، ذات صباح باكر ذهبت إلى مقر عملي كعادتي ارتديت وزرتي ونظفت الكراسي ووزعت الجرائد على الطاولات، وجلست في انتظار الزبناء، كانت الساعة العاشرة والنصف ولم يأتِ أحد، بعدها جاء صاحب المقهى ليخبرني انه قد انتشر فيروس معدي في العالم بأسره ونحن ملزمون بإغلاق المقهى، لم اكن اعرف عن هذا الفيروس شيئا لأننا لا نملك تلفازا في بيتنا،حتى المدياع قد ضيعته في إحدى الغابات… جلست ابكي على حالي وحال اولادي ، كيف والمقهى كانت مصدر عيشي ،أخبرني سَيِّدي ان البكاء لن يجدي نفعا، و سَلَّمني خمسون درهما ثم ودعني ، عدت بعدها الى البيت كورقة خضراء تعبث بها الريح الشتوية بين الأزقة والدُّروب.
وها أنا الآن اكتب لكم ومعدتي فارغة من الاكل وبطني يؤلمني، انتظر بفارغ الصبر متى يرفع الحجر الصحي وأعود إلى عملي، فتلك الدريهمات رغم قِلَّتها إلا أنني في أمس الحاجة إليها الآن.
بينما العالم يخوض حربا واحدة ضد كورونا هناك فئة من الناس تخوض حربين واحدة ضد كورونا والأخرى ضد الفقر.
مريم بوعمري -مولاي بوعزة
اترك تعليقا