… في ليلة هادئة والكل نائمون وصديقي الى جانبي ينقلب ذات اليمين وذات الشمال يبحث لنفسه على بعض من الدفء، وانا في فراشي وحيد، أفكر هنا ثم هناك … تارة تأتي صورتها وتارة تختفي.. ابتسامتها لا تفارقني… فقدتها، أضعتها بين حروف وكلمات متبعثرة وجمل متقطعة، أتذكر كل شيء فيها؛ صورتها ، صوتها، لباسها الأسود الداكن، لكن الأسود يليق بها ….،دعوني أخبركم أنني اتذكر كل شيء كل شيء … ! فدعوني احترق في نار جحيم ذاك الألم
…….
-أغلق الباب !
-حسناً!
اغلقتها باحكام وعدت الى فراشي لأتابع التفكير في حروف عالقة ، ورسمت ابتسامة على وجهي مشجعا “حسين” على التفكير فيها. واذا بي اسمع صوتا غريبا!
“اتجهت بضوء الهاتف الى صديقي فوجدته نائما “
-ما هذا ؟ شعور غريب لم أشعر به من قبل…. خوف ؟؟؟ جسمي يرتجف؟
-في حَيرَة “خوف ممزوج بالشجاعة “
-بدأت أشجع ذاك الشخص الخائف “(ترجل اصحبي. مَدِرنَاش شغُلْ درَارِي)” ، لا تخف لعلها علمت بِعذابِك وجاءت لتواسيك وتُقبّلكَ قبلة شوقٍ قبل ان تنام (قهقهة رجل أحمق بداخلي).
-للمرة الثانية سمعت نفس الصوت، سكون قاتل، لا أستطيع تحريك جسمي وكأنني مكبل بسلاسل من حديد!
-لم أعد أريد التفكير … أريد النوم فقط… وضعت رأسعي على مخدتي السوداء”لونها المفضل” لون عذابي…. ناشدتني المخدة قائلة: ابتعد عني هل انت خائف ؟
-حسين: “أيّهْ، خايف أُمنْبعد”؟
-المخدة: كنت أظن أنك شجاع ؟
-حسين: من أنت ؟ صوتك كصوتها ؟
قطعني صديقي قائلا: “نعاس اصحبي خِلِّينِا نعسو. معَمن كتهدر معمن. شرب الماء ونعاس”.
………..
…شربت بعض الماء، واذا بالساعة تشير الى الرابع صباحا …وإذا بي اسمع نفس الصوت! آت من النافذة، بكل شجاعة فتحت النافذة، فإذا بالشتاء تدخل مهرولة،وعانقتني بشوق ….، اسرعت لإغلاق النافذة، وعدت الى فراشي… وبدأ الصوت يناديني :
-الصوت: حسين، حسين…
-حسين :من انت ؟
…..وكأنه صوتها….
-حوار داخلي ساخن:( قسما بالذي خلق هذا الكون أنه صوتها!
-حسين: وما أدْراكَ بأنه صوتها ؟
-يا حبيبي استطيع تميز صوتها من بين الآلاف؟
حسين: يالك من عاشق مقتول
-ويالك انت من خوَّافٍ معتُوه).
قاطعنا الصوت قائلا : انا الشتاء . كنت أراقبك منذ منتصف الليل، أراك تائها، محْمُوماً، مهْمُوماً ؟؟
-حسين : ” أيّه. أمنْبعد ؟ بَعدْني . خلِّينِي نْعاس”
-الشتاء: كنت أريد أن ألَحّن لك بعض السطور، لعلك تنام، لكن أنتم البشر دائما تجرحون من يساعدكم…!!!!
-انطلق صوتي مرتجفا، متتحشرجا، متقطعا : أ…ع…ت..ذر …ولكن صوتك يذكرني بها…. بالله عليك قل من انت ؟
صديقي مقاطعا : ” وَاااا نعاس اصحبي كرهتينا فهذ لكْرَا لِجمَعنا “
…….
لم أجد جوابا له، فأغلقت الهاتف ووضعته تحت وسادتي السوداء، احسست أنني لا امتلك شيئا ، الكل أعلنوا ثورة ضدي، حتى جسمي تمرد و بدأ يرتجف… وكأن قلبي اصبح مغلقا.
عدت الى التفكير في حُلمِي وحُلمِي كحلمٍ قد تبخر او لازال يتبخر، المهم أنه ليس لي، “فهدأت الثورة، ونسحب الثوار تاركين خلفهم شعارات زائفة غير مفهومة وقلوبا محطمة قد تمكن منها الجفاف كقلوب بعض من يتأملون في حروف هاته القصة “.
-تكلم حسين “الخائف” قائلا: كيف لها ان تكترث لشخص تافه لا يستحق حتى دمعة من جفنها
-كلمات نزلت كالعاصفة على قلب أرهقه التفكير في ملامها …. وها قد جاء النوم على فرسه الأبيض ذو الشعر الحريري، وضع يده على رأسي، فأخذني قائلا: التفكير أرقى عذاب للعاشق ….
…………..
استيقضت باكرا على صوت صديقي يغني ( فتوني غير اتوما وراني معها بخير ) وهو يعد الشاي، ونحن نتناول الفطور معا، انتظرته لكي يتحدث عما جرى بالليل ولكنه لم يتحدث وكأن شيئا لم يكن.
واضاف قائلا: يا صديقي مابك ؟ لقد دخلت البارحة في نوم عميق وكانك لم تنم منذ مدة.
-انا متحدثا مع نفسي: هل هذا يستهزء بي بطريقة فنية ام ماذا؟
نظرت الى الهاتف فإذا بالساعة تشير الى السابعة والنصف صباحا، فتأكدت بأن صديقي يتحدث بجد، لأنني لم اتعود على الاستقاظ باكرا.!
عدت لأحتضن وسادتي السوداء، فإذا بالهاتف يصدر صوتا مزعجا ….”رسالة هاتفية اقتحمتها بعيون متمحصة: صباح النور والورود يا أحلى ما في الكون، حسين سأنتظرك في المدرج رقم2، أريد ان اخبرك شيئا يريح قلبك وقلبي ..”
-مفاجأة لم اكن اتوقعها، ها قد ابتسم حظ التعيس ، من قال أن العطر ليس مهما، فما أحوَجَ المسافر في صحراء قاحلة الى ظل شجرة، وقطرة ماء يرتوي بها …..
………
وقفت امام المرآة لأستعد للموعد الصباحي الغير متوقع، لأول مرة شعرت بالسعادة تغمرني … شعرت انني لست وحدي، ولأنه هناك من تنتظرني في المدرج الثاني، خرجت من البيت دون ان افكر فشيء سواها … وصلت الى الجامعة واتجهت نحو المدرج فوجدته ممتلئ عن آخره بالجغرافيين والضجيج يعُمُّ المكان، وبدأت اتساءل اين سأجدها بين هؤلاء الجميلات،… وما الذي جاء بها الى هنا ؟
أخرجت الهاتف من جيْبِي، وتمحصت رقم الهاتف وأرسلت رسالة : أين انت يا مفرجت الهمِّ، اين سأجدك بين هؤلاء الجميلات؟
جوابها: ” اين انت لم أراك ؟”
-عراك نفسي داخلي: لم تراني.
انا هنا، انا لك ، حبيبتي تعال… لنبعث في الحياة بأبهى صورة .
حسين : لم تراك أيها الغبي، هي لنرى بعض الورود …..
-اجبتها في حيرة:” أنا في الآخير ….”
دخل الاستاذ الى المدرج فخرجت، وتجهت نحو المقصف اخذت قهوة سوداء وعدت الى مكاني، وجلست قرب نافذة المدرج انتظر الجواب … واخذت اشرب قهوتي على مهل، لأن قهوة الصباح تطرد النعاس وبقايا الأحلام والكواليس العالقة في الذهن. رنِّ الهاتف فأجبت مسرعا:
ألو!
فإذا بصوت رقيق، ناعم، جميل، يستحق أن يلحن قصائد نزار قباني: حسين أين انت ……؟
-أنا وراء الدرج بالقرب من النافذة ؟(انقطع الخط)
-وقفت ونظرت يمينا وشمالا منتظرا صاحبة الصوت العذب، واذا بيد تمسكني من الخلف،آه … آه ها قد عادت الحياة الى الصحراء القاحلة وتحولت الى حقول مزهرة…..
ماذا اقول وجه كالقمر … ينظرت اليها حتى امتلأ قلبي عشقا ووحشة،
فقلت من انت ؟؟ لماذا ترسلينا لي رسائل من هاتفها ؟
-هي: انا فتاة ولدت من رحيق الأمل، اجلس وسأخبرك بكل شيء…. أخذت رشفة من قهوتي السوداء ……
-جلست وأخذت ارتشف من قهوتي التي اصبح طعمها ممزوج بطعم شفتيها .
الرشفة الأولى كالعسل والثانية لا استطيع وسف مذاقها لأنها آخذت طعم الفراولة او شيء من هذه النكهة… لباسها الاسود عاد بي الى ليالي العذاب.
“حواء ترقد في ثنايا اضلعي
والهجر شردني ..
انا وعيونها
ايها الأسود رفقا بالقلب الموجعي ..
الشال الملفع بالسواد يشدني، يحتاجني، لنحيا معا …”
-هذا الباس الذي ترتدينه لا يناسبك، اعيديه الى صاحبته .
-رحيق الأمل: يا سلام أنت كما وصفتك لي تماما يا حسين .
-ماذا تقصدين ….؟
-رحيق الأمل :سأخبرك لا تتسرع .
-نعم تفضلي…
-انا صديقتها وقد أرسلتني لأخبرك بأنها تنتظرك في…
وإذا بي أسمع صوت صديقي ينادني: حسين …حسين استيقظ الغداء جاهز .
– فستيقظت وأدركت أنني كنت في حلم عميق.
“ولنا في الخيال حياة…”
ابن داوود حسين – مدينة تازة
قصتك هذه تذكرني في الايامي الخوالي ، ايام يحن لها العاشق الولهان بالوان الطفوله و لأنني عشت نفس التجريبة احببت ان اترك رد لك ،و من منا لم يذق طعم و مرارة الحب في أيام الجامعة أو حتى في أيام الثانوية! ، المشاعر الصافية تبقى دائما في الذاكرة .
احسنت اخي حسين ،وفقك الله .