انبثق المسلسل من الدولة الرأسمالية، لم يكترث العالم لذلك، على شاشة التلفاز نشاهد الموتى في الصين كل يوم، كل ساعة، بل كل دقيقة، رغم ذلك قلوب العالم برمته لم تمسسها الليونة و أخذت الأمر بتهاون، بدعوى أن الوباء لم ولن يغادر الصين كأنه خلق ليبقى وفيا لجسد واحد.
اتسعت دائرة الوباء حتى وصل إلى دروته ومس إيطاليا، التي راقبت المشهد بجمود وركود؛ لأن الأمر يفوق طاقتها و المهمة أضحت تتجاوز الطوارئ .
الكوفيد ينتشر في العالم برمته بدون رحمة و لا شفقة، عشقه لأخذ الأرواح لم يمنعه من زيارة القارة السمراء، يبدو أنه لا يميز بين الأسود والأبيض ولا بين الغني و الفقير، إنه بكل بساطة عاشق لا يحكمه منطق الجمال ولا منطق الجاه؛ بل همه هو إفراغ شهوته و ممارسة هوايته المفضلة المتضمنة في أخذ الأرواح البشرية .
العالم بأسره ،أمسى يحتضر بعدما كان بعيدا من دائرة الحرب البيولوجية.ها هو اليوم داخل قطرها، ولا سبيل للخروج منها إلا بالتعاون بين الجميع، بين الكبير و الصغير ،بين العامل و العاطل.
فالحياة أضحت لا تقبل القسمة على اثنين، فإما أن ننجوا جميعا أو نموت جميعا، الخيار واحد ولا ثاني له. هكذا
يعيد الفيروس ترتيب فوضى هذا العالم بطريقته التي يهوى لا كما نعشق . لم يعد هناك مجال للتنزه أو أخذ قهوة على شط البحر، عجلات الإقتصاد أمست موبوءة بالعالم أجمع، أما ذلك الرجل الذي كان لايهدأ له بال، هو الآخر صار يقضي اليوم جله في المنزل يحدث أولاده و يجالس زوجته، في الأمس القريب كان لا يعلم أي شيء عن أسرته، أصبح اليوم قاب قوسين أو أدنى من أن يعلم كل شيء عنهم مثل مايحبه ابنه الصغير من أكل.. و ما تحبه ابنته من رسوم متحركة، و ما تعشقه زوجته من لباس.عقارب الساعة لم تعد خاضعة للمراقبة، فالوقت صار لا يهم.
المهم هو كيف سيدبر الناس هذا الوقت الفارغ الذي يسري داخل أجسادهم كموت بطيئ يتسلل بين حيوط الملل القاتم… في الزمن الجميل المفقود، الذي كنا نسمع عنه من روايات أجدادنا، فتحدونا رغبة شديدة في اكتشافه و العيش في دواليبه قصد الفضول الذي بداخلنا.
فالحكايات كانت عندهم تبدأ بجمعٍ على المذياع؛ لسماع الأخبار أو ما شابه ذلك، هذا الزمن المفقود الذي لم يسعفنا الزمن في العيش بين ثناياه، ها هو اليوم بقوة القوة يعيده وباء مجهري من جديد، فعند الساعة السادسة من مساء كل يوم تجلس العائلات لتشاهد حصيلة الإصابات بتحصر شديد، يفرضه وباء مجهري جاء بغية تشيد العالم من جديد و إعادة زخرفته.
عبد المالك أجريري – مدينة الجديدة
مقال جميل وعبارات واضحة تصل لأذهان القارئ وماتناولته يستحق القراءة لكونه يجسد موضوع الساعة .وكما أسمته المنظمة العالمية للصحة بالجائحة لانه لم يترك اي مكان في العالم ولن يمر به. حقا لا يميز بين أي شئ يجتاح جميع البشرية بإختلاف اثنياتها واعرافها وقيمها ودينها……وجعل العالم يعيش على اعصابه وجعل الكل يفكر .إنه مجرد فيروس صغير جدا لدرجة لا تراه بعينك والغريب انه ينتقل عبر العينين أيضا كم هو غريب هذا الفيروس ونحن على ياقين أنه سينذثر ويزول مثله مثل لاوبة التي مرة في القديم كالتوفيس وبحمرون وغيرها من الأمراض التي كانت تذمر قبيلة في يومها.اليوم أصبحنا ننتظر الاخبار لكي نطلع على الحصيلة والأمل في أي نسمع الحالات في انخفاظ الى عدم وجود حالات ونعود لحياتنا الطبيعية
جميل استاذي