في بعض الأوقات نتمنى لو كنا أغبياء لا ندرك شيئا ولا نفقهه، لو أننا سذج رزقنا الغباء العميق الذي يجعلنا في لا مبالاة تامة، هذه القيم و المعارف التي استقينا من الكتب، هذه المبادئ التي تتمسك بنا و نتشبث بها، هذا العمق و التأمل اللذان نلوذ بهما عند مرور كل موقف و حادثة بنا يفتنا من الداخل، ينغص علينا حياتنا، يجعلنا في شقاء دائم في ألم سرمدي في رجاء غريب من نوعه “أن نصاب بسذاجة تجعلنا نغفل عن كل الأمور و نتجاوزها”…أمنية غريبة من نوعها؟ نعم!، لكن هذا العالم المخادع و المتضارب يجعلنا تائهين مبعثرين غير قادرين على التركيز و لا عيش حياتنا كما ينبغي لأن العالم الذي ننشده هو عالم المثل و هذا من اللا محسوس لأن هذه الحياة تتعبنا و تجعل كل ما يمت للإستقامة بصلة يثقلنا و يثقل كواهلنا و يجعلنا في صراع دائم ليس معه راحة، كل ما نوده هو أن نهاجر عن دنياهم إلى عالم يخص بنا و دنيا لا يقطنها أي منهم، لكي نعيش بسلام و نأخذ راحتنا التي فقدناها بسببهم، لكي لا نرغم على الظهور بأكثر من وجه، لكي نقرأ بعمق و نفكر بحرية و نكتب ما نود.
إننا متعبون بسببهم و مرهقون من معايشتهم، نادمين كل الندم على اختيارهم في لحظة لا وعي منا قبل أن نكون، لكن ما العمل؟، هم قدرنا الذي نهرب منه فيلحقنا مصر على أن نذعن له و لا نتمرد عليه، هم مأساتنا التي لن تحل عنا الا بحلول عزرائيل ضيفا علينا، هم سوءتنا التي لا تنفع معها التوبة و ثمنها لا يسدد مهما دفعنا، هم من الذين فقدوا ذواتهم فتوهموا ذات ضياع أنهم وجدوها حين ضببوا أفقنا و جعلنا فيضانهم لا نفكر بالنجاة بعد أن جرفوا بنذالتهم كل شيئ، هم لعنة لعناها جعلتنا نتوه في اللا زمن بأرض غير ذي زرع، هم سأم و ضجر و سوء عمل يتعاقبون تعاقب الملوان، هم لا شيئ و كل شيئ ما جعل كل ما يسببوه أيا كان مضاعفا!
الأمنيات… نتمنى، ندعو، نرجو، و نتوسل حتى مللنا التبتل مللا يقود الإدمان فأدمناه!، لكن يبقى ما نذرف من أجله الدموع و نسهر الليالي و نصحو في كل سحر نبتهل لكي يتحقق مجرد أمنيات بعيدة المنال، فما جعلها تبقى مجرد أمنية و لا تتحقق هو هم، هم الشؤم و اللؤم و الظلم، ليتنا نتخلص منهم حين نهينا عن التخلص منا، لكن يتبين دائما أن التخلص منا أهون من التخلص منهم فهم كالظل لا يفارقنا حتى نضجع تحت التراب وحدها التراب لن يشاركونناها لأن مبلغ همهم أن يودوننا لها و يمضون قدما نحو ضحية أخرى فمهمتهم تعجيل الناس على حتفهم و جني مقابل ما سببوه من خيبات ما يعينهم على ما امتهنوه ذات ذل و غي.
هنا لن ترقد أرواحنا بسلام أيضا و سنعاقب على استكانتنا و قلة حيلتنا التي غصبنا عقولنا عليها و أقنعنا ذواتنا بها، فعلى هدرنا طاقاتنا و السماح للآخرين باستعبادنا سنحاسب و بهذا نكون في شقاء أبدي تحت الأرض تماما كما كنا فوقها!.
أسمع من بعيد من يسألني ما العمل؟ و على تساؤله أجيب: بأنني سأرد حين يحلون عني، فما عدت أطيق!
الآراء الواردة في هذه المشاركة تعبر عن رأي صاحبها فقط.
أم النصر مامين – موريتانيا
اترك تعليقا