الجو متقلب، والمكان غريب يشبه صحراء ناميب حيث يلتقي البر بالبحر. هنا تلتقي الكثبان والرمال ويلتقي الواقع والخيال هنا فوضى الأفكار و صخب الذاكرة، هنا سوق عكاظ وساحة الآكورا ممتدة في المدى، هنا تداخل الزمن والمكان وتشابك الواقع بالوهم.
كمسافر عبر الزمن أضاع بوصلته، غدوت أجوب الدروب وأمشط الطرقات لعلي أهتدي إلى طريق مألوف. أحمل معي آمالي وأحوالي ولا أشكو عبئ أيامي.. التقيت الفتى الخميائي يبحث عن كنز رآه في المنام ويسعى لتحقيق أسطورته الشخصية، ورأيت رجل يدحرج صخرة ضخمة إلى أعلى الجبل بلا كلل أو ملل، إنه معاقب والصخرة لن تستقر في الأعلى على أي حال، إذن لا جدوى ترجى من جهده؛ لما لا يضع حدا لحياته ك”فيرونكا” أوليس الموت بأرحم من وضعه؟. أجابني رجل بهدوء لامبالي يدخن سيجارة وعينيه نصف مغلقة :” إنه معاقب، وهو واع تماما بمصيره وذالك الوعي هو ما يجعل منه إنسانا كما أن قدرته على التحمل تجعل منه بطلا أسطوريا لا يقهر”. تابعت طريقي في الرمال ورأيت رجلا يحتضر وقد خط بيتا شعريا على الأرض
” توسد أحجار الليل والقفر ومات جريح القلب مندمل الصدر.” مات من الحزن هذا الرجل المجنون، أكملت طريقي من جديد ومررت على غزة وبورما، رأيت مظاهرات وحمامات دماء..رجال يمحون من الوجود، حمامات دماء ومعتقلات باردة قاسية، رأيت الإنتفاضة والنكبة وحواجز وهمية، رأيت لاجئين وأطفال حجارة.. أديان تدان وأعلام تحرق علنا أبرياء يعاقبون وجنود قساة ينشرون الرعب في منعطفات الذاكرة، تقدم رجل وصرخ بالحشود ” لما كل هذه المنافسة الشرسة على من سيكون الأسوأ ! الجحيم يتسع للجميع فاطمئنوا ”
ظهر سؤال بوضوح هذه المرة على شاشة الرصد، هل الحياة جديرة بأن تعاش ؟
أجابني درويش الذي كان منشغلا يكتب لريتا ويلعن البندقية التي تعزلها عن عينيه : بلى “إن على هذه الأرض سيدة الأرض ما يستحق الحياة !”.
.
.
ليلى شاهد – مولاي بوعزة
جميل للغاية ❤️