قد تلاحظ وأنت تتصفح جريدة ورقية أو إلكترونية مغربية، سيطرة الكُتاب الرجال على الأبواب المخصصة لمقالات الرأي أو العمود الصحفي، ما يطرح، في نظري، سؤالا هاما قد يراود متتبعي المشهد الصحافي المغربي: هل كتابة الرأي بصيغة المؤنث ضئيلة (من حيث الكم)؟ أم هي مغيبة؟
يعتبر مقال الرأي جنسا صحفيا أصبح قائما بذاته، وقد فتحت وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الأبواب أمام كتاب ومدونين من فئات ومستويات مختلفة للتعبير عن آرائهم، بعدما كان العمود الصحفي في وقت من الأوقات مقتصرا على النخبة، التي راكمت تجاربا مهنية وحياتية في مجالات متعددة، منحَتْها تأشيرة التأويل والتحليل، وتجاوز مرحلة التشخيص إلى اقتراح الحلول أحيانا. دافعت المرأة عن مكانتها في المشهد الإعلامي المغربي منذ عقود، حيث شغلت مناصبا كانت مخصصة للرجال حصرا، كالتقديم والتنشيط التلفزيين، وإنجاز
الروبرطاجات والتحقيقات الصحفية، ومازالت تناضل من أجل مساواةٍ تكفل اعترافا عادلا بالكفاءات.
قراءة بسيطة قمت بها في هذا الفضاء الرقمي المختلط، أكدت أن حضور المرأة في أجناس الرأي يكاد ينعدم، وكان اختياري لعيّنة من الجرائد الإلكترونية المغربية، وهي: موقعين إخباريين “هسبريس وهبة بريس”، باعتبار أنهما يتصدران، تواليا، قائمة الجرائد الإلكترونية المغربية على مستوى التصفح، حسب استشارة قمت بها بتاريخ 15 نونبر الجاري في موقع “أليكسا” المتخصص في إحصائيات وترتيب المواقع الرقمية. سجلت في باب “كُتاب وآراء” لموقع هسبريس: 64 مقالا للرأي لكُتاب رجال، مقابل مقال 01 لكاتبة، في الفترة من بداية إلى حدود منتصف الشهر الجاري (نونبر 2019)، وفي الجريدة نفسها نسجل في باب “منبر هسبريس” في الفترة ذاتها، أي من بداية شهر نونبر حتى منتصفه: 26 مقالا بصيغة المذكر مقابل 02 فقط بصيغة المؤنث. وهو ما يكاد ينطبق كذلك على جريدة هبة بريس الإلكترونية.
نحن هنا لم نتحدث بعد عن الافتتاحيات، التي هي من اختصاص رؤساء التحرير.. نتناول فقط مقالات الرأي في الفضاء الإلكتروني، الذي أضحى منذ عقود ملجأ للكثيرين من أجل إبداء الرأي، في السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة، والتنظير أحيانا المفتقد لأسس علمية ولغوية.
إن معظم المقالات التي نصادفها بنون النسوة، نجد فيها نساء يتحدثن عن مغامراتهن وقصصهن(الشخصية) علما أن هناك كاتبات مغربيات من مختلف المجالات لهن قدرات جيدة في الكتابة والتحليل، بعيدا عن الكتابة الأدبية والخواطر، لكن ومن أجل النشر قد تنساق الكاتبة مع ما هو مطلوب، لتحتفظ لنفسها برأيها وقراءاتها لمحيطها الاجتماعي والثقافي..
هل لا تتوافق انشغالات المرأة وما يجود به قلمها مع الخط التحريري لمعظم المواقع الإخبارية المغربية؟ (علما أن هناك مواقعا لا تتوفر على أبواب للرأي من الأساس)، أم أن الكاتبات سئمن من المحاولة وطرق الأبواب في مشهد إعلامي تغزوه الهيمنة الذكورية؟
الآراء الواردة في هذه المشاركة تعبر عن رأي صاحبها فقط.
أحمد شرقي
اترك تعليقا