كلمة عن المجموعة القصصية القصيرة جداً
قلة من كتاب القصة القصيرة جداً، عرفوا أسرارها، وفحواها، وطبيعتها القلقة المتمردة، فقدموا فيها نماذج ناضجة عميقة رائعة. كثيرون استسهلوها فقدموا خواطر وتهويمات، ورصف كلمات فارغة. هذه القصص كتبها ناجح فليح الهتي بجدية عالية وإدراك صحيح لاشتراطاتها الصعبة، فجاءت قطعاً من حياة نابضة متدفقة، ومن إبداع متميز طموح!
عرفت الكاتب صديقاً على امتداد العمر، كان منذ صباه مولعاً بدهشة الحياة، ما يفتن منها ويضحك ويعلم. يقف عند غرائبها ببراءة وشغف ، ويأخذه البسيط منها إلى مسالك متعبة، كان مولعاً بالكتاب والراديو ، كثير الاستطلاع مقلاً في الكتابة، يجمع خزينه وزاد فنه بأناة وصبر. جاءت مجموعته القصصية السابقة بقصص قصيرة بحجمها الاعتيادي، فكانت مدخلاً مشجعاً له ولنا على قراءته على نطاق واسع. واليوم تأتي قصصه القصيرة جداً؛ لتشكل إضافة مؤثرة مقنعة في مسار القصة القصيرة جداً في العراق. قصص تتوحد مع الناس وهم في قاع الحياة، أو في هوامشها، مع النفس البشرية في ذهولها ووعيها الحاد لحزنها وفرحها، تبدو لأول وهلة بسيطة عفوية؛ لكن من الصعب القول أنها تعطي نفسها ومعناها دون تأمل، وإعادة قراءة.
إبراهيم أحمد
قاص وروائي
من رواد القصص القصيرة جداً في العراق
ستون قصة قصيرة جداً
مكفوفو البصر (1)
كانا وحدهما قي غرفة يتناوبان قراءة القراّن الكريم على جنازة وضعت أمامهما في صندوق،ومع تقدم الليل خيم سكون مطبق مخيف على البيت،قالالأعمى لرفيقه:أعتقد أن شيئاً مريبا قد حدث،إنني أشك بأن الوفاة وقعت وأن من في الصندوق قد فارق الحياة،مد يده إلى الصندوق،دار حوله ، تلمسه من جميع
الجهات،علق رداؤه بمسمار ناتئ من خشب الصندوق أعاق حركته،ظن أن من في الصندوق فد أمسك بردائه،صرخ بأعلى صوته وواصل الصراخ ،شاركه رفيقه الصراخ،هرع من كان في البيت إليهما،فكوا رداءه،تحدثوا ومكثوا معهما قليلاً،أعادوا الهدوء إليهما وغادروا الغرفة،قال الأعمى الذي بدأ بالصراخ
مخاطباً رفيقه:الآن أيقنت أننا لسنا وحدنا في البيت وأن من في الصندوققد فارق الحياة قبل أن نصل إلى هنا بعد صلاة العشاء.
مكفوفو البصر (2)
كان جائعاً جداً،لم يتناول طعاما منذ يومين،كانت جيوبه خالية منالنقود،سار في شارع الرشيد ،وجد أمامه شحاذاً مكفوف البصر يستجدي ويمد يداًمملوءة بقطع النقود المعدنية،وقف أمامه،وضع يده تحت يد الشحاذ،قلب بيده الأخرى يد الشحاذ،تحولت النقود إلى يده،ضحك الشحاذ وقال: أنك تمزح معي لابد أنك ستعيدها إليَّ،لم يجب،وضع النقود في جيبه وغاب في زحام الشارع،دخل إلى مطعم يعرف عماله ،طلب من الطعام أحسنه ،أكل حتى شبع،دفع حسابه، عد ما تبقى له من النقود،وجد أنها تكفي لوجبتي العشاء والفطور وأجور الفندق وأجور السفر للوصول إلى مدينته.
مكفوفو البصر (3)
سمع الأعمى يحدث نفسه بفرح :الآن أصبحت مائة ،تبعه،دخل الأعمى بيتاً فيه غرف للإيجار،فتح باباً ودخل إحدى الغرف،أخرج علبة أسطوانية من\ مخبئها،فتحها ،وضع فيها قطعة ذهبية كانت تستعمل عملة في العهدالعثماني(ليرة)،أعادها إلى مكانها ،ذهب إلى دورة المياه ، نسي باب الغرفة مفتوحاً ،تسلل هو إلى الغرفة ،أخرج العلبة من مخبئها ،أخذها وغادر مسرعاً إلى بيته،عد ما في العلبة,وجد
أنها مائة قطعة ذهبية حقاً.
مكفوفو البصر (4)
أراد الأعمى أن يعبر الشارع ،كان يمسك بيده عصا حديدية،أمسك بيده شخص يساعده على العبور ،طلب من الأعمى أن يحمل عنه العصا خوفاً أن يضرب بها سيارة مسرعة،تردد الأعمى برهة لكنه أعطاها له،تناولها الشخص بيده الأخرى،سمع في داخلها أصواتاً ،حركها مرة أخرى،تبين أنها أصوات تشبه الصليل،ٌقرر أن يحتفظ بها وألا يعيدها إلى الأعمى ليعرف ما في داخلها،سحب يده من يد الأعمى بعد عبور الشارع،غاب هو والعصا في زحام سوق الهرج قاصداً مسكنه،فتح العصا المتكونة من قطعتين تربطها قطعة واحدة،اَصيب با لدهشة وكاد أن يغمى عليه حين تساقطت أمامه القطع الذهبية التي كانت في داخل العصا.
مكفوفو البصر (5)
كان يُحدثُ رفيقه عصر يوم الخميس في مقهى مكفوفي البصر في محلة الحيدرخانة ويسأله:ما هذه السرقات التي تتعرض لها جماعتنا ؟ويضيف إنهم لا يعرفون كيف يحافظون على النقود،إنهم لا يعرفون قيمتها ولا يقدرونها حق قدرها ويواصل حديثه بصوت منخفض هامساً ،إنني أجمع ما أحصل عليه من نقود وأخفيه في هذه اللبادة بين القماش والقطن ،إنني أرتديها صيفاً وشتاءً وهي لا تفارقني حتى أثناء النوم،سمع شخص ما قاله الأعمى لرفيقه،أنتظر دقائق قليلة ، جاء إليه،طلب منه أن يذهب معه إلى المقبرة لقراءة القراّن الكريم على قبر والده ،أغراه بالأجر،اقتاده بعد أن دخلا المقبرة وأجلسه في مكان فيه بيوت كثيرة للنمل أمام أحد القبور ،أخذ يراقبه ،صعد النمل إلى جسمه ،أخذ يقرصه ،نزع الأعمى جبته أولاً ثم نزع بعدها لبادته جاء الشخص فأخذ اللبادة ،أبتعد ,نظر إلى الأعمى،وجد أنه ينزع ملابسه قطعة قطعة ويتعرى أمام القبور
6-الفيلسوف
ذهبت إليه في الموعد المحدد بيننا في عطلة نهاية كل أسبوع ،حيث كان يسكن في غرفة خاصة في فندق في بداية رجوعه بعد إنهاء دراسته العليا في الخارج،طلبت من عامل الفندق أن يخبره أنني أنتظره في البهو،لأنه كان لا يقابل أحداً إلا حين يكون مرتدياً ملابسه التي كان يرتديها حين يذهب لإلقاء محاضراته في الكلية أو يكون خارج مكان إقامته،تلك عادة أكتسبها أيام دراسته العليا في جامعة كمبرح ،عاد العامل وأخبرني أنه سيأتي بعد قليل وغاب عني،انتظرته قليلاً لكنه لم يأت ،غادرت الفندق ،مشيت في الشارع ،أخذت أتطلع في واجهات المخازن المخصصة لبيع الملابس لأنني أردت شراء قميص لي ،وضع يده على كتفي وقال :لماذا لم تبق تنتظرني؟
قلت:اعتقدت أنك كنت تكتب مقالاً وأردتَ أن تنتهي من كتابتهٍ
قال:لم أكن كما اعتقدت
قلت:لماذا تأخرت؟!
قال: أرسلت بذلتي الوحيدة إلى المكوي أول أمس وحين جئت أرسلت العامل لإحضارها
قلت:أعتذر لما سببته لك من إشكالات ومتاعب
قال:لقد أخرجتني من سجني
قلت: هل أنت رهبن المحبسين في هذا الزمن؟
قال:نعم
قلت: حقا ًإنك شاعرً وفيلسوفً وظاهرة ليس لها مثيل
تبسم وأمسك بيدي ومشينا نكمل لقاءنا المعتاد كما كنا نفعل
7-الانتظار
طلبت من صديقي الذي يجيد تقليد أصوات النساء أجادة تامة أن يتصل هاتفياً بصاحب الفندق الذي كنت اسكن فيه في بداية تعيّني في الوظيفة بعد تخرجي من الجامعة قبل انتقالي للسكن في مكان آخر,لأن صاحب الفندق كان يتحدث كثيراً عن مغامراته مع النساء,طلب صديقي الرقم,وبعد أن تأكد أن المتحدث كان صاحب الفندق,واعده أن ينتظر قي مكان محدد ,بعد أن مضى قليلاً من الوقت, طلبت من صديقي أن نذهب إلى المكان الذي كان يقف فيه صاحب الفندق منتظراً,ركبت بجانب صديقي بسيارته واتجهنا إلى حيث كان يقف, كان المكان مكشوفاً تحت الشمس وكانت درجة الحرارة تزيد على الخمسين مئوية,توقفت السيارة بمحاذاة الرصيف أمام الرجل,سلمت عليه ,سألته:لماذا يقف تحت الشمس في الحر الشديد؟,طلبت منه أن يركب معنا لإيصاله إلى مكانه,رفض,فلت: إن كنت تنتظر امرأة فإنها أمرآة وهمية لا وجود لها ودعوته للركوب خوفاً أن يصاب بضربة شمس,رفض مرة أخرى,تحركت السيارة وما أن قطعت أمتار قليلة,حتى لاحظ صديقي في مرآة السيارة أن صاحب الفندق قد سقط على الرصيف ,رجعنا إليه بسرعة,كان فاقد الوعي,حملناه معنا ,اتجهنا الى أقرب مستشفى,أدخل إلى ردهة الطوارئ ,وضع في غرفة العناية المركزة,سألت الطبيب عن مرضه؟
قال:لقد أصيب بضربة شمس فعلاً.
8-تهديد
لم يبق إلا دقائق قليلة على انتهاء دوامي المسائي في الجامعة حين دخل الى غرفتي ,عرفته ,كان معلماً زميلاً لزميلي قي دوامي المسائي,وأبن عم صديقة صديقي وزوج أختها,رحبت به,طلبت منه الجلوس.قلت أن الدوام على وشك الانتهاء,رجوته أن يقل ما يريد بسرعة,قال:جئت إليك لتمنع صديقك من الاتصال بأخت زوجتي
قلت: أنها تحبه وهو يحبها,وقد تقدم إليكم وطلب يدها للزواج
قال: لم نوافق على طلبه
قلت:أنه محام يمثل دائرته أمام القضاء وأديب معروف ليس في بلدنا بل في أعلب الأقطار العربية
قال :لا يمكن لهذا الزواج أن يتم
قلت:هل استطلعتم رأيها بالزواج؟
قال :اِن رأيها ليس مهماً
قلت:أنها صاحبة الشأن
قال :أننا نرفض أن يكون زوجاً لها
قلت:لماذا؟
قال:له اْراء سياسية مخالفة لآرائنا
قلت ليس هذا سبباً مقنعاً,قد يغير آراءه بعد الزواج,وأضفت : أني لا يمكن أن أقف أمام رغبة أثنين يرتبطان برابط الحب ,وسألته:هل تقدر أنت أن تمنعها من الاتصال به؟
قال:لا,لذلك جئت إليك لتمنعه من الاتصال بها ومحذراً ,وقبل أن يكمل قلت مستدركاً :أنك تهددني في شخص صديقي , وأضفت محتداً, لو لم تكن في غرفتي لجعلت منك مسخرة للموظفين والطلبة ,فقام يريد أن ينصرف, أمسكت به من يده.,أجلسته حيث كان,قلت لن أسمح لك أن تنصرف قبل أن تسمع ما أقول :أن من لا يكون صديقاً لأفراد عائلته,يتفاهم معهم بصراحة وصدق, يرعى مصالحهم , يحقق لهم مايمكن تحقيقه من رغبات , ويحبهم جميعاً,لا يستطيع أن يحميهم من الخارج مهما كان يمتلك من قوة ,وقمت واقفاً ,.فقام وهو يرتعش,يجر قدميه بصعوبة مغادراً الغرفة دون أن يودعني أو ينبس بكلمة
9- الدرس
كانت هي تعمل سفرجية في قسم الولادة وهو يعمل حارساً في نفس المستشفى وكان الاثنان قي عمر واحد تجاوز الخمسين من السنين ,يتلاطفان , يضحكان في أوقات الفراغ,كان هو قصير القامة ,بطنه منفوخة,كأنه امرأة جاءها المخاض , ذهب إلى باب المستشفى,طلب من زميلين له أن يأتيا له بسرير متحرك نقال ,وعباءة السفرجية من غرفة الملابس دون أن تعلم,وشرشف من شراشف المستشفى.شد رأسه بكوفيته البيضاء كما تشد النساء اللواتي يردن أن يلدن رؤوسهن ,غطى رأسه ووجهه بعباءة السفرجية وترك ما تبقى منها فوق جسمه.أضطجع على السرير,طلب من زميليه أن يغطياه في شرشف المستشفى وأن يدفعا السرير إلى صالة الولادة,جاءت السفرجية تركض قبل أن يصلا إلى باب الصالة ,مدت يدها بسرعة إلى أسفل بطن الحارس,أصطد مت يدها بشعر عانة الحارس وأعضائه التناسلية ,صاحت مستغربة ما هذا؟أمسك الحارس بيدها وقعد على السرير يضحك هو وزميلاه,انتقلت إليها عدوى الضحك وأخذت تضربه بيدها على كتفه بلطف وسألته:لماذا فعلت هذا؟
قال:ألم أنهك مرارا ألا تمدي يدك إلى بطن المرأة التي تريد ان تلد , لأنك لست ممرضة ولا طبيبة ولا أخصائية بالولادة؟
قالت: بلى
قال: لقد فعلت ذلك ليكون درساً لك في المستقبل
قالت:أني أشهدك أنت وزميليك بأني سوف لا أمد يدي إلى بطن أية امرأة تأتي إلى قسم الولادة ما دمت أعمل هنا,فضحك هو وزميلاه ,وطلب من احدهما أن يأتي بقناني مشروبات غازية من الحانوت.فشربوها جميعاً وهم يضحكون
10-الشهادة
تفاجأت حين دخل صديقي غرفتي يعد بدء الدوام الرسمي بدقائق قليلة،قال:أريدك أن تذهب معي إلى المحكمة لتكون شاهداً لي لإعلان إسلامي،لم أسأله لماذا؟: لأنني لا أحب أن أتدخل في شؤون أصدقائي الشخصية
قلت :أنك تحتاج إلى شاهد ْاْخر
قال:هل لك أن تساعدني في ذلك ؟
قلت:هناك شخص يعمل قريباً من المحكمة يمكن أن يكون شاهداً آخر،يسمى فاعل خير وذكرت له أسمه
تركني صديقي في المحكمة بعد وصولنا اليها وذهب لإحضار الشاهد الآخر
بعد أداء الشهادة سأل صديقي الشاهد الآخر : أتدري لماذا أعلنت أسلامي؟
أجاب الشاهد الآخر متعجباً :لا
قال صديقي:لأنني أريد أن أطلق زوجتي ،لان ديانتي السابقة لا تسمح لي بطلاقها
قال الشاهد الآخر:لماذا تريد أن تطلقها؟
قال صديقي:لأنني وجدتها ثيب في ليلة عرسي ،فظهرت ملامح الغضب ممزوجة بحزن خفيف على وجه الشاهد
فال صديقي:لا تغضب ولا تحزن،سأحتاج إليك في المستقبل لتشهد لي مرتين،مرة عند طلاق زوجتي ومرة أخرى حين أعقد قراني على امرأة تعتنق نفس ديانتي الجديدة
تهللت أسارير الشاهد الآخر وضحك قائلاً: أريد أن تخبرني أولاً من الذي دلك عليَّ لأكون شاهداً لك
قال صديقي:ذلك سرً سأبوح به لك بعد أن تشهد لي شهادتين في المستقبل
فضحك الشاهد الآخر وقال:ستجدني برسم الخدمة في أي وقت تشاء
11 –المكان المناسب
كنت أقف على الرصيف أنتظر سيارة أجرة،توقفت أمامي سيارة خاصة،فُتحَ الباب من الداخل،نادتني أصعد،قالت سأوصلك إلى المكان الذي تريد،كانت زميلتي في العمل،صعدت،جلستُ في المقعد الأمامي بجانبها،تحركت السيارة،سارت،توقفت عند تقاطع نقطة المرور لاشتعال الإشارة الحمراء،سألت امرأة كانت تقود سيارة تقف إلى جانب سيارتنا:أين تقع مستشفى الحكيم الأهلي؟ أجابت زميلتي بدون تردد وثقة كبيرة في النفس:في الكاظمية،\ضَحكتُ،قلت لزميلتي :أنها تقع في الكرادة
قالت زميلتي وهي تبتسم: نحن معاشر النساء ندعي المعرفة في كل شيئ حين نعرف أن هناك من يجهل
بعض الأشياء والأمور, قلت:إنني أجهل طالعي في الحب،هل لك أن تخبريني ماذا سيكون؟
قالت وفي نبرة صوتها كثير من الجد :لا يليق الحديث عن الحب في الطريق ثم أدارت مقود السيارة وغيرت اتجاه سيرها,لم أعترض أو أسأل ،بقيت صامتاً ،دخلت إلى موقف سيارات فندق من فنادق الدرجة الأولى، أوقفت السيارة،نزلت منها،اتجهت إلى الباب الذي بجانبي،فتحته،سحبتني من يدي
قالت : إنني أدعوك لتناول طعام الغذاء معي،أضافت سأخبرك بعد تناول الغذاء عن مستقبلك في الحب،أمسكت بيدي،تشابكت يدينا ،سرنا إلى بهو الفندق ،صعدنا في المصعد إلى الطابق الذي يقع فيه المطعم ،دخلنا المطعم يمسك كل منا بيد الآخر ويضغط على اليد التي يمسك بها برفق وحنان .
12- البطاقة الشخصية
بعد الانتهاء من تناول طعام الفطور سألت أخي الذي درس الميكانيك وأفتتح له ورشة لتصليح المعدات الثقيلة لماذا لم يذهب إلى العمل ؟
قال:أنه ينتظر إمام وخطيب الجامع الكبير للسفر معه إلى مدينة أخرى لفحص ومعرفة صلاحية معدة ثقيلة يريد الشيخ شراءها,ولما عرفت المدينة التي سيسافران إليها قلت لأخي : لي صديق في تلك المدينة لم ألتق به منذ مدة طويلة وسألته:هل بإمكاني السفر معكما لرؤيته؟
قال أخي: لا مانع في الوقت الذي وصل الشيخ يقود سيارته بنفسه,ركب أخي في المقعد الأمامي بجانب الشيخ وركبت أنا في المقعد الخلفي,وبعد ان قطعت السيارة خمسة كيلومترات تقريباً قال أخي بلهفة كالخائف:شيخ أرجع,أرجع, أرجع إلى البيت
سأل الشيخ والسيارة تسير بسرعتها دون توقف :لماذا؟
قال أخي:لقد نسيت بطاقتي الشخصية
قال الشيخ: إنك لست بحاجة لها
قال أخي:إني أحتاجها لإبرازها أمام نقاط التفتيش لأجل أثبات شخصيتي
قال الشيخ: قلت لك إنك لست بحاجة لها
قال أخي:إني أخاف أن أُحتجز في أحدى نقاط التفتيش لعدم تمكني من أثبات شخصيتي
قال الشيخ:إنها معي
قال أخي متعجباً:أعطني البطاقة أن كانت حقاً معك لأراها ,فرفع الشيخ يده ووضعها فوق عمامته التي كان يعتمرها في رأسه وقال:هذه هي البطاقة الشخصية لك ولجميع العاملين معي ,نظر أخي إلى الشيخ متفحصاً فضحك وسكت ,لكني أخذت أفكر فيما قاله الشيخ وما سيكون عليه المستقبل القريب …
13- العزاء
لم يكن من عادتي أن أحضر مجالس العزاء لأنها أصبحت ترفا يتباهى به وأخذت تمتد إلى سبعة أيام يتم أكمالها بالجلوس بالبيوت , و حين توفت جارتنا نصب سرادق كبير في الجهة الأخرى من الشارع أمام بيتي مجلساً للعزاء فأصبحت حين أخرج من بيتي وأدخله تحت نظر أولاد المتوفاة وأقربائها الذين كانوا يجلسون في بداية السرادق لاستقبال المعزين وتقبل عزاءهم مما تسبب في حرج شديد لي وعرضني لخجل دفعني لحضور المجلس ,فدخلت السرادق وجلست على أريكة لم يكن عليها أحد بعيداً عن الجالسين,و بعد دقائق قليلة جاء صديقي الطبيب الأخصائي بالإمراض القلبية والنفسية إلى المجلس وقادته قدماه إلى حيث كنت أجلس فجلس معي على الأريكة ,وبعد أن قرأ الفاتحة وشرب القهوة جاء أحد أبناء المتوفاة فسلم عليه وجلس بيني وبينه على الأريكة وسأله : كيف يعمل بأخويه المصابين بأمراض ونفسية اللذين يراجعانه للعلاج؟
لم يجب الطبيب على السؤال,أعاد السائل السؤال على الطبيب مرةً أخرى,تشاغل الطبيب عن الإجابة بالحديث معي ولم يجب ,كرر السائل سؤاله للمرة الثالثة
فقال الطبيب:دع عنك أخويك ,أهتم أنت بنفسك ,عالجها لأنك مصاب بنفس المرض الذي أصيب به أخويك و أضاف أني أقول لك بصراحة أن جميع أفراد عائلتكم بلا استثناء مصابون بالمرض نفسه…
فقام السائل مذعوراً كأنه لدغ بعقرب وقال للطبيب: سأعود إلى مكاني أستقبل المعزين وأتقبل عزاءهم ليس لوفاة والدتي بل لأني أنا وجميع أفراد عائلتي مصابون بأمراض نفسية ومشى ,فشيعه الطبيب بنظرة رثاء وأخذ يحدثني عن ذكرياته في هذه المدينة التي عمل فيها طبيباً سبع سنين قبل أن يسافر إلى المملكة المتحدة في بعثة للدراسة والتخصص بالأمراض القلبية والنفسية…
استأذنت صديقي الطبيب للخروج فقام معي وقال سنخرج سويةً لأني أريدك أن ترافقني للقيام بجولة في المدينة بسيارتي لأرى ما تغير من معالمها ا لقديمة
بعد انتهاء الجولة دعوته للعشاء والبقاء معي إلا أنه اعتذر متعللاً بالسفر, فودعته وتذكرت أنه هو أيضاً قد أصيب بمرض نفسي لا زال يعاني منه , لأنه أحب فتاة من أقرباء والدته تزوجها سرا وجاء بها معه إلى المدينة في بداية عمله طبيباً فيها إلا أن والده حين عرف بالأمر أجبره على طلاقها وزوجه فتاة من أقربائه فتخصص أيضاً بالأمراض النفسية إضافة إلى تخصصه في أمراض القلب الذي أرسل من أجله في بعثة لإكمال دراسته العليا في المملكة المتحدة.
14 – الكاذب
دخل سالم جميل حسين إلى المقهى وجلس مع مجموعة كبيرة من رواد المقهى كانوا يجلسون على مستطيل من التخوت طوله خمسة تخوت وعرضه تخت واحد مفتوح من أحد أطواله تفصل بين التخوت موائد بسيطة في الوسط, وكان يجلس قريباً منهم شخص مجنون على دكة’ ملاصقة لجدار المقهى من جهة الغرب, تحدث سالم جميل حسين إلى الحاضرين ,حثهم على انتخاب القائمة التي كان يؤيدها وانتخاب أحد مرشحيها , وعدهم بما سيصيب مدينتهم من أعمار وما سيتحقق لهم من رفاهية إذا فازت تلك القائمة, لم يتكلم الحاضرون ولم يسألوا شيئاً ,صاح المجنون من مكانه اكذب اكذب يا أبن حسين بلحن جميل ,كرر ذلك مرات عديدة ,ضج الجالسون بالضحك ,انتقلت عدوى الضحك إلى جميع من في المقهى ,لم يدر سالم جميل حسين ماذا يفعل,تمالك نفسه ,قام ومشى يجر خطواته بتثاقل وخرج من المقهى .
15 – المرأة وزوجها
قالت المرأة لزوجها وهو يهم بالخروج من البيت :لا تنسَ الموضوع الذي حدثتك عنه,قال الرجل:كيف أنسى؟!وأضاف لا بد من حسم الموضوع سريعاً
ركب سيارته,ذهب إلى صديقه أحد وجهاء المدينة ,أخذه معه إلى بيت تاجر الماشية ليخطب أبنه التاجر لولده ,أستقبلهم التاجر,دخل الثلاثة في حديث طويل عن بيع وشراء المواشي, أشترى كلاً من الرجل والوجيه شاة من التاجر وعادا دون أن يفاتحاه بموضوع خطوبة أبنته
سألت المرأة زوجها حين عاد إلى البيت:ماذا حدث في موضوع الخطوبة؟
قال الرجل:لقد دخلنا في حديث طويل عن شراء وبيع الماشية ونسيت الموضوع , سأذهب إليه مرة أخرى وأطلب يد اِبنته لولدنا
قالت المرأة:قد تشتري لنا في المرة القادمة بقرة وتنسى أن تفاتحه أيضاً
قال الرجل:حقاً أننا بحاجة إلى بقرة وأضاف إن ولدنا لا يزال صغيراً لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر وأنتِ لا زلت جميلة وصغيرة كما كنت يوم تزوجتك , بل أجمل واصغر, تتمتعين بالصحة , تقومين بواجباتك بحيوية ونشاط ,وأني أوجه الدعوة لك لنستمتع بشبابنا وأن تتركي خطوبة ولدنا إلى وقت آخر
قالت المرأة بغنج: حقاً أني لا زلت صغيرة وجميلة,أتمتع بنشاط وحيوية وطلبت من زوجها أن يصرف النظر عن موضوع الخطوبة في الوقت الحاضر,أطرى الرجل على زوجته وضحك فضحكت هي وامتزجت ضحكتها بضحكته فصارت ضحكة واحدة.
16 – إجازتان مرضيتان
في الساعة الثانية عشرة في يوم 28 نيسان أرسل مدير الإدارة والذاتية في كلية القانون والسياسة في طلب الموظف هاشم وأبلغه بوجوب الكتابة إلى رئاسة الجامعة لإستحصال موافقتها على منح إجازتين مرضيتين وأعطاه تقريرين طبيين ,عنون هاشم الكتاب إلى رئاسة الجامعة وجعل الموضوع إجازتين مرضيتين وحرره كالآتي:
يرجى التفضل بالموافقة على منح إجازة مرضية لكلٍ من:
1- السيد سلمان داود جابر لمدة 40 يوما لإدخاله مستشفى الولادة في الكرخ وإجراء عملية فتح بطن لتعسر ولادته وإخراجه من المستشفى استنادا للتقرير الطبي لطفاً
2- الآنسة اِبتسام أياد جودي لمدة 30 يوماً لإدخالها مستشفى النعمان وإجراء عملية ناسور شرجي لها وإخراجها من المستشفى حسبما جاء في التقرير الطبي مع التقدير
طبع هاشم الكتاب لكون كاتب الطابعة في إجازة,ذيله ,وقعه المدير من دون أن يقرأ النص ,وضع له رقم صادرة , أرسله ومرفقاته مع معتمد الكلية إلى رئاسة الجامعة بدفتر ذمة, أبلغهَ موظف الصادرة بخطأ الكتاب الذي أرسله , طلب هاشم من المدير إجازة زمنية حتى نهاية الدوام , غادر الكلية مسرعاً,أوقف سيارة أجرة أقلته إلى رئاسة الجامعة,وجد الكتاب في غرفة زملائه اللذين كان يعمل معهم قبل نقله إلى الكلية ,أخبرهم بوجود خطأ في الكتاب وأراد أن يأخذه,رفضوا ذلك ,ساوموه على دعوة غذاء بعد نهاية الدوام الرسمي حتى يعطوه الكتاب,وافق على الفور وأستلم الكتاب , قرر أن يضعهم بموقف محرج جداً ,دعاهم لتناول الغذاء في مطعم كان يتردد عليه يعرف صاحبه,أقنعهم بالجلوس في الطابق الأول,طلب منهم أن يطلبوا ما يشتهي كل منهم وما يريد,أنهى طعامه قبلهم ,غسل يديه, نزل إلى الطابق الأرضي, أبلغ صاحب المطعم أن حسابه سيدفعه زملاؤه وغادر المطعم متخيلاً كيف سيواجهون الموقف الذي وضعهم فيه بدون ندم …
17- الرجل والحمار
توقف الرجل أمام الحانوت في سوق حمادة, وضع سطل الألمنيوم المملوء باللبن الذي يحمله في الطريق بجانب الحانوت,دخل الحانوت لشراء علبة سجائر,جاء حمار يحمل أنقاض وأتربة من بيت رمم حديثاً لعدم تمكن مركبات الحمل ومعدات البناء الأخرى من الدخول إلى ذلك المكان لضيق الطريق,توقف الحمار وشرب اللبن الموجود في السطل ,خرج الرجل من الحانوت بعد أن ولع سيجارته ,وجد أن الحمار قد شرب اللبن, أقسم الرجل أن يعاقب الحمار عقابا شديداً, حمل السطل وذهب إلى حانوت لبيع المشروبات الروحية في محلة ذهب,أشترى قنينة خمر مستكي سعة لتر,واِشترى أيضاً ربع قالب ثلج من محل بيع الثلج القريب ووضع في السطل ماء, حمل ما أبتاعه في السطل ورجع إلى المكان الذي شرب فيه الحمار اللبن,أفرغ قنينة الخمر كاملة في السطل ,كسر الثلج إلى كسر صغيرة ووضعها في السطل,ذوب الثلج بعود من الخشب ,وضع السطل في المكان الذي شرب فيه الحمار اللبن ,جلس هو أمام باب الحانوت, جاء الحمار محملاً,شم ما في السطل ,شرب ما فيه,سار الرجل قريباً من صاحب الحمار ليرى ماذا سيحل بالحمار,نزل الحمار من منطقة خضر اليأس إلى شاطئ دجلة ,توقف الحمار حين وصل المكان الذي يفرغ فيه حمولته, تقدم صاحبه,قلب السابل (وعاء الحمولة)على الشاطئ,وضع السابل على ظهر الحمار وهم أن يركبه, أحرن الحمار , قلب السابل من على ظهره, خاض في النهر حتى رقبته,أخذ يغطس رأسه مراراً في الماء وينفض الماء عنه, بقيَّ على هذه الحال ما يقارب النصف ساعة ,خرج من الماء,وقف حيث يقف صاحبه, وضع صاحبه على ظهره السابل وركب الحمار عائداً إلى العمل .
تعجب الرجل مما فعله الحمار,’ لحق به ,أوقفه ,تحدث إليه قال: لقد سلكت سلوكاً غير اعتيادي معك, لكنك عرفت كيف تتخلص منه بطريقة سهلة وبسيطة,لابد أن لك تجربة كبيرة علمتك كيف تمكنك من التخلص من المواقف الصعبة , أنك ذكي تمتلك قدرات عقلية كبيرة ورجاحة عقل,أني أعتذر منك وأرجو أن تقبل اعتذاري وتسامحني ,مسح بيده على رقبة الحمار ورأسه وتركه يسيرمن دون أن يدرك صاحب الحمار هل أن الرجل كان يتحدث إليه أو كان يخاطب الحمار؟
18- جنون الفشل
كنت جالساً على شاطئ دجلة في أحدى مقاهي شارع أبو نؤاس أستمع إلى زميلي في دراستي الجامعية يحدثني: أنه في طريقه إلى المقهى شاهد شخص يعرفه من مدينته يسير في عكس إلا تجاه الذي كان يسير هو فيه و في الجهة نفسها من الشارع فعبر إلى الجهة الأخرى لأنه لا يريد أن يُسَلِمَ عليه ويتحد ث معه , لحق به ذلك الشخص وأمسك به ومد يده إليه ليصافحه فلم يمد زميلي يده له وقال: ليس هذا الوقت وقت سلام ومشى وتركه واقفاً متعجباً ,سألت زميلي :لماذا فعلت ذلك؟
قال :لقد أفسد عليَّ خلوتي مع نفسي وقطع حديثي معها وعكر متعة سيري في الشارع
قلت لزميلي: (جرب أن تُشّرب للناس على قدر الثريد )
قال: لست أنا صاحب مطعم للسلب ( الباﭽة)أي ( رؤوس الخرفان المطبوخة)
أوقفت نقاشي معه ولذت بالصمت ,استعرضت بفكري بعض ما عرفت عنه:كان طالب بعثة أرسل للدراسة الى المملكة المتحدة , فشل في دراسته وعاد ,أكملنا دراستنا الجامعية معاً في نفس القسم , كان لا يجيب إذا سُئلَ عن دراسته في المملكة المتحدة , ربطت بين ما عرفت عنه وبين سلوكه اليوم ,توصلت إلى أنه كان يحاول أن يتناسى فشله ويهرب ممن يذّكره به,توصلت إلى ذلك حين وصل صديقي قاسم وألقى التحية وجلس على كرسي بجانبي وقال لزميلي: قبلت في بعثة للدراسة في المملكة المتحدة للحصول على الدكتوراه في الفيزياء ,جئت أستفسر منك ماذا أفعل في الأيام الأولى حين أصل إلى هناك ؟لم يجب زميلي على السؤال , تحدث عن اشتراكه في سباق للركض في جامعة كاردف التي كان يدرس فيها وقال : أنه حصل على المركز الأول في ذلك السباق, لكنه أوضح أن السباق كان مخصصاً للجنس اللطيف وأنه الوحيد الذي أشترك فيه من الجنس الآخر,ضحك صديقي قاسم وقام وودعنا مغادراً لأنه كان يعرف زميلي جيداً وسبق أن سكن معه في شقة واحدة, فأيقنت أن صديقي قاسم قد توصل إلى ما كنت قد توصلت إليه حين قدم وجلس معنا في المقهى .
19- مشكلة
تعودت بعد انتهاء دوامي الصباحي أن أتناول طعام الغذاء في مطعم قريب وأعود إلى غرفتي في الجامعة لآخذ قسطاً من الراحة ,أغلق الباب من الداخل , أنزع حذائي ,أجلس على الكرسي,أضع رجليَّ فوق المكتب ,أتصفح صحيفة اليوم,أقرأ في كتاب,تأخذني سنة من النوم,أستيقظ قبل أن يحين وقت الدوام المسائي,لأني كنت أعمل بدوامين صباحاً ومساءاً,بدأت صعود السلم إلى غرفتي في الطابق الثاني, رأيت أحد الموظفين في الطابق الأول يقف مع طالبة وطالب,يمسك بطاقتيهما الشخصية بيده,يتحدث إليهما,أصغيت إليه,كان يحاول استغلالهما وابتزازهما,مشيت إليه سألته :ما هي المشكلة؟
قال:وجدتهما يجلسان في وضع غير أخلاقي في حديقة الجامعة , وأضاف سأقدمهما إلى رئاسة الجامعة لاتخاذ ما يلزم بحقهما قلت:انك تضع نفسك في مشكلة لا يمكنك الخروج منها !!!وأضفت كيف يمكنك أن تثبت أنهما كانا يجلسان في وضع غير أخلاقي وفي حديقة الجامعة أمام الطلبة ؟,طلبت منه أن يعطيني بطاقيتهما الشخصية لأتدبر الأمر,أعطاني بطاقتيهما الشخصية وغادر المكان,نظرت إلى البطاقتين الشخصيتين,كانا في المرحلة الدراسية الثالثة في كلية الإدارة والاقتصاد,مددت يدي إلى الطالب أعطيه بطاقته الشخصية وقلت: أنك لا تستحق أن تكون صديقاً لهذه الفتاة
قال:لماذا؟
قلت :لأنك لم تدافع عنها ولم توفر لها الحماية وأضفت:أن المرأة لا تشعر بالأمان إلا حين تجد الرجل الذي يحميها
قال:لقد خفت حين هددنا بالطرد من الجامعة ولم أعرف كيف أتصرف ..
سألت : الطالبة وأنا أعطيها بطاقتها الشخصية:لماذا أنت لم تحمِ زميلك مادام هو لم يستطع أن يدافع عنك ويحميك؟
قالت:كيف؟!
قلت:يمكنك أن تدخلي ذلك الموظف السجن بمجرد الادعاء عليه دون حاجتك إلى شهود
قالت:لم أفهم ما تقول
قلت: الم تعرفي القاعدة الفقهية (النساء مصدقات على فروجهن)
قالت :لا
مشيت أريد الصعود إلى غرفتي ,استوقفتني الطالبة,شكرتني لأني خلصتهما من مشكلة وقالت:آمل أن نكون أصدقاء
قلت:أنا صديق الجميع ولكن عليك أن تناضلي مع غيرك من النساء لنيل حقوقكن وأضفت :أعلمي(أن حقوق المرأة كالاستقلال تنال ولا تعطى)
قالت:أعدك أني سأفعل وهي تبتسم ابتسامة عريضة وتعدني بلقاء قريب,فودعتهما ومشيت أصعد السلم إلى غرفتي في الطابق الثاني
20- دعوة غذاء
لم اصدق أنها هي التي كلمتني !! ,في المحاضرة الأخيرة جاءت وجلست على كرسي بجانبي ,بعد المحاضرة دعتني لشرب الشاي والجلوس معاً في نادي الكلية,أقسمت أن تجلب هي الشاي وتدفع الحساب,ما أن خرجنا من النادي جاء صديقي,طلب أن يكلمني على إنفراد,استأذنت منها دقائق قليلة,سألني صديقي:هل كسبت هذه الفارعة الجميلة حزبياً؟
قلت:لا
قال :ماذا حدث؟
قلت :هي صادتني..
قال :كيف ؟
قلت :لا أدري ..
قال متوسلاً:أرجوك أخبرني
قلت بمكرودبلوماسية:أسأل صاحبة الشأن,أنها أمامك
قال:أنت تعرف أنها لم تكلم أحداً من الطلاب ولم تجب على سؤال أيٍ منا منذ دخولنا الجامعة الى أن أصبحنا على مشارف التخرج في النصف الثاني من السنة الرابعة, وأضاف ماذا تغير ؟
قلت:هل تتذكر أول محاضرة ألقيت علينا في الجامعة؟
قال:أتذكر أن الأستاذ أختارك مراقباً لتكون حلقة وصل بين الأساتذة والطلبة وسلمك دفتر عيابات للطلبة ودفتر عيابات للأساتذة لأنك كنت الحاصل على أعلى(علامات) في مرحلة الدراسة الإعدادية بين طلبة المرحلة الأولى من قسمنا
فلت : هل تتذكر بعض ما قاله الأستاذ في تلك المحاضرة؟
قال:لا
قلت لقد قال ممازحاً الطالبات:إن الطالبة في المرحلة الأولى من دراستها الجامعية لا تقبل أن تتزوج إلا وزيراً أو سفيراً في وزارة الخارجية,وفي المرحلة الثانية تريد زوجاً لها مديراً عاماً,وفي المرحلة الثالثة تقبل بالزواج من أي موظف في الدولة,أما في المرحلة الرابعة فإنها تتمنى أن يتزوجها أحد زملائها في تلك المرحلة
قال:هل ترى أن ما قاله الأستاذ في تلك المحاضرة حقاً؟
قلت:يمكنك أنت التحقق من ذلك..
قال:أرجع إليها,ألا تراها تنتظرك بقلق, ودعته وتوجهت إليها معتذراً عن التأخير
قالت :هيا بنا نخرج من هنا,إني أدعوك لتناول طعام الغذاء معي في البيت ..
قلت: اعذريني عن قبول الدعوة,وحاولت التملص من الدعوة بأعذار شتى
قالت:إن أبي ينتظرنا على الغذاء وأضافت لا يمكنك الاِعتذار وعدم قبول الدعوة,لأنك ستخذلني أمام أبي,لقد حدثته عنك,فطلب مني أن أدعوك لتناول الغذاء معنا
قلت:مادام الأمر هكذا,إني أوافق على قبول الدعوة,لأني لا أريد أن أخذلك أو أسبب لك إحراجاً ,وأضفت سوف لن أرد لك طلباً في الأيام القادمة..
ابتسمت وبرقت عينيها بريقا لم أعهده من قبل,أمسكت بي من عضدي وهي تضغط عليه بأصابعها بقوة وتجرني لنخرج من الكلية ونحن نضع خطواتنا الأولى على الطريق ….
21- الحشيش والأستاذ
دخلت إلى مطعم للشواء كان يقدم الخضرة كالكرفس والرشاد والريحان مع الشواء مجاناً,جلست على مائدة لم يكن يجلس عليها أحد, بالقرب من مائدة كان يجلس عليها رجل أنيق ,كان يأكل بتؤدة وبطئ, جاء نادل المطعم, سألني عما أطلب من الشواء,أخبرته,نادى بصوت مرتفع لإعداد طلبي وهم بالذهاب , استوقفه الرجل الأنيق,طلب خضرة إضافية , صاح نادل المطعم بأعلى صوته مترنماً بلحن:(جيب حشيش للأستاذ) , نظرت إلى وجه نادل المطعم ,وجدت أنه ينم عن سخرية واستهزاء كبيرين ثم نقلت بصري إلى الرجل الأنيق, وجدت أنه كان يأكل كما رأيته أول مرة,لكن وجهه كان يفصح عن تعالي وترفع واحتقار دون أن يتفوه بكلمة…
22- الشاي والخائن
كنت أجلس في مقهى في دمشق,دخل شخص عراقي أصبح أحد اللذين حكموا في العراق فيما بعد,جلس على أريكة بجانب صاحب المقهى,طلب شاياً,صاح صاحب المقهى مناديا نادل المقهى وممازحاً صديقه العراقي:(جيب شاي للخاين بلاده),نظر العراقي إلى صاحب المقهى وابتسم وقال (سوف ترى من سأكون في المستقبل), وأخذ يشرب الشاي ويتحدث إلى صديقه صاحب المقهى ويضحك…
23-الإعلامي والوطن
كنت جالسا في الشقة التي كنت أسكنها مع صديقي الإعلامي الذي أصبح بعد إكمال دراسته العليا أستاذا في كلية الإعلام ثم عميداً لها,فُتِحَ باب الشقة,دخل الإعلامي مع زميل دراسة له ,أوصى الإعلامي زميله: من يسأل عني فأنا غير موجود ودخل يستحم,بعد قليل دق جرس الباب,فتحه زميل الإعلامي,سمعت صوت صديقي يسأل عن صديقه الإعلامي أيضا,أخبره زميل الإعلامي أنه غير موجود,أسرعت إلى الباب, ناديت على صديقي قبل أن يذهب,طلبت منه الدخول, دخل, جلسنا نحن الثلاثة في الصالة,خرج الإعلامي من الحمام,أحمر وجه زميله خجلا وقال مخاطباً الإعلامي: لقد وضعتني في موقف محرج حين أخبرت صديقك أنك غير موجود
قال الإعلامي: أنا لم أوصيك أن تخبر صديقي أني غير موجود
قال زميله :من أين لي أن أعرف جميع أصدقائك ونحن في بداية السنة الدراسية الأولى في كلية الإعلام ؟
قال الإعلامي: لابد أن تتعلم كيف تتخلص من المواقف المحرجة وإلا سوف لن تكون إعلامياً ناجحاً..
قال زميله:نحن ندرس تأثير الكلمة الصادقة وأهداف الإعلام وأن الصحافة سلطة رابعة والرأي العام..
قال الإعلامي:دع الدراسة وما موجود في الكتب وأضاف: كثيراً ما يكون الإعلام تشويه للحقائق حتى في الدول المتقدمة
قال زميله:أخبرني كيف يمكنني أن أكون إعلاميا ناجحاً؟
قال الإعلامي:أن تطبق المثل الشعبي:(من يأخذ أمي أسميه عمي) في مسيرتك الإعلامية
قال زميله: حتى وإن ضاع الوطن؟
قال الإعلامي:الوطن وطن الجميع وليس ملكك وحدك وضحك وهو يشير بيده منهياً النقاش..
24- القصاب والمشتري
كان الوقت عصرا حين وصل إلى بيته ضيوف من مدينة أخرى, اتصلت به زوجته هاتفياً ,أخبرته وطلبت منه أن يشتري لحماً لان الكمية المتوفرة في البيت لا تكفي,ذهب إلى السوق,لم يجد سوى قصاباً واحداً لا زال فاتحا حانوته معلقاً قطعة من لحم الضأن أمام الباب,لم تعجبه القطعة, لكنه اشتراها مضطراً,دفع للمشتري النقود وارد أن يذهب, استوقفه القصاب بعد أن أنهى عد النقود, أعاد قسماً منها إلى المشتري
سأل المشتري القصاب : هل أن أسعار اللحم انخفضت؟
أجاب القصاب :لا
قال المشتري متسائلاً: لماذا أعدت لي هذه النقود؟!
قال القصاب وهو يبتسم: هذه النقود لتشتري بها قنينة غاز
سأل المشتري :لماذا؟
قال القصاب وهو يضحك: لان اللحم الذي اشتريته يحتاج إلى وقت طويل وقنينة غاز جديدة لطبخه حتى يكون ناضجاً وصالحاً للأكل
ضحك المشتري, وضع النقود في جيبه,ذهب واشترى بها قنينة غاز, أعطاها لزوجته مع اللحم
سألت زوجته عن سبب شراء قنينة غاز مع اللحم, لان الغاز كان متوفراً في البيت؟
ضحك الزوج وقال: إن اللحم يحتاج إلى قنينة غاز كاملة لطبخه ليكون صالحاً للأكل, وطلب من زوجته أن تستغل الوقت وتضع اللحم على النار بسرعة كي ينضج …
25- الوصية
دخل فهمي إلى مجلس العزاء وكان من عادته لا يتورع ولا يتحرج من قول ماكان يريد أن يقوله في أي مكان, أستقبله أولاد المتوفى وذوي قرباه , جلس ,قرأ الفاتحة ,شرب فنجانان من القهوة وكأساً من الماء وخاطب أولاد المتوفى وهو جالس في مكانه فقال جئت أبلغكم شيئاً : إن أباكم رحمة الله عليه كان رجلاً طيباً لكنه كانت فيه صفة واحدة غير جيدة وهي صداقته لهذا الرجل وأشار بيده إلى رجل كان جالساً في المجلس وأضاف إني أوصيكم ألا تكونوا مثل أبيكم وأريد منكم أن تقطعوا صلتكم وعلاقتكم بهذا الرجل وأشار إليه بيده مرة أخرى وقام من مكانه وصافح أولاد المتوفى وعزاهم وخرج من المجلس مودعاً من ذوي قربى المتوفى, فضج من كان جالساً في المجلس بالضحك وأخذوا ينظرون إلى الشخص الذي أشار إليه الذي بقيَّ صامتاً دون أن يتفوه بكلمة لأنه يعرف جيداً أنه لو أعترض على كلام المعزي لكان مثاراً للسخرية والإستهزاء من قبل المعزي
26-الاقتداء
كنت قبل الغروب أجلس في مقهى حسن عجمي أنتظر صديقاً لي,وكان يجلس بالقرب مني رجل دين كبير السن يرتدي سروال(بنطلون) وقميص ابيض وفوقهما جبة ويعتمر عمامة هي طربوش أحمر لف في أسفله قماش ابيض وكان هذا لباس رجال الدين في بغداد في ذلك الوقت,جاء رجل مخمور فتح باب المقهى وأغلقه مرات عديدة, لكنه حين فتح الباب في المرة الأخيرة,وضع أحدى رجليه في المقهى والرجل الأخرى في شارع الرشيد وأمسك الباب بيده ,أخذ يسب ويشتم النبي نوح عليه السلام لأنه صنع السفينة وأنقذ البشرية من الغرق حين حدث الطوفان ,قام رجل الدين من المكان الذي كان يجلس فيه واتجه إلى حيث يقف الرجل المخمور,بصق في وجه الرجل المخمور وصفعه بيده بكل ما يملك من قوة على وجهه صفعتين ورفع يده إلى الأعلى يريد أن يضرب الرجل المخمور على رأسه فامسك بيد رجل الدين رجل قام من مكانه كان يجلس قرب الباب خوفاً أن يرد الرجل المخمور الضربات إلى رجل الدين وقبل رأس رجل الدين وأعاده الى المكان الذي كان يجلس فيه واتجه إلى حيث يقف الرجل المخمور وسحبه بعيداً عن المقهى في زحام الشارع ثم عاد الى المقهى,جاء صديقي في الوقت الذي رفع فيه الآذان لصلاة المغرب,فقام رجل الدين وقام ورائه مجموعة من رواد المقهى وعبروا الى الجهة الأخرى من الشارع ودخلوا جامع الحيدرخانة فقمنا أنا وصديقي بعد أن دفعت حساب المقهى وعبرنا الشارع ودخلنا الجامع أيضا ,وحين أقيمت الصلاة أمَّ المصلين رجل الدين الذي كان يجلس في المقهى فاقتدينا به وأدينا صلاة المغرب مع المصلين .
27- الحقيقة
دخل الفيلسوف غرفة رئيس أحد الأقسام في كلية الآداب محاولاً أن ينهي نزاعاً حدث بين رئيس القسم وأستاذٍ كان مدرساً لرئيس القسم في المدرسة الثانوية لأن الأستاذ أراد من رئيس القسم أن تكون جميع محاضراته في الأيام الثلاثة في بداية كل أسبوع وتكون الأيام الباقية عطلة له يسافر فيها إلى زوجته الأخرى في مسقط رأسه,لكن رئيس القسم رفض ذلك لأنه يشجع الأساتذة الآخرين أن يطلبوا مثل ذلك الطلب فحدث نزاع بينهما وتطور إلى شكايات رفعت إلى عمادة الكلية وإلى رئاسة الجامعة,قال الفيلسوف لرئيس القسم :دكتور أنكم أبناء مدينة واحدة,قاطعه رئيس القسم قبل أن يكمل ما أراد أن يقول ,وقال أستاذنا الكبير: إن عائلة الأستاذ رغم قدومها قبل مائة وخمسون سنة إلى المدينة لم ينتمِ أحدٌ منهم إلى مدينتناالعريقة ولم يخلص أحدٌ منهم لها أبداً,سكت الفيلسوف لأن ما قاله رئيس القسم حقيقة يعرفها الفيلسوف جيداً لأنه من أبناء المدينة ,فقام الفيلسوف وصافح رئيس القسم للخروج من الغرفة ,فقام رئيس القسم احتراما له ومشى خلفه مودعاً حتى باب الغرفة معتذراً للفيلسوف وشكره على حضوره.
28- الموت مع الصديق كنا مجموعة كبيرة من الناس تقف في المقبرة حول الحفرة التي وضع فيها جثمان المتوفى لدفنه,تحرك صديق للمتوفى ,أخذ يصرخ ويبكي يريد أن يرمي نفسه في الحفرة ويقول : أدفنوني معه ,أمسك به بعض الحاضرين , لتهدئته ,قالوا له:أدعُ لصديقك ,أطلب من الله له الرحمة والغفران,لكنه ازداد صراخاً وحاول التخلص ممن يمسكون به ليرمي نفسه بالحفرة التي وضع فيها جثمان المتوفى ,تدخل أحد الشيوخ الواقفين مخاطباً الذين كانوا يمسكون به : أتركوه ,وقال له أنزل إلى الحفرة لندفنك مع صديقك ما دمت تريد ذلك,
سكت صديق المتوفى,وقف هادئا في مكانه ,قال للشيخ :ياعم الروح غالية,فضحك جميع الحاضرين أمام الحفرة وواصل الذين يقومون بدفن الميت بإهالة التراب في الحفرة ليجعلوا منها قبراً للمتوفى .
29- المفتاح والقفل
في الساعة الحادية عشرة ليلاً خرج يوسف من بيت عمه ترافقه زوجته بعد انتهاء زيارتهما لهم وذهبا إلى شاطئ النهر في المكان الذي ربط فيه الزورق ليركباه ويعودا إلى بيتهما في الضفة الأخرى من النه, فتش يوسف جيوبه عن مفتاح القفل الذي قفل به السلسلة الحديدية المربوطة في الزورق في مكان ربطا لزوارق فلم يجده ,أشعل المصباح الذي كان يحمله بيده, أضاء الأرض حيث كان يعتقد أنه قد سقط منه فلم يعثر عليه , احتار يوسف ماذا يفعل ؟ ضاق صدره,لم يفكر بالرجوع إلى بيت عمه لينام هو وزوجته في بيتهم لأن البيت كان صغيراً لا يتسع لهم ولم يستطع أن يفتح القفل الذي ربط فيه الزوارق للعبور إلى بيته في الضفة الأخرى من النهر,أخرجت زوجته من جيبها مفتاح صندوق صغير كانت تضع فيه حاجاتها الخاصة ومدت يدها إلى زوجها بالمفتاح وقالت:يمكن أن تجرب هذا المفتاح لعله يفتح القفل,تضايق زوجها من كلامها وانفعل وقال :أنه ليس كالقفل الذي بين فخذيكِ يمكن لأي مفتاح رجل بين فخذيه أن يفتحه بسهولة ,وأضاف إن هذا القفل له مفتاح خاص لا يمكن أن يفتحه إلا هو ومشى قليلاً يضيْ الأرض بالمصباح الذي يحمله بيده فوجد المفتاح ملقى على الأرض بالقرب من المكان الذي ربط فيه الزورق,فتح القفل, صعدت زوجته, ركبت في آخر الزورق , صعد هو,ركب في الوسط مقابل زوجته وأخذ يجذف بمجدافي الزورق للعبور إلى الضفة الأخرى وضحك وأعاد ما قال لزوجته حين أعطته المفتاح الذي كان معها وطلبت منه أن يجرب به فتح القفل قبل أن يجد مفتاح قفل الزورق,فضحكت زوجته وقالت بعد أن أقسمت :أن قفلها لم يفتحه إلا مفتاحه الخاص الذي بين فخذيه ولم يفتحه أي مفتاحٍٍ آخر غيره,فضحك يوسف مرة أخرى وأخذ يجذف بنشاط حتى وصلا إلى شاطئ النهر في الجهة الأخرى بالقرب من بيتهما.
30- الحب والانتحار
اتصل بندر بزميلته التي كانت معه في الدراسات العليا التي كان يحبها وطلب أن يلتقي بها بعد نصف ساعة لأنه أراد أن يفاتحها بموضوع مهم فقد كان يريد أن يفاتحها بالزواج ,اعتذرت منه لانشغالها في الوقت الذي حدده وارتباطها بموعد مع شخص ٍآخر,انفعل بصورة غير اعتيادية وأخبرها بأنه سوف ينتحر إذا لم تأتِ في الوقت الذي حدده,لم تهتم هي لما قال,اعتبرته مزحة فيها مبالغة كبيرة ,انتظرها لكنها لم تأتِ في الوقت الذي حدده, تناول كمية من الحبوب المعروفة طبياً لأنه أعتقد أنه سيمرض ليستدر عطفها عليه ويملي إرادته عليها ويحقق ما يريد منها بسهولة ولم يظن أن الحبوب التي تناولها ستؤدي إلى موته حيث دخل بعد تناولها بوقت قصير جداً في أزمة صحية أدت إلى وفاته .
31-عودة الحذاء
في صباح شتائي بارد وضع مدير المدرسة المتوسطة واحداً من أحذيته الثلاثة في كيس ورقي, حمل الكيس بيده وخرج من بيته ,مشى خطوات في الطريق ,توقف أمام بيت جاره,دق الباب ,فتح الجار الباب ,ناوله المدير الكيس وواصل سيره ليكون قبل بداية الدوام في المدرسة,أنتظر جاره في الباب حتى غاب المدير عن نظره ,حمل الحذاء وذهب حافي القدمين ليبيع الحذاء,اشترى والد مدير المدرسة الحذاء لأنه أعجبه ووجده في حالة جيدة يشبه أحذية ولده,دفع المبلغ وذهب إلى المدرسة التي كانت قريبة من السوق, دخل إلى غرفة ابنه, لم يجد أحداً معه,قال الأب لإبنه :اشتريت حذاءاً لك وإن لم يكن جديداً لكنه يشبه أحذيتك التي تلبسها وناوله الكيس,فتح المدير الكيس ,وجد فيه حذاءه الذي أعطاه إلى جاره قبل وصوله إلى المدرسة,شكر الابن أباه ولم يخبر أباه شيئاً لكنه عرف أن جاره قد باع الحذاء إلى أبيه وأن جاره قد تعود المشي حافي القدمين وتيقن أن الحاجات التي تلاؤمه هو لا يمكن أن تكون ملائمة لغيره مثل جاره.
32- الإنكليزي والياباني
وقف مجيد في سوق التجار أمام حانوت بائع الكوفيات وكان متعباً عيناه حمراوان في إحداهما شتحاً بسيطاً يضع على رأسه كوفية مرقطة بالأسود(يشماغ) وفوقها عقال,طلب من البائع يشماغ (لندني),أعطاه البائع متعمداً يشماغ ياباني الصنع, أخذه مجيد وقرأ ما كتب على القطعة الورقية باللغة الإنكليزية الملصقة على اليشماغ أنه صنع في اليابان,أعاد مجيد اليشماغ إلى البائع وهو يشير إلى القطعة والورقية وقال :هذا يشماغ ياباني وليس إنكليزي, تعجب البائع وسحب اليشماغ من يد مجيد بسرعة وقال :وهو يضحك:لم أعرف من قبل أن من مثلك وبشكلك هذا من يجيد قراءة اللغة الإنكليزية
قال مجيد: هل أن من يجيد اللغة الانكليزية يجب أن يكون جميل الشكل وأنيق الملبس؟ أعتذر البائع من مجيد عما قال وطلب أن يسامحه لأنه وجد أنه قد أساء إلى مجيد وأعطاه يشماغ إنكليزي الصنع ,أخذ مجيد اليشماغ وقرأ ما كتب على القطعة الورقية فوجد أنه صنع في بريطانيا,ساوم مجيد البائع على السعر فوجد البائع أن مجيد يعرف السعر جيداً فوافق على البيع بالسعر الذي حدده مجيد,دفع مجيد المبلغ إلى البائع فأعاد البائع جزء من النقود إلى مجيد وقال وهو يضحك:لقد خفضت لك السعر وخصمت لك نسبة من سعر البيع لأنك تجيد اللغة الانكليزية,فقال مجيد للبائع:هناك الكثير من أمثالي وأرجو منك ألا تهتم بالشكل وأناقة الملبس لأنك تاجر لأن التجارة لا تقوم على مثل ذلك,فتعجب البائع من قول مجيد وصافحه وطلب منه أن يسامحه وأعتذر منه مرة أخرى
33- السكرتير المؤقت
في الساعة التاسعة صباحا رنّ جرس الهاتف,أبلغه رئيس القسم الذي كان يعمل فيه أن يذهب إلى غرفة سكرتير رئيس الجامعة ويقوم بمهام السكرتير لتمتع السكرتير بإجازة,طلبه رئيس الجامعة,قال له:لا تدخل عليَّ أحداً أياً كان,بعد عشر دقائق جاء وكيل إحدى الوزارات بصحبة معاون رئيس أركان الجيش,رحب يهما وطلب منهما أن يجلسا قليلاٌ,قالا أنهما في عجلة من أمرهما وقال أحدهما لقد أبلغنا موظف الاستعلامات بوجود رئيس الجامعة وسمعا صوته ير على مكالمة هاتفية ,دخل إلى غرفة رئيس الجامعة أبلغه بوجودهما,غضب رئيس الجامعة وقال بانفعال:الم أوصيك ألا تدخل عليَّ أحداً,لم يرد عليه,مشى وفتح باب الغرفة ,قال لهما تفضلا بالدخول وأغلق الباب,لم يمكثا أكثر من نصف ساعة وخرجا وخرج رئيس الجامعة يودعهما إلى باب الغرفة وبعد أن غادرا بقيَّ رئيس الجامعة واقفاً بالباب وهدده بالفصل من الوظيفة,قام هو من مكانه ووقف أمام رئيس الجامعة وقال : أنك تريد أن تعلمني الكذب وأغلق الباب في وجهه وترك الغرفة وذهب إلى محل عمله بالقسم الذي يعمل فيه ,كتب استقالته في ورقة ووضعها على مكتبه,طلبه رئيس القسم ,ذهب إليه حاملاً الورقة بيده,سأله رئيس القسم:هل تعرف أن درجة رئيس الجامعة درجة خاصة؟
أجاب:أنت تعرف جيداً أني أعرف ذلك
قال رئيس القسم:لماذا أغلقت الباب بوجهه وغادرت غرفة السكرتير؟
أجاب : أنت تعلم أنه حاصل على الدكتوراه في التربية ورغم ذلك يريد أن يعلمني الكذب وأضاف أني ُمؤمَنْ عليَّ ضد خيانة الأمانة وسأل رئيس قسمه هل تقبل أن أكذب وأغش في عملي وأخون نفسي؟
قال :لا , وطلب أن يخبره بما حدث, أخبره وقدم له الورقة التي كانت بيده,قرأ رئيس القسم الورقة , مزقها وقال:لا تهتم لما قال رئيس الجامعة ,أرجو أن تنساه ,لا تفكر بما قال,لا يستطيع هو أن يعمل شيئاً لأنه ليس هو مسئول الجامعة ,أذهب إلى عملك بالقسم ولا تذهب إليه حتى إذا طلبك دون أن تخبرني,
خرج من الغرفة إلى محل عمله وأدرك أن رئيس القسم هو مسئول الجامعة وليس رئيسها .
34- المبادئ والقيم والالتزام
دخلت امرأة عجوز إلى المقر تحمل كيس طحين فارغ في داخله أشياء وطلبت مقابلة المسئول,دخلت العجوز إلى غرفة المسئول تحمل الكيس بعد أن سمح لها المسئول بالدخول ,سألها المسئول :ماذا في داخل الكيس؟
قالت العجوز:هذه أغراض ولدي سمير طلب مني أن أسلمها لك شخصياً, دق المسئول جرساً أمامه فدخل الشخص الذي يقف أمام باب الغرفة,طلب منه المسئول أن يفتح الكيس ليرى ما بداخله, فتح الشخص الكيس,وجد في داخله بذلة عسكرية غير نظامية وحذاء عسكري مع غطاء للرأس وبندقية معها مخزني عتاد
سأل المسئول العجوز :أين أبنك سمير؟
أجابت العجوز: رحل ولم يخبرني إلى أين ذهب
قال المسئول: أين المبادئ ,أين القيم, أين الالتزام؟
قالت العجوز:لقد وضعها ولدي سمير في داخل الكيس مع الأغراض وأضافت إن لم تكن موجودة في داخل الكيس سأفتش عنها في البيت وأجلبها لكم إن وجدتها,أنفعل المسئول وطلب من العجوز الخروج من الغرفة لأنه أعتقد أن العجوز كانت تتعمد البلاهة والغباء في حديثها وطلب من الشخص الذي فتح الكيس أن يسجل ما جاءت به العجوز ويصرفها بسرعة,حمل الشخص الكيس وما فيه وخرج من الغرفة.وسجل ما جاءت به العجوز وصرفها فورا
35- الدخول إلى السينما
خرج سالم وأبوه من عيادة الطبيب الأخصائي بالأمراض القلبية الذي فحص والد سالم وطمأنه أن قلبه يعمل جيداً ولم يصف الطبيب له دواء لأنه لا ليس بحاجة إلى علاج لكنه نصحه بترك التدخين, أراد سالم أن يزيد من فرح أبيه فسأله:هل يحب الدخول إلى السينما التي كانت تقع بالقرب من عيادة الطبيب؟أجاب الأب بالإيجاب لأنه لم يدخل إلى أي دار سينما في حياته,قطع سالم تذكرتين له ولأبيه ودخلا إلى السينما وجلسا في الصف الأول من المقاعد المواجهة للشاشة,أُطفئت الأنوار وبدأت السينما دعايات للأفلام التي ستعرض في الأسابيع القادمة ودعايات لسيارات من نوع مرسيدس,فظهرت سيارة مرسيدس على الشاشة تسير بسرعة فائقة كأنها متجهة إلى مقاعد المشاهدين,قام أبو سالم من كرسيه ووقف وصاح بأعلى صوته هوب ,هوب ,هوب,أوقفوا سير السيارة,أنها ستصدم جميع الحاضرين وتقضي عليهم, وحين سمع مشغل السينما الصراخ أعتقد أن حادثاً قد وقع لأحد المشاهدين فأوقف التشغيل وأضاء السينما ,نظر جميع المشاهدين إلى المكان الذي يقف فيه أبو سالم فعرفوا أنه هو الذي صرخ حين كانت الأضواء مطفأة والسينما تشتغل وتعرض دعايات,فأخذوا يتندرون بأصوات مسموعة وقسم منهم وصفوا أبا سالم بالمجنون,فقام سالم وأمسك بيد أبيه وخرجا من السينما قبل عرض الفلم وذهبا لتناول طعام العشاء في مطعم لأن سالم أدرك أن أباه سيكرر الصراخ ويعترض حين يشاهد مشاهد من الفلم الذي ستعرضه السينما لأنه لم يألفها ولم يرَ مثيلاً لها في حياته.
36- احترام المهنة
إتصل رئيس الجامعة الذي عُينَ حديثاً بالمهندس المعماري الذي وضع تصاميم أبنية الجامعة وطلب منه الحضور, جاء المهندس المعماري ودخل على رئيس الجامعة وهولا يعرف ماذا يريد لأن أبنية الجامعة قد تم بناءها كما هو وضع تصاميمها قبل أن يعين رئيس الجامعة الجديد,قال رئيس الجامعة مخاطباً المهندس المعماري: أرسلت في طلبك لتضع لي تصميماً لبناء جديد يكون أكثر فخامة واتساعا من المكان الذي أشغله الآن ويكون موقعه في أعلى طابق لنعلنه مناقصة ونباشر بالبناء في وقت قريب ,قال المهندس المعماري:أن مساحة الأرض لا تتحمل بنايات أخرى وأن إضافة بنايات جديدة سوف يؤثر على الطلبة ويقيد حركتهم ويغير الحدائق المحيطة بأبنية الجامعة ويخرب ما وضعته من تصميم لها بعد دراسة جادة
قال رئيس الجامعة:إذا لم تقم بوضع تصاميم لما قلت سأحلق شعر رأسك وأرسلك إلى السجن,لم يرد المهندس المعماري على تهديد رئيس الجامعة له وطلب إعطاءه وقتاً لمراجعة التصاميم السابقة للأبنية لتحديد المكان الملائم لوضع تصميم جديد للبناء المقترح
قال رئيس الجامعة: أمهلك ثلاثة أيام فقط,خرج المهندس المعماري من غرفة رئيس الجامعة,ركب سيارته وأتجه إلى أقرب مكتب للخطوط الجوية ,قطع تذكرتين له ولزوجته للسفر على الطائرة التي ستغادر بعد ساعات قليلة إلى البلد الذي أكمل فيه دراسته العليا في الهندسة المعمارية لأنهما حاصلان على إقامة في ذلك البلد,ورجع إلى مكتبه الذي كانت زوجته تجلس فيه وكان قد صممه جزءاً من أرض بيته,طلب من زوجته القيام وإعداد حقيبته وحقيبتها للسفر بسرعة فقامت هي ودخلت البيت ,قام هو بإغلاق المكتب ,وضع سيارته داخل البيت,حمل هو حقيبته وحملت زوجته حقيبتها ,ركبا سيارة أجرة إلى المطار ,أكملا إجراءات السفر داخل المطار , ركبا في السيارة إلى مكان وقوف الطائرة, صعدا إلى الطائرة وجلسا على مقعدين متجاورين , وبعد وقت قليل حلقت الطائرة مغادرة ,فابتسم المهندس المعماري فرحاً لأنه لم يخرب ما قام بتصميمه سابقاً ولم يرضخ لتهديد رئيس الجامعة الذي يعتقد أن الفخامة هي فخامة الأبنية والأماكن دون أن يفهم ويعي أن الفخامة هي ثقافة النفس واحترام انجازات الآخرين دون تخريب .
37- الصباغ والحذاء
دخل الأديب هادي إلى مقهى البرلمان وجلس مع شلة من الأدباء كانت تجلس في مكان يطل على شارع الرشيد في كل يوم جمعة ,دخل صباغ الأحذية إلى المقهى,سأل صباغ الأحذية هادي:هل تريد أن تصبغ؟ نزع هادي حذاءه من قدميه وأعطاه للصباغ,أخذ الصباغ الحذاء كعادته لصبغه خارج المقهى,وجد أن الحذاء كان جديداً إيطالي الصنع ومن الجلد الطبيعي,لم يقم الصباغ بصبغ الحذاء,حمله بيده مع عدة الصباغة وذهب من شارع فرعي إلى سوق الهرج الذي لا يبعدً إلا قليلاً عن المقهى,باع الصباغ الحذاء بمبلغ من المال ملائماً,ذهب إلى مقهى أخرى بعيدة عن مقهى البرلمان للقيام بصبغ الأحذية ,انتظر هادي عودة الصباغ لكنه لم يعد,طلب من الشخص الذي كان يجلس معه على الأريكة أن يخرج من المقهى ليرى الصباغ لماذا لم يعد له حذائه,عاد الشخص وأخبر هادي أنه لم يجد الصباغ خارج المقهى,أخرج هادي من جيبه مبلغاً من المال أعطاه إلى الشخص ,طلب منه شراء حذاء له من أحد محلّي بيع الأحذية المقابلان للمقهى في الجهة الأخرى من الشارع وأعطاه رقم مقاس الحذاء الملائم لقدميه,اشترى الشخص الحذاء وجاء به إلى هادي,لبس هادي الحذاء بقدميه وبقي جالساً في مكانه,جاء صباغ أحذية آخر وسأل هادي هل تريد أن تصبغ حذاءك؟ ضحك هادي وقال للصباغ :إنكم اليوم متواصون, تريدون أن أذهب إلى بيتي حافي القدمين ,وبعد انقضاء دقائق قام وشكر الشخص الذي اشترى له الحذاء على مساعدته له ومشى مرتدياً حذاءه الجديد خارجاً من المقهى بعد أن دفع حسابه وحساب الشخص قاصداً بيته محدثاً نفسه ومبتسماً عما حدث له في هذا اليوم .
38- مُرَكَب نقص
أرسل نائب رئيس الجامعة في طلب نادر,دخل نادر عليه,قال نائب رئيس الجامعة :لقد جاءت إلى الجامعة منح من جامعات في الخارج لإكمال الدراسات العليا في تخصصات مختلفة فيها تنفيذاً للاتفاقيات المعقودة بين الجامعة وبين تلك الجامعات وسأل نادر,هل تريد أن تحصل على إحدى هذه المنح لإكمال دراستك العليا في أحدى تلك الجامعات؟
قال نادر:هذا هدف خططت له منذ تخرجي وأسعى للوصول إليه بكل الوسائل الممكنة,تناول نائب رئيس الجامعة ورقة من على مكتبه أعطاها لنادر وقال له :أكتب طلباً للحصول على إحدى المنح لإكمال دراستك العليا, كتب نادر الطلب وناوله إليه,قام نائب رئيس الجامعة من مكتبه وقاد نادر من يده ودخلا إلى غرفة رئيس الجامعة, قَدَمَ نائب رئيس الجامعة الطلب إلى رئيس الجامعة وأشاد بجهود نادر وتفانيه في العمل وطلب من الرئيس الموافقة على الطلب,قرأ رئيس الجامعة الطلب وقال :لا أوافق
سأله نائب رئيس الجامعة:لماذا؟
قال رئيس الجامعة: لأن دراسته الأولية الجامعية علوم اقتصادية وأضاف لو كانت هندسة مدنية لوافقت
قال نائب رئيس الجامعة:لا توجد في جامعتنا كلية هندسة لكن فيها كلية الإدارة والاقتصاد وأن جميع من المدرسين في هذه الكلية هم محاضرون من جامعة بغداد ومن دوائر الدولة ولا يوجد فيها مدرساً واحداً على الملاك الدائم وأن دائرة المهندس المقيم ذات ملاك كامل ولا نحتاج في جامعتنا إلى من يحملون شهادات عليا في العلوم الهندسية
قال رئيس الجامعة:إنا لا أقبل أن يكمل نادر دراسته العليا ويحصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية وكتب على الطلب لا أوافق ووضع توقيعه على الطلب وأعطاه لنائبه ,خرج نائب رئيس الجامعة ونادر من غرفة رئيس الجامعة,شكر نادر نائب رئيس الجامعة على الاهتمام به وأستأذنه للذهاب إلى عمله لكن نائب رئيس الجامعة طلب من نادر الدخول معه إلى غرفته, دخل نادر معه وجلس على كرسي قريب من مكتبه,
سأل نائب رئيس الجامعة نادر:لماذا لم يوافق,هل تعتقد أن هناك أسباباً جعلته يرفض إكمال دراستك العليا؟
قال نادر:لا أعتقد أن هناك سببا إلا إذا اعتبرت أن من كان رئيساً للجامعة قبله لمدة خمس سنوات كان من مدينتي ,وهو الذي قام ببناء أبنية الجامعة وأشرف على تخرج أول دورة من الطلبة فيها وجعلها جامعة معترف بها دولياً ومسجلة في إتحاد الجامعات العالمية
قال نائب رئيس الجامعة:إن رئيس الجامعة يعاني من مُرَكَبْ نقص في شخصيته و ما يدل عليه سلوكه
على الرغم من أنه حاصل على الدكتوراه في التربية
قال نادر:دكتور أنك تعرفه أكثر مني, وشكر نائب رئيس الجامعة مرة أخرى وغادر غرفته إلى محل عمله.
39- دعوة عشاء
دعا جميل وكان عضواً في حزب يساري صديقه لتناول العشاء معه في بيته محاولاً كسب صديقه للانضمام إلى الحزب والعمل معه,لبى صديقه الدعوة وذهب مع جميل إلى بيته,أحضر جميل قبل العشاء قنينة شراب وقدحين ومقبلات وضعها على المائدة,وجلسا في وضع متقابلين,فتح جميل القنينة ومَلَأَ كأس صديقه بالشراب وصب جميل شراباً في قدحه إلى النصف, تكلم جميل عن عمله في الحزب,مد صديقه يده إلى كأسه وشربه مرة واحدة دون توقف وفتح القنينة وملأ قدحه بالشراب,واصل جميل الحديث ودعا صديقه للانضمام إلى الحزب والعمل معه,تناول صديقه كأسه المترع وأفرغه مرة أخرى في جوفه وفتح يده بالكامل علامة على التعجب والاستفهام وسأل جميل قائلاً: والدين, ثم مد يده إلى قنينة الشراب يريد أن يملأ كأسه من جديد,أمسك جميل بقنينة الشراب ولم يسمح لصديقه أن يفرغ شيئاً منها في كأسه وقال:لماذا لم تفكر بالدين وقمت باختلاس أموال الشعب حين كنت موظفاً وتم فصلك من الوظيفة ولم تعاد إليها إلا بعد 14 تموز 1958,أني لا أسمح لك بشرب مزيداً من الشراب ولا بتناول طعام العشاء معي قم وأخرج من هنا,قام صديقه وهو يفتح يده بصورة كما فتحها وهو جالس مع جميل مستفهماً وقال:والدين, وخرج تاركاً قدحه فارغاً على مائدة صديقه جميل.
40- التوقف لأداء الصلاة
كانت المركبة الكبيرة التي تحمل أربعين راكباً تسير بسرعة كبيرة بعد مغادرتها بغداد متجهة نحو الغرب حيث كان سائق المركبة يريد الوصول قبل غروب الشمس إلى المدينة التي جاء منها صباحاً ,سأل أحد الركاب من كان يجلس معه على الكرسي الذي يتسع لراكبين عن الوقت,فأخبره كم تكون الساعة في ذلك الوقت,طلب الراكب من سائق المركبة التوقف لأداء صلاة العصر,لم يتوقف السائق على الرغم من تكرار الراكب طلبه مرات عدية,لكن السائق اضطر لتخفيف سرعة المركبة تدريجياً والخروج عن الطريق العام والتوقف بعد أن شارك الراكب طلبه مجموعة من الركاب,قام الراكب لأداء الصلاة فتعثر بكيس كان بالقرب من قدميه كانت فيه قناني خمرإنكسرت إحداها وسال الخمر تحت المقعد الذي كان يجلس عليه وانتشرت رائحته في المركبة ,التفت سائق المركبة إلى السائق وقال:لقد طلبت مني التوقف عدة مرات لأداء الصلاة وأنت تحمل معك خمراً؟!
قال الراكب: أنه ليس لي, لقد كلفني أحد الأصدقاء بشرائه
قال السائق:أنك تشرب الخمر وتتظاهر بأداء الصلاة وأنك تشارك أصدقاءك بشرب الخمر مادام شرابك مجاناً,بقيَّ الراكب صامتاً ولم يرد على ما قاله السائق ونزل وأدى الصلاة العصرمع من نزل من الركاب لأدائها وعاد إلى المركبة وجلس في مكانه صامتاً على الرغم من التعليقات الساخرة من قبل سائق المركبة وبعض الركاب الآخرين.
41- الأستاذ المجنون
لم يتمالك أستاذ الأنثروبايولجي نفسه حين أستلم راتبه ووجد أن مبلغاً من راتبه قد أُستقطع نفقةً لصالح ولده الذي كان في المرحلة الدراسية الأخيرة في كلية الطب ,فكلم محاسب الجامعة بلهجة منفعلة كلاماًغيرمقبول لا يليق بأستاذ كان سفيراً في دولة عربية و بعد تقاعده عُيّنَ أستاذا على الملاك غير الدائم في الجامعة, طلب المحاسب منه الهدوء لتوضيح الأمر, لكنه واصل كلامه المشين ,قام محاسب الجامعة من مكتبه وطلب من الأستاذ الخروج من الغرفة وإلا سيجعله مسخرةً أمام الجميع,توقف الأستاذ عن الكلام وخرج خائفاً يجر قدميه من الغرفة بتثاقل,بعد أقل من نصف ساعة أتصل سكرتير رئيس الجامعة هاتفياً بالمحاسب وأخبره أن رئيس الجامعة يطلب حضوره, ترك المحاسب مكانه وذهب إلى غرفة السكرتير فأدخله إلى غرفة رئيس الجامعة,كان رئيس الجامعة وحده,أشار إليه بالجلوس على كرسي بجانب مكتبه , والتفت إليه بعد أن أنهى قراءة ورقة كانت بيده وسأله: ما بك مع هذا المجنون؟ أدرك المحاسب أن رئيس الجامعة كان يقصد بالمجنون أستاذ الأنثروبايولجي ,فأجاب رئيس الجامعة: دكتور إذا كنت تعرف أنه مجنون فلماذا عينته أستاذاً في الجامعة؟ انفعل رئيس الجامعة وقام من على كرسيه وجلس عليه ثلاث مرات من شدة الانفعال ثم قال:لم أعينه أنا,لقد عُيّنَ أستاذا في الجامعة قبل أن أُعين رئيساً لها,قال المحاسب:دكتور هل تسمح لي أن أوضح الأمر وآمل منك أن تسمعني: أنك أستاذ بالقانون وتشهد بأستاذيتك وعلمك مؤلفاتك العديدة خاصةً في قانون العقوبات؟انبسطت أسارير رئيس الجامعة وقال:تفضل…
قال المحاسب: صدر حكم قضائي باستقطاع مبلغ من راتبه الأستاذ نفقة لولده الطالب في المرحلة الأخيرة في كلية الطب نتيجة لطلاق زوجته الأولى أم ولده ,وقد بُلغتُ تحريرياً بالحكم ووقعت على نسخة منه أُعيدت إلى رئاسة التنفيذ لإسستقطاع مبلغ النفقة,وأنت تعرف كرجل قانون إن لم أقم باستقطاع المبلغ من راتبه يتوجب عليَّ دفع مبلغ النفقة من راتبي الخاص ,لأني وقعت على إشعار التبليغ,وسأل المحاسب رئيس الجامعة: هل ما فعلته كان خطأً ؟
قال رئيس الجامعة:إن ما فعلته كان صحيحاً من الناحية القانونية والإدارية,وأضاف سأرسل في طلب الأستاذ ليقدم اعتذاره لأنني علمت أنه تكلم معك كلاماً غير مقبول …
قال المحاسب:دكتور لقد سامحته لكبر سنه ولست بحاجة إلى الاعتذار ما دمت أنت قد عرفت الحقيقة ,فقام رئيس الجامعة من على كرسيه وربت على كتف المحاسب وصافحه وشكره وهو يبتسم ,فخرج المحاسب من غرفة رئيس الجامعة بعد أن زال عنه ألم كبير…
42-السرقة
خرج فخر الدين سلمان الذي يعد رسالة ماجستير في القانون في جامعة القاهرة من شقته حين سمع أصوات تدل على حدوث مشاجرة في الشقة المجاورة لشقته ليعرف ما حدث ,دق الباب فخفتت الأصوات ,فتح له جاره وصديق أمين الباب وأدخله إلى الشقة وهو يبتسم,وجد فخر الدين امرأة تفتش امرأة أخرى بحثاً عن مبلغ من النقود قد سُرٍقَ منها وقد عرتها تعرية كاملة دون أن تجد المبلغ فغادرت الشقة حين لم تجد المبلغ وأغلقت الباب وراءها,مد صديقه أمين يده إلى فرج المرأة التي اتهمت بالسرقة وأخرج المبلغ منه ووضعه في جيبه وهو يضحك, تعجب فخر الدين وضحك حين عرف الحقيقة ومشى نحو الباب ليغادر الشقة , ,استوقفته المرأة التي بقيت في الشقة قبل أن يخرج ليسمع ما تقول وخاطبت أمين قائلةً: هذه المرة لن أتقاضى من المبلغ الذي في فرجي شيئاً لأنها المرة الأولى لكني في المرات القادمة سيكون المبلغ الذي تسرقه مناصفةً بيني وبينك, فوضع أمين يده بيد المرأة وقال هذا أتفاق بيني وبينك وأشهد صديقه فخر الدين على ما قال وضحك ة وغمز لصديقه فخر الدين أن ما وافق عليه غير صحيح .
43-الفداء
دخل بسام إلى المكتب الذي يعمل فيه سامي بعد تقاعده وأعطى سامي رسالة ومبلغاً من المال أرسله ولده الذي هو ضابط احتياط في جبهة القتال,عد سامي المبلغ ,وضعه في جيبه,فتح الرسالة قرأها بعد خروج بسام من المكتب,كان ولده يطلب من والده شراء خروفين بالمبلغ المرسل وذبحها وتقسيم لحومها إلى الفقراء لكونه نجا ومن معه من كمين كاد يؤدي بهم إلى مفارقة الحياة, انزعج سامي بعد أن قرأ الرسالة ورمى الرسالة فوق المكتب وقال:الويش (لماذا) خروفين واحد يكفي, قام وخرج من المكتب,ذهب إلى المكان الذي تباع فيه الخرفان قرب السوق الذي تقع فيه محلات بيع اللحوم,اشترى خروفاً واحداً,طلب من أحد القصابين أن يذبحه ويقطع لحمه, أخذ اللحم المقطع إلى بيته,طلب من زوجته إرسال قطعتين من اللحم إلى بيت ولده الآخر ومثلها إلى بيت أبنته المتزوجة والاحتفاظ بالباقي لهم في البيت, وأوصاها حين يأتي ولدها في إجازة أن تقول: تم شراء خروفين وتوزيعها على الفقراء وليس خروفاً واحداً
قالت وهي تضع اللحم في الحاوية المبردة : أتمنى أن تكون إجازته قريباً جداً
فقال هو: إن شاء الله وضحك.
44-الموت من الفقر
قال صديق المتوفى للحاضرين : اجمعوا مبلغا من المال لعائلة المتوفى لأن العائلة أصبحت بون معيل ,جمع الحاضرين مبلغاً من المال وأعطوا المبلغ لصديقه حتى يسلمه لعائلة المتوفى,عده صديقه,وجد أن المبلغ كان كبيرا في نظر المتوفى وأن المتوفى كان يحلم أن يستلم مثل هذا المبلغ في حياته,فقال صديقه مخاطباً الحاضرين:لوجمع هذا المبلغ للمتوفى في حياته لم يفارق المرحوم الحياة ,أعترض عليه أحد الحاضرين وقال: لقد جاء أجله
قال صديق المتوفى:نعم جاء أجله, لكن إن لكل شيًٍ سبباً
فقال المعترض مستفهماً: حتى في الموت
فقال صديق المتوفى للموت أسباب وسأل المعترض: الم تعرف قول الشاعر:
من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحدُ
لم يقل المعترض شيئاً وبقيَّ صامتاً
فقال صديق المتوفى: حان الآن وقت التشييع,فحملت الجنازة للصلاة عليها وتشييعها إلى مثواها الأخير
45- كنية السائق
أسـتأجر مدرس الإعدادية سيارة أجرة في المدينة التي تقع المدرسة الإعدادية فيها للذهاب إلى بيته في مدينة أخرى, دفع أجرة السيارة إلى السائق الذي كان يعرف كنيته,ركب المدرس في المقعد الأمامي وقال للطلاب الثلاثة الذين كانوا يريدون السفر إلى نفس المدينة أيضا:أركبوا في المقعد الخلفي,ركب الطلاب الثلاثة وتحركت السيارة وحين وصلت إلى الطريق الرئيسي زاد السائق من سرعة السيارة وأخذت تقطع الطريق بسرعة كبيرة ,التفت المدرس إلى السائق وقال: أريد أن أسألك سؤالا هل تسمح؟
قال السائق:أسأل أستاذ أسأل
قال المدرس: لماذا تلقب بالفاﮔس*
قال السائق: والله يا أستاذ( لم أشتغل شغله وأطلع فيها راس)*
قال المدرس:أنت تمارس سياقه السيارات منذ سنيّن
قال السائق : نعم لأني أهواها لذلك لم أتركها وأعمل في مهنة أخرى
قال المدرس :أنت الآن سائق ماهر وليس فاﮔس,فضحك السائق وشكر المدرس وأخذ يقود السيارة بحذر أكثر خوفاً أن يغير الأستاذ رأيه فيه ويقوم بإيجار سيارة غير السيارة التي يسوقها هو في المستقبل …
هوامش
*1-الفاﮔس:لقب يطلق على المصائد التي تنصب لصيد الحيوانات والطيور لكنها حين تأتي الحيوانات والطيور وتقف عليها أو تدخل فيها يذهب نصبها لم تصدها على الرغم من انفلات ما نصب للامساك بما يراد صيده حين الوقوف عليه
*2-أي لم أمتهن مهنة من المهن وأنجح فيها
46-الفيلسوف (2)
لم يكن يوم محاضراته ولم يكن وقت انتهاء المحاضرات, كانت الساعة الواحدة ظهراً حين رأيته يدخل إلى بناية إدارة الجامعة هو وشخص كان معه,كنت أقف في الطابق الأرضي أتحدث مع بعض الطلبة,استأذنت من الطلبة وسارعت بالذهاب إليه قبل يصعد السلم قاصداً غرفتي,صافحته وسألته:ما الذي جاء بك في هذا الوقت ؟سحبني من يدي ومشى خطوات تاركاً من معه في مكانه بعد أن أستأذن منه
قال:جاء بي زميلي الذي معي
قلت أعرفه,أنه زميلك في الدراسة في جامعة كمبرج وتدريسياً في قسم الفلسفة في كلية اداب بغداد وسألته :ماذا يريد؟
قال:لديه بحث يريد نشره في وعلى هذا البحث يتوقف ترقيته الى درجة الأستاذية لأن مجلة كلية آداب بغداد قد اكتملت البحوث والمواد فيها وأرسلت إلى المطبعة وقد عرف أن مجلة كلية آداب المستنصرية لم تكتمل بحوثها وأن عميد الآداب في المستنصرية هو رئيس تحريرها وجئت معه لأنه طلب مني ذلك لأن أحد الزملاء في القسم أخبره ان عميد كلية آداب المستنصرية من مدينتي
قلت:لا تذهب ,سوف لم يوافق على نشر البحث حتى وإن كانت المجلة تحتاج إلى عشرات البحوث حتى تكتمل
قال:إني محرج أمام زميلي ولا بد من الذهاب
قلت: سوف ترى
ودعني وذهب مع زميله إلى عميد آداب المستنصرية وعاد بعد أقل من ساعة,قال:كان حدسك حقيقة وأضاف لم يوافق على نشر البحث وسألني عن السبب؟
قلت :إنه يعاني من مركبات نقص كثيرة وليس مركب نقص واحد ويشعر بالغيرة من الآخرين وإنه إمعة وأضفت لقد أطلق عليه الطلبة لقب كامل الأوصاف لأنه أعور وأعرج وأصلع إضافة إلى أمور أخرى …
ضحك وقال:لقد نجح الطلبة بإطلاق أغنية عبد الحليم حافظ عليه بشكل مخالف للأغنية …,ودعني وقال سأرك في وقت آخر قبل أن يذهب
47-الناقد الأدبي والثغاء
بعد انتهاء السهرة الممتعة مع أصدقائه في وقت تجاوز منتصف الليل دق الناقد الأدبي باب بيت عمه فسمع صوتاً أعتقد أنه يسأل من بالباب؟دق الناقد الأدبي أنا وانتظر أن ويفتح الباب لكن الباب لم يُفتح,دق الناقد الأدبي الباب مرة أخرى فسمع الصوت نفسه فقال الأدبي أنا وأنتظر لكن الباب لم يَفتح الباب أحداً ,فدق الناقد الأدبي الباب مرة ثالثة بقوة,فتح الباب أبن عمه,دخل الناقد الأدبي الى البيت وسأل أبن عمه:من كان يقول من بالباب قبل أن تفتحه؟
قال أبن عمه:لم يكن أحداً وأردف هذا صوت الشاة المربوطة في فناء الدار كانت تثغو حين تسمع صوتاً أو طرقاً على الباب, فغضب الناقد الأدبي على نفسه ولم يرضَ عنها وقرر أن يرحل صباحاً قبل إنهتاء أيام عطلته ولم يخبر أبن عمه بقراره,دخل الناقد غرفة نومه,تمدد في فراشه,قرر إلغاء قراره بالسفر صباحاً لأنه أراد أن يستمتع بسهرات جديدة مع أصدقائه ويكتب بعض المقالات النقدية على الرغم من ثغاء الشياه والخرفان وخوار الأبقار والثيران ونهيق الحمير والأتان .
48-الفيلسوف (3)
ذهبت اليه يوم 7نيسان لأني أعرف أن هذا اليوم سيكون يوم احتفالات وإن لم يكن عطلة رسمية وإن الدراسة ستتوقف في هذا اليوم لإجراء الاحتفالات ,لم أجده في غرفته في قسم الفلسفة,سألت أحد العمال العاملين في القسم عنه,قال لي موجود وأخذني وفتح باب قاعة صغيرة لإلقاء المحاضرات رأيته يجلس على المنصة يلقي محاضرة على طلاب لم يتجاوز عددهم أربعة طلاب,قام من على المنصة وصافحني وقال:أجلس مع طلبة الدكتوراه حتى انهي محاضرتي
قلت متعمداً:إن التدريس متوقف في هذا اليوم لأنه يوم احتفالات
فقام وقال للطلاب:سنكمل المحاضرة في وقت اخرر,قادني من يدي إلى غرفته في القسم وحين جلست معه قلت:تعمدت أن أقول إن اليوم يوم احتفالات حتى لا تكمل المحاضرة لأني خفت عليك لأنك الوحيد الذي يحاضر في هذا اليوم وأن الجميع يعرف أنك مناهض للسلطة في كتاباتك
وقد يفسر إلقاء المحاضرات في هذا اليوم أنك تجبر الطلاب على عدم المشاركة بالاحتفالات.
ضحك وقال:لم أنتبه إلى تاريخ هذا اليوم وأضاف حسناً فعلت ثم خرجنا من الكلية ومشينا مسافات طويلة ونحن نتحدث ثم تناولنا طعام الغذاء في مطعم أختاره هو ثم مشينا مسافات أخرى فودعته وذهبت.
49- نتيجة الدراسة
كانت أم جاسم تجلس مع مجموعة من النساء اللواتي كن جيران لها أمام بيتها ينتظرن أولادهن الذين ذهبوا إلى المدرسة ليعرفوا نتيجة سعيهم خلال عام دراسي كامل ,جاء جاسم وحده أولا يحمل بطاقة السعي السنوي بيده, سألته أمه:ما هي نتيجتك؟ لم يجب جاسم على سؤال أمه,فقالت لولدها الوحيد:أخشى أنك لم تنجح خلال هذه السنة؟ فرمى جاسم بطاقة السعي في وجه أمه وقال:بنت الكلب تريدني كل سنة أنجح !!!ثم دخل إلى البيت ,فقامت ودخلت إلى البيت وراءه,فقام جميع النساء ودخلن الى بيوتهن لأنهن يعرفن جميعاً ان نتيجة سعي أولادهن مشابهة لنتيجة جاسم وخوفاً أن يكون كلام أولادهن مثل ما قال جاسم لوالدته
50 -الشيوخ والشباب
التقيت به على الجسر ,كلن يعبر الجسر من الصرافة إلى الكرخ وكنت أعبر الجسر من الكرخ إلى الرصافة, تعجبت مما كان يرتدي,كانت ملابسه من طراز قديم لكنها نظيفة وينتعل في قدميه حذاء فردته اليمنى تختلف عن فردته اليسرى تصميماً وشكلاً ولوناً,َسلَمتُ عليه, صافحته ,سألته :هل تعرفني؟تبسم وذكر اسمي ونسبني حتى جدي السابع,قلت هل تسمح لي بسؤال؟
قال:إني أعرف ما تريد أن تسأل عنه,سأجيبك عليه بعد أن أنهي حديثي معك وسحبني من يدي وأتكئ على حائط الجسر وقال:اشتريت قبل قليل مضخة ماء أرسلتها مع ولدي لأني أريد إحياء الأرض التي أملكها وأزرع فيها الكثير من النخيل وأشجار الفاكهة وأشجار الحمضيات والمحاصيل الحقلية والخضر والخضراوات والنباتات المفيدة النافعة ليأكل منها الإنسان والحيوان وللطير وما قسم الله,وسألني فجأة:هل تعرف نحن الشيوخ أكثر منكم يا شباب اليوم تعلقاً بالأرض وحباً للوطن وتمسكاً بالقيم ومواصلة العمل والبناء والإعمار؟ثم أضاف متعجباً:ماذا درستم في المدارس والكليات والجامعات!! ,لماذا لم يعلموكم المواطنة وحب العمل والبناء والعيش بسلام وحب الناس وخدمة المجموع؟ثم قال: الم ترَّ أن بلدنا أصبح في مقدمة بلدان العالم بالفساد الإداري والسياسي ونهب وسرقة المال العام,وإنه الان على حافة الانهيار والإفلاس ؟!!
قلت: ياعم البركة فيكم أنتم الشيوخ أصحاب الخبرة والتجارب الكثيرة وأضفت المثل يقول(بيت العتيق مبارك)
قال:نحن قلة لا يُسمعُ لنا صوتاً حين نطالب بالبناء والإعمار
قلت:هناك قانون اقتصادي يقول(النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة)
قال:هذا القانون أعرفه وأضاف نحن لا نريد شيئاً إلا إيقاف نزيف الدم وهدر وسرقة المال العام واحترام المواطنة والمساواة وتطبيق القانون على الجميع وبناء البلد وأعماره لأن موارده كثيرة تكفي لتوفير العيش الكريم لشعبه وأن يكون من الدول المتقدمة في العالم,وعاد وسألني:هل كنت تريد أن تسألني لماذا أرتدي هذه الملابس وأنتعل الحذاء المختلفة فردتيه؟
قلت :نعم
قال:لأني أردت ألا تسرق مني النقود التي اشتريت بها مضخة الماء لأني أعرف أن البلد سرق بالكامل وأن السرقات أصبحت في كل مكان حتى في الشوارع
قلت :إن ملابسك هذه وحذائك يجعلانك محط أنظار اللصوص والسراق
قال:الم أقل أن تفكيركم يا شباب اليوم يختلف عن تفكيرنا نحن الشيوخ الذين نحسب لكل شيىْ حساب .ودعني ومشى يكمل عبور الجسر ومشيت وتوقفت والتفت إلى الوراء لأراه فرأيته يسير بخطوات تابتة
وان أمامه خطوات قليلة للعبور.
51 – الدرس الأول
أستيقظ سالم مبكراً في بيت \خاله,غسل وجهه ,ارتدى ملابسه ,.تناول فطوره مع خاله وقبل أن يخرج ليبدأ اليوم الأول من دراسته في معهد المعلمين الذي قبل فيه أوقفه خاله,دخل غرفته ,جاء بسترة أعطاها إلى ىسالم وطلب منه أن يرتديها ,أراد سالم ألا يأخذ السترة من خاله إلا أن حياءه منه وبرودة الجو في الصباح جعلته أن يرتدي السترة ويغادر البيت ويقف في موقف حافلات نقل الركاب ينتظر,جاءت الحافلة ,صعد سالم إلى الحافلة مسرعاً,كانت الحافلة مزدحمة,قطع له تذكرة اّندس بين الركاب,قام بإغلاق سترته وضع زرسترة شخص يقف بجانبه في بيت زرسترته من دون أن يعرف نتيجة للإزدحام ,توقفت الحافلة قرب معهد المعلمين,دفع سالم الركاب للنزول,لم يستطع النزول بسهولة لأنه كان يسحب شخص معه,صاح الشخص جابي جابي حرامي حرامي,توقف سالم ,جاء الجابي إلى حيث يقف سالم والشخص الذي ناداه, وجد الجابي أن زر من أزرار سترة الشخص قد وضع في بيت من بيوت أزرار سترة سالم,طلب الجابي من سائق الحافلة إغلاق بابي الحافلة لمنع الركاب من النزول سأل الجابي ماذا تفقد؟ لم يجب الشخص ,طلب الجابي من الشخص أن يعد نقوده, قام الشخص بعد نقوده,وجد أنها كاملة ً, سأل الجابي الشخص مرة أخرى هل تفقد شيئاً آخر؟ أجاب الشخص :لا, قال سالم مخاطباً الجابي:لقد توهمت ووضعت زر سترته في بيت من أبيات سترتي بالخطأ من دون أن أشعر نتيجة للإزدحام, طلب الجابي من السائق فتح بابي الحافلة لنزول الركاب, فك سالم سترته من زر سترة الشخص ونزل من الحافلة,نزع السترة أولاً ,حملها بيده ودخل إلى المعهد,وقف مع مجموعة من الطلاب الجدد الذين قبلوا معه,سأله أحد الطلاب : لماذا تحمل السترة بيدك؟ قص سالم على الطلبة ما حدث له في حافلة نقل الركاب
قال الطالب : أن ما حدث لك في اليوم الأول من بدء الدراسة في المعهد ينبئ أن وضعك في المعهد سيكون غير مريح وأن نتيجتك الدراسية ستكون غير جيدة
قال سالم: أنا أتطير مما حدث لي ,لأني دخلت المعهد برغبتي وسأجتهد وأُثابر وستكون نتيجة دراستي جيدة كما كانت في السنين السابقة وستعرف ذلك أنت ومن معك…
دخل الطلاب إلى الصف وجاء المدرس وبدأ الدرس الأول,سأل المدرس الطلاب أسئلة لم يتمكن الإجابة عليها إلا سالم,بعد إنتهاء الدرس الأول جاء إليه زميله الذي كلمه قبل الدرس معتذرا عما قال بعد أن عرف مقدرة سالم,
قال سالم لزميله: وددت ان أخبرك أن النجاح كالاستقلال ينال ولا يعطى وأضاف هذا ما تعلمته ممن علموني سابقاً فأعجب به زميله مرة ثانية ودخل معه إلى الصف وجلس معه في الدرس الثاني على رحلة واحدة.
52- قصة هيتية تراثية
قامت السيدة أم ناجي مساء الخميس بإعداد طعام العشاء كعادتها كل يوم, إلا أن زير السيراميك الازرق سقط من يدها وتحطم وانسكب ما في داخله على الارض بعد أن أخذت منه ما تحتاج من السمن الحيواني لإعداد العشاء قبل سقوطه ,مسحت السيدة أم ناجي الارض وجمعت قطع السيراميك المكسرة واخفتها حتى لا يراها زوجها حريفش حين يأتي الى البيت بعد الانتهاء من عمله اليومي. استقبلت السيدة أم ناجي زوجها حريفش حين عاد من العمل واعدت له طعام العشاء ولم تخبره بما حدث لآنها كانت ترى ان الوقت غير مناسب لإخباره وهو متعب وقررت أن تختار وقتاً اّخر يكون ملائماً حتى لا ينزعج ويتألم . .تناول حريفش طعام العشاء وشرب الشاي وخرج يقابل صاحب العمل ليستلم منه أجره الاسبوعي , ودعت ام ناجي زوجها الى الباب وعادت وانجزت كل ما يحتاجه البيت من شغل قي تلك الليلة وأرضعت ولدها الصغير قبل النوم واعدت الفراش لان العادة هي النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً .
عاد السيد حريفش بعد استلام أجره الاسبوعي., تمدد غلى فراشه وغط في نوم عميق, وحاءت السيدة ام ناجي وتمددت بجانبه على الفراش ونامت.
استيقظ السيد حريفش كعادته قبل شروق الشمس ,نظر الى وجه زوجته. اعتقد أنها تبتسم له, مد يده الى وجهها ,لمسه بيده, استيقظت زوجته تبسمت فعلاً, داعبها من أماكن كثيرة في جسدها, قبلها ومارس معها الحب, اغتنمت زوجته أم ناجي الفرصة لأخباره بما حدث في ذلك الوقت وقالت:( انطش الدهن يحريفش) فقال لها وهو في قمة اللذة والانتشاء (فدوة إلك يم ناجي) لكنه بعد ان عرف ما يجب ان يفعل قام من فراشه قبل ان يتناول طعام الفطور وذهب الى السوق ,اشترى زير من السيراميك الازرق له غطاء كان يصنع في مدينة هيت, حمله بيديه وذهب الى محل بيع السمن الحيواني ,طلب من صديقه صاحب المحل سمن ضأن الذي يميل لونه الى الاخضرار وليس سمن بقري أصفر, وزن له صديقه السمن ووضعه في الزير وحاسبه, وجد حريفش ان جميع ما يملك من نقود هي قيمة السمن الذي اشتراه فأنفعل وشعر بالألم حسب مبدأ اللذة والالم في علم الاقتصاد المسمى باللغة الانكليزية (الهيدونزم) لأن الشعور باللذة يكون حين يتم الحصول على السلعة والانتفاع بها ويكون الشعور بالألم حين يقوم المنتفع بدفع النقود,فردد بصوت عالي بصورة لا ارادية ( انطش الدهن يحريفش فدوة إلك يم ناجي)فسأله صديقه بائع السمن عما قال ؟.فقص عليه حريقش ما حدث له صباح هذا اليوم حين أخبرته زوجته أم ناجي بانكسار الزير وانسكاب السمن على الارض, فضحك صديقه واعاد اليه نصف المبلغ خصماً منحه له , ثم أشاع بائع السمن الحكاية في المدينة فاصبح ( أنطش الدهن يحريفش فدوة إلك يم ناجي) مثلاً في المدينة يستعمل عتد استغلال الوقت الملائم للأخبار وطلب شيئاً لا يرد.
53- الدواء الشافي
الهيتي وصل العاملان المعينان بأجور يومية موسمية مؤقتة الى القرية وقت الضحى لمعرفة ما تعانيه الزراعة من معوقات ومعرفة الحاجة الى المبيدات الزراعية التي تستعمل لوقاية الاشجار والمزروعات. قال جميل لزميله سمير : سنقوم بزيارة صديقي أبي كريم نسلم عليه ونطمئن على صحة زوجته المريضة اولا, ثم نسأله عما جئنا من أجله الى القرية قال سمير: أنا معك وموافق على ما تريد . رحب أبو كريم بهما وطلب منهما الجلوس ونادى: بإحضار فطور لهما على الرغم من أنهما قد أبلغاه بأنهما قد فطرا قبل قدومهما الى القرية لكنه نادى بإحضار الفطور مرة أخرى وقال: أن فطورنا في القرية يختلف عن فطوركم في المدينة. بعد نصف ساعة دخلت أم كريم تحمل طبقاً كبيراً من الألمنيوم فيه ابريق للحليب وابريق للشاي وأقداح وصحون للحليب وصحون للشاي وصحن كبير فيه زبدة وصحن اّخر فيه بيض مقلي وطاسة كبيرة فيها لبن رائب وأرغفة من الخبز الحار ,سلمت على الضيفين , وضعت الطبق أمامهما ,أخذت تصب الحليب والشاي في الاقداح . قال جميل: يبدو أنَّ صحة أم كريم جيدة الاّن وأرى أنها قد شفيت وتعافت من مرضها وسأل صديقه أبا كريم: من هو الطبيب الذي شخص مرضها؟ , وما هو المرض التي كانت تعاني منه؟ , وما هو الدواء الذي وصفه لها ؟ قال أبو كريم لم يستطع أي طبيب أن يشخص المرض على الرغم من المراجعات المستمرة للأطباء, وأضاف أنا الذي شخصت مرضها ,وأنا الذي وصفت لها الدواء سأل جميل متعجباً: ما هو الدواء الذي وصفته لها وأدى الى شفاءها ؟! قال أبا كريم ضاحكاً : دواءها ممارسة الجنس. ضحكت أم كريم ثم قامت وغادرت مكان جلوسهم تاركة الضيفين يتناولان فطورهما وزوجها يحدثهما عن مرضها وكيف تم الشفاء. قال أبو كريم: لقد تعبت من مراجعة الأطباء الذين وصفوا لها أدوية كثيرة لم تحقق لها الشفاء, فأخذتُ أفكر لمعرفة الاسباب التي أدت الى مرضها والى تفاقمه, فوجدت أنها أصبحت تعاني من المرض بعد أن أخبرتها بوجوب زواج أبننا الذي بلغ سن الرشد, لكني لم أنتبه ولم أعرف رد فعلها في ذلك الوقت لأنها لم تقل شيئاً, وحين تيقنت مما توصلت اليه استيقظت مبكراً عند الفجر, قمت من فراشي ,وقفت أنظر اليها وهي نائمة في فراش بالقرب من فراشي لأني كنت قد اتخذت قراراً سابقاً ألا أجامعها أثناء مرضها حتى تشفى حيث أنني لم أرد أن أحملها تعباً اّخر إضافة الى مرضها, و في ذلك الفجر قررت ألغاء قراري السابق, مددت يدي الى وجهها, استيقظت , داعبتها ثم مارست معها الجنس ثلاث مرات , فقامت من الفراش اغتسلت وأعدت الفطور, وبدأت تشتغل كما كانت تعمل قبل مرضها, وداومت أنا على مجامعتها يومياً في ذلك الأسبوع حتى شفيت, وأضاف: أن المرأة لا تكبر وأن الرجل لا يكبر حتى وإن تقدما في العمر وبلغ كل منهما مرحلة الشيخوخة ما دام الحب موجوداً في الحياة . قال جميل ضاحكاً ومخاطباً صديقه: لقد داويتها( بالتي كانت هي الداء) .
فقال :ابو كريم :نعم أنه الدواء الشافي للناس أجمعين , فضحكوا جميعاً. بعد ذلك سأل جميل أبا كريم عن المعوقات التي تعاني منها الزراعة في القرية وما هي حاجتهم الى المبيدات الزراعية؟ أخبرهم أبو كريم بمعوقات الانتاج الزراعي في القرية وبالكمية التي يحتاجها المزارعون من المبيدات التي تستعمل لرش الأشجار وكمية المبيدات تستعمل في القضاء على الأمراض التي تصيب المزروعات ومكافحة الأدغال ,
سجل سمير ذلك في دفتر وشكرا ابا كريم وأستاذنا منه بالمغادرة فلم يأذن لهما ,وأخبرهما بأن أم كريم منهمكة بإعداد طعام الغذاء وسألهما ملاطفاً ضاحكاً: هل تريدان أن تزعل أم كريم وتصاب بمرض جديد؟ فضحكا وبقيا يتجاذبان الحديث معه وهم يضحكون.
54- الاستجداء بطريقة قانونية
كان القاص والروائي ابراهيم متهيئاً لمغادرة البيت بعد دقائق لكنه حين دق جرس اابيت أسرع الى الباب, فتحه, وجد أمين صديقه وزميله في كلية الحقوق في الباب, رحب به وطلب منه الدخول, رفض أمين وقال: جئت أطلب منك أن تأخذني بسرعة الى صديقك الشاعر يوسف,سأله أبراهيم لماذا وأضاف هل هناك شيئاً مهماً يتطلب السرعة ؟ لم يجب أمين على سؤال صديقه قال ابراهيم :أنا على موعد معه بعد قليل في مقهى البريروتي للذهاب معاً الى الجامعة المستنصرية لحضور مناقشة أطروحة دكتوراه عن الشعر العراقي الحديث, قال أمين :هيا بنا نذهب اليه, مشيا قليلاً , ركبا حافلة نقل الركاب ووصلا الى المقهى, رحب بهما الشاعر يوسف طلب منهما الجلوس وشرب الشاي قال أمين: جئت اليك أطلب منك أن تقرضني مبلغاً قدره مائة الف دينار سأل الشاعر يوسف أمين ألم يخبرك صديقي ابراهيم عن حالتي المادية ؟ قال ابراهيم : لقد سألته ماذا يريد منك لكنه لم يجب,لم يقنع أمين بما سمع فقالمرة أخرى: أقرضني نصف المبلغ خمسين الف دينار قال الشاعر يوسف:قلت لك وضعي المادي غير جيد ,لكن أمين لم يهتم لما قال الشاعر يوسف : وأستمر يلح بالطلب ويخفيض المبلغ والشاعر يوسف يعتذر حتى وصل المبلغ الذي يطلبه قرضاً الى الف دينار ,عندها أخرج الشاعر يوسف من جيبه ورقة فئة الف دينار ومد يده بها الى أمين وقال: لماذا أتعبت نفسك وأتعبتني معك؟ يجب أن تقول منذ البداية أعطني الف دينار وأ ضاف هذه الورقة ليست قرضاً بل هي عطاء لك ,أخذ أمين الورقة وضعها في جيبه وقام من دون أن يقول شيئاً وخرج من المقهى, أنفجر القاص والروائي أبراهيم بضحكة مجلجلة بعد ذهاب صديقه وسأل الشاعر يوسف :ماذا تسمي ما حدث؟ فال الشاعر يوسف: هذا استجداء بطريقة قانونية ضحك القاص والروائي ابراهيم وقال : ليس كل من درس القانون في كلية الحقوق يستجدي بهذه الطريقة ,لم يرد الشاعر يوسف على صديقه لكنه طلب منه أن يخرجا من المقهى والذهاب لحضور المناقشة خوفاً من أن يدركهما الوقت.
55- الطبيب الاول
سافر الدكتور تحرير الكيلاني بعد تخرجه في الكلية الطبية الملكية العراقية سنة 1949 الى مدينته مباشرة ,بعد الوصول سأل أمه عن أبيه, أخبرته أنه ذهب الى القرية (الضيعة),خرج الدكتور تحرير من البيت مسرعاً , قرر الذهاب الى القرية التي تبعد عن المدينة ما يقارب خمسة كيلومترات , سلك الطريق ماشيا , توقفت له سيارة كبيرة محملة بضائع الى المنطقة الغربية ,ركب فيها ونزل بالقرب من القرية ,وجد اباه يقف مع الفلاح في الحقل, سلم عليهما ,أخبر أباه أنه أكمل دراسته وتخرج, فرح أبوه, بارك له وقبله,
سأل الفلاح الدكتور تحرير: ماذا أصبحت؟
أجاب الدكتور تحرير : طبيباً,
لم يعجب ذلك الفلاح, قال: لو تخرجت مفوض(نائب ضابط شرطة) كان أحسن وأنفع من أن تصبح طبيباً,
لم يرد الدكتور تحرير على ما قال الفلاح , تذكر ما قال له زوج أخته ( ضابط الشرطة الذي يحمل رتبة كبيرة وتحت إمرته ضباط شرطة كثيرون) في يوم تخرجه حين هنأه وبارك له :أنك ستمارس مهنة الطب وهي من المهن المهمة وأقول أنها أحسن من مهنتي على الرغم من رتبتي الكبيرة وستمارس معها أيضاً مهنة التعليم وهي من أشرف المهن ,لا نك سترسل في بعثة لإكمال دراستك العليا في الخارج لكونك من المتفوقين , ستعين بعد رجوعك أستاذاً في الكلية الطبية وأني على ثقة أنك ستحافظ على شرف المهنتين بجدارة لأنك أول شخص يتخرج طبيباً من مدينتنا, أخرجه صوت أبيه مما كان يتذكره حين أخبره بالذهاب الى البيت, ودع الدكتور تحرير الفلاح وهو يبتسم وسار مع أبيه عائداً الى البيت .
56- الكنزة
بعد تناول الاديب القاص ابراهيم فطوره قام يرتدي ملابسه للذهاب الى مقهى البرلمان للجلوس مع الاصدقاء والزملاء من الادباء كعادته في كل عطلة نهاية الاسبوع ,قبل أن يكمل ارتداء ملابسه دخلت عليه أمه , أعطته كنزة من الصوف, طلبت منه أن يرتديها لان الجو كان بارداً , أرتدى ابراهيم الكنزة ,كانت على مقاسه تماماً ,أكمل ارتداء ملابسه الأخرى وخرج من البيت ,جلس مع أصدقائه في المقهى وغادرها بعد أن تفرق الجميع, مشى في شارع المتنبي يتطلع على بسطات الكتب القديمة, التقى به زميلاً له في المدرسة المتوسطة تخرج في كلية الصيدلة لم يلتق به منذ زمن طويل, نظر زميله الى الكنزة التي يرتديها ابراهيم ,أعجب بها, قرر ان يطلبها من ابراهيم , أخبره أنه بعد أيام قليلة سيسافر الى موسكو, للتدريب على العمل الصيدلاني وتركيب الادوية, فرح القاص ابراهيم بذلك لأنه كان من مؤيدي سياسة الاتحاد السوفيتي لكونه عضواً في الحزب الشيوعي , صافح ابراهيم زميله وتمنى له التوفيق والنجاح لكن زميله طلب منه أن يعطيه الكنزة التي يرتديها لان الجو شديد البرودة في موسكو أكثر من برودة الجو هنا , نزع ابراهيم الكنزة التي يرتديها وهو في الشارع لأنه كان في حالة نفسية من الفرح وأعطاها لزميله وهو يشد على يده مودعاً ,ذهب ابراهيم الى بيته, رأته أمه وهو يدخل البيت غير مرتدياً الكنزة, سألته أمه عنها, قص عليها ما حدث له مع زميله, قالت أمه: لقد اشتريت جزز صوف خرفا بيضاء غسلتها و قصرت لونها ثم غزلتها خيطاً رفيعاً بيدي بمغزل خشبي وحكتها بسنارة رفيعة استغرق انجازها كنزة لك خاصة سنة واحدة مع أعمالي في البيت إلا انك أضعت تعبي وأعطيتها لزميلك معتقداً أن زميلك سيغير رأيه ويصبح اعتقاده كما تعتقد أنت ,لكنك على خطأ كبير لأني أعرف وانت تعرف أيضاً ان زميلك ينتمي الى حزب اّخر متمسك به لا يتخلى عنه أبداً مهما عملت له وأياً كانت الظروف, سكت ابراهيم, لم يرد على ما قالت أمه لأنه وجد أن كلامها كان حقاً وأنه الاّن يعترف في نفسه أنه أرتكب خطأً كبيراً حين نزع الكنزة في الشارع وأعطاها لزميله وكان بحالة عاطفية جياشة لم يحكم فيها عقله بشكل سوي دقيق.
57-الطبيب الخفر والمراجع
بقي الطبيب الخفر يقضاً حتى الساعة الواحدة صباحاً من اليوم التالي في مستشفى بن سيناء في قضاء المحمودية الذي يبعد عن المدينة ما يقارب أربعة كيلومترات , ولما لم يراجع أحداً من المرضى المستشفى , قرر الطبيب الذهاب الى فراشه, في الساعة الثانية صباحاً أيقضه شخص من النوم, سأله الطبيب :ماذا تشكو؟ أجاب المريض :أنه يشكو من الصداع , سأله الطبيب هل تناولت مشروبات كحولية ؟ أجاب المريض: لقد شربت عشر قناني من البيرة قال الطبيب لابد أنك تعاني من الصداع لأنك تناولت كمية من البيرة تزيد عن حاجتك قال المريض: أني يومياً أشرب أثنا عشرة قنينة بيرة ولم أشعر بالصداع لكني اليوم شربت عشر قناني فشعرت بالصداع قال الطبيب: لقد قطعت كل هذه المسافة مشياً حتى تخبرني بذلك وأضاف ليس عندنا دواء للصداع .لم يطمئن الطبيب أن يعطيه أي دواء خوفاً من أن بتفاعل مع ما شرب من البيرة وتسبب له حالة حقيقية من المرض سأل المريض الطبيب :هل أكمل شرب ما كنت أشربه يومياً من قناني البيرة ليذهب الصداع ؟ قال الطبيب :لا أعرف, ليس هذا ما تعلمته في دراستي للطب ورجع الى فراشه وترك المريض يغادر المستشفى.
58- لغة الاشارة
كان الطفل طه المعوق بالخرس البالغ من العمرعشر سنين يجلس بجانب خاله أمام بيته القريب من النهر, مر من أمامهما رجل دين يلبس لباسه الديني وهي الجبة وعمامة مكونة من طربوش أحمر ملفوف في أسفله قماش أخضر (وهذا يعني أن من يرتدي ذلك سيد يرجع نسبه الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم), يقوده ولده لأنه لا يستطيع المشي بسهولة لتقدمه بالعمر, سأل طه الأخرس خاله بلغة الاشارة وهو يشير الى الرجل لأنه يراه أول مرة: من هذا؟ قال خاله : وهو يشير الى السماء يريد أن يخبر أبن أخته بلغة الاشارة التي لم يعرفها أن هذا رجل دين يعلم الناس الدين في الجوامع والمساجد, قام طه راكضاً والتقط حجراً من كوم من الاحجار كانت بجانب الطريق وركض يريد الحاق برجل الدين الذي يقوده ولده, ناشد خاله وطلب من رجل قادم من الجهة التي ذهب اليها رجل الدين أن يمسك بأبن أخته طه المعوق بالخرس, أمسك الرجل طه وهو يحمل الحجر بيده وسلمه الى خاله .سأل خاله الرجل: هل تعرف لغة الاشارة والتكلم مع المعوقين بالخرس؟ أجاب الرجل :نعم طلب الخال من الرجل: أن يسأل طه لماذا التقط حجراً وركض وراء رجل الدين الذي يقوده أبنه؟ سأل الرجل طه بلغة الاشارة وعرف جوابه, قال الرجل: يقول طه سألت خالي من يكون هذا الذي لا يستطيع المشي ويقوده شخص اّخر؟ فكان جواب خالي أنه الله مشيراً بيده الى السماء فركضت والتقطت حجراً لأضربه لأنه خلقني أخرس لكنك أمسكت بي وسلمتني الى خالي, تعجب الخال مما سمع وطلب من الرجل أن يكلم طه ويفهمه أن خالك قال حين سألته عن الرجل :أنه رجل دين يعلم الناس أمور الدين وما يريده الله منهم أن يفعلوه لكنه لم يستطع أن يفهمك ذلك لأنه لا يعرف التحدث بلغة الاشارة, تحدث الرجل مع طه وأفهمه ما كان يريد خاله أن يقول له وليس كما فهم من اشارات خاله , ضحك طه وقام وقبل خاله معتذراً وصافح الرجل الذي تحدث معه شاكراً إياه لأخباره الحقيقة .
59- العم و الدراسة الجامعية فرح أنمار حين وجد أنه أحد الطلبة الذين قبلوا في قسم اللغة الانكليزية في كلية آداب الجامعة المستنصرية كما كان يريد, ترك الجامعة, ذهب الى عمه الكبير يخيره بذلك, أخبره عمه: أن أحد أقرباءه من الطلبة الذين يدرسون في كلية الزراعة في جامعة بغداد أن كلية الزراعة فتحت القبول مرة أخرى لاستيعاب عدد اّخر من الطلبة وعليك أن تقدم عليها للدراسة فيها قال أنمار : يا عم أني أحب دراسة اللغة الانكليزية لذلك أخترتها على الرغم من أني يمكنني القبول في الاقسام العلمية والاقسام الانسانية الموجودة في كليات الجامعة المستنصرية , سأل العم: ألا يوجد دراسة في اللغة الانكليزية في كلية الزراعة؟ أجاب أنمار: لا يوجد قسم للدراسة في اللغة الانكليزية لمدة أربع سنوات في كلية الزراعة لكن يوجد درس واحد للغة الانكليزية في السنة الاولى فقط قال العم :هذا يكفي للدراسة باللغة الانكليزية كما تريد قال أنمار يا عم هذا درس وليس تخصص قال العم :أن في كلية الزراعة قسم داخلي للسكن والدراسة فيها مجاناً قال أنمار: يا عم أن أبي وافق على دراستي في الجامعة المستنصرية وهو يتحمل دفع أجور الدراسة وأضاف أن كلية الزراعة تبعد عن مركز المدينة أكثر من خمسة وعشرون كيلو متراً قال العم أن كون كلية الزراعة بعيدة عن مركز المدينة شيىْ جيد يتيح لك مراجعة دروسك دائماً وسيتم أساكنك بقسم داخلي حتى تنهي دراستك وتتخرج وهذا شيىْ مهم أيقن أنمار من حديث عمه هو أن ما يهمه أن يقبل في كلية توفر لطلبتها السكن في اقسام داخلية ليكون بعيدا عن بيت عمه لأنه يعتبر أن دراسته اللغة الانكليزية سلوكاً غير صحيح لأنها ستجعله قريباً من بيته بعد أن ====أتيح له القبول في كلية الزراعة التي توفر لطلبتها السكن في أقسام داخلية , لذا صحى أنمار بما يحب دراسته وقدم أوراقه الى كلية الزراعة ال مكرهاً كما أراد عمه تحسباً من حدوث مشاكل قد تقع في المستقبل ويكون ملاماً فيها. .
60- المشاكسة المفرحة
طلب المدير العام من معاونه القيام بجولة تفتيشية لملاحظة التقيد بارتداء الزي الرسمي الذي حدد من قبل محلس الوزراء وبلغتهم به الوزارة في كتاب رسمي وأكدت وجوب الالتزام بلون الزي المحدد في كتاب ثاني, قام السيد معاون المدير بالتفتيش على أغلب الغرف التي يشقلها الموظفون عدا واحدة لم يدخلها بعد قرر أن لا يدخلها لأنه وجد الالتزام بارتداء الزي المقرر لكنه غير رأيه ودخل الغرفة فوجد أجمل موظفة في المديرية العامة كلها لم تلتزم بارتداء الزي المقرر سألها : لماذا لم ترتدِ الزي المقرر؟ أجابت : أستاذ إني مرتدية الزي مثل سائر الموظفات قال معاون المدير العام: أنت لم تتقيدي بلون الزي المقرر للوزارة الني تتبغ لها مديريتنا العامة كررت الموظفة القول::أنها ملتزمة بارتداء الزي المقرر شكلاً ولوناً لكنك أمت لم ترّ جيداً لم يقل معاون المدير العام شيئاً, وغادر الغرفة ودخل غرفته ,جلس غلى مكتبه , سأل نفسه لماذا تشاكس هذه الموظفة متعمدة ؟وأجاب لابد أن هناك سبباً يدفعها لذلك يجب عليه أن يعرفه ,سمع طرقاً على الباب , قال : أدخل دخلت الموظفة الني لم تلتزم بارتداء الزي , وقفت أمام مكتبه تنظر اليه متفحصة, قال لها باحترام : أجلسي وسألها ماذا تريدين ؟ قالت: أستاذ أعتذر إذا كنت تظن أني أشاكسك متعمدة بدون سبب لكني جئت أقول لك الحقيقة وهي أني أردت أن أثير اهتمامك بي لأنيً أحبك وأن حبك يؤرقني وقد حاولت أن أثير اهتمامك بي مرات عديدة ولكن من دون جدوى وسألته :هل أنت أن لا تعرف ذلك أم كنت تتجاهل؟ قال لها شكراً لك لأنك بحت بحبك لي وأنت فتاة جميلةً تقدم الكثيرغلى طلب يدك لكنك كنت ترفضين وشكراً لك مرة ثانية لأنك وفرت علي التفكير في سبب مشاكستك سألت: الموظفة بعد أن بحت بحبي لك الاّن ماذا ستفعل في الأيام القليلة القادمة ؟
قال لها: لن يكون إلا الخير دعيني وأضاف أسمحي لي أياماً قليلة حتى أطلب يدك من أهلك لأني أحبك حقاً منذ زمن ابتسمت بفرح كبير وقالت منذ غداً سأتقيد بارتداء الزي المقرر واترك المشاكسات ما دمت تبادلني الحب مثل ما أحبك وقامت لتخرج , فأراد أن يرى وجهها وهي مسرورة فقال لها قبل أن تصل الباب : أن حبي لك أكبر, التفتت اليه بوجه مشرق منور بالفرح ورفعت يدها مودعة وفتحت الباب وخرجت,
اترك تعليقا