…مَا أكثرَ المرّاتِ التي تِهتُ في تضاريسِ وجهِهِ وضِعتُ في خرائطِ أساريرهِ باحِثََا عن مَلاذِِ آمِنِِ كَلاجِئِِ بِلَا وَطَنِِ ! ، اغترَبتُ في تجاعيدِهِ العميقةِ عُمقَ الوِدیَانِ في فصل الشتَاء، تطلَّبَ منّي ذلكَ وقتََا ونَفَسََا طوِیلینِ للخُروجِ من عتمةِ كُهُوفِه المستظلَّةِ بفيء أشجارِ لِحيتِه المُنسَدِلَةِ على كَتِفَيهِ …
يُعجِبُنِي شيخِي ببساطتهِ ؛ لا يهتَمُّ بالمظاهرِ كثيرََا ، لِباسُه المعتادُ جلباب فِضِّي تَفُوحُ منه رائحةُ المسكِ كُلّما قابلتُه في سقیفةِ مسجدِ القریةِ، تتاح لي فرصة التحديقِ في محيّاه أكثرَ عندما ينشغل بتصفّح كتاب الخطب المنبرية… غريبة علاقتي بهذا الرجل ؛ أجالسُهُ بارتياح لمَّا نكون وجهََا لوجهَِ أو حين يدعوه أبي فيحل ضيفا عندنا، ويُخيفنِي عندما نَمثُلُ أمامَه نحنُ – أطفالَ القريةِ – لاستظهارِ ما تمَّ حفظُه وتخزينُه في جَمَاجِمنا من قِصَارِ السُّور ، يتحول إلى شخص آخر لا نصيب له من الضحك ولا مجال للابتسامة ، عبوس دوما ، حصصه غالبا ما تنتهي بالصفع والركل، أجلس في الصف الأول عندما أحفظ ما طُلِبَ منا وأستمتع ببكاء أصدقائي المتهاونين ،وتجدني قابعا في الصف الأخير في حالة عدم استعدادي منتظرا دوري في السّلخ والجلد …
علي أومنال – مدينة خنيفرة.
اترك تعليقا