في صغري، لطالما تعلق نظري بضفائر العرائس، بطولها ونعومتها وجمالها الأخاذ، وفي كل عرس أمازيغي أحضره، كنت المس شعري القصير الأجعد وأتمنى أن يطول بسرعة حتى أكون مثلهن، ولم تكن لي حينها سلطة على شعري كان وقتها ملكا لأمي كما كنت أنا أيضا، فلا يحق لي التقرير في شيء قبل التحقق من رأيها أولا.
كبرت قليلا وفي مراهقتي كانت لي جدائل طويلة مرضية امسكها بيدي وأمددها حتى تتجاوز سرتي وأشعر بالفخر كونها طالت لهذا الحد، وألتقي صديقاتي وتستعرض كل واحدة منا ما تملك من نهود مكورة وبارزة و ورك قوي وشعر طويل وطولة فارعة وأقدام أخمصية في خوضنا ألغاز الجسم البالغ الذي أصبح لنا بعد طفولة بريئة، لكنني كنت أجد في أحيان كثيرة أنني أريد تجربة الشعر القصير وشعوري به، لن يكون شاقا في غسله ولا تجفيفه سيكون جميلا أيضا، جميلا جدا وأكون متميزة عن صديقاتي قريناتي، لكنها كانت فكرة لم أجرؤ على فعلها.
في السادسة عشر أغرمت لأول مرة، وكان حبيبي مغرما بضفائري وقال لي أنها تناسبني، كنت أقف قرب المرآة وأمشطه وأتمنى أن يمتد المشط أكثر مما يفعل ويطول شعري أكثر، حتى يزداد جمال شعري نحرا وفتنة له، وكان رجائي أن يطول أكثر وأكثر إلى أن يلمس الأرض أثناء سيري، لكنه لن يفعل أبدا.
كان دهشتي الأولى، وكنت بالمقابل نزوته فقط، كان نرجسيا ومهووسا بنفسه بعض الشيء، وتركنا الأمر الذي بيننا معلقا للصمت، لم يحدثني وتجاهلني كثيرا، وقررت أن أكسر صمته بالمقص.
سألت أمي بادئ الأمر فأنا خاصتها لا يحق لي العبث بشعري دونها، رفضت وتجبرت على قرارها بقصه وفعلت، أخفيته عنها لأيام قليلة واكتشفتي بترددي في الحديث معها والإقتراب منها وطلبي لها بأن تشقه لي بزيوتها وخلطاتها ليظل جميلا، قاطعتني لأيام طويلة لم تحدثني فيها قط.
أما هو! فلم يعرني أي اهتمام، كنت أمر بمحاذاته أكثر من مرة عله يلحظني ويرى عنقي مكشوفا مثيرا كما لم يكن من قبل، لكنه لم يفعل، وهذا زاد من أثقال كاهلي وأسفي وندمي.
وصرت كلما مشطت شعري، تنتهي أسنان المشط من فك تشابك شعري في مناطق علوية قرب أذني فقط، بينما كان فيما قبل يحدث هذا أسفل سرتي، وشعرت وكأن المشط مدهوش وغي مصدق وحائرا “أين ذهب شعرها الطويل الشاق؟” ومع الوقت ألفت الأمر أكثر، وبات أمرا عاديا.
لم أنس حبيبي أبدا، لكنني نسيت ضفيرتي!
شيماء ننتوسي – مدينة وجدة
❤️