زارني اليأس ذات فقد، فعملت بوصية الشاعر ” جاسم الصحيح “:
” إذا زاركِ اليأس وأزرى بك الندم
لا تشتكي فلديكِ الخصر والقدم “
الحزن الذي كبلني يومها لم تنفع معه مرارة قهوتي، ولا كنبة ركني المفضل، ولا ألواح الشكولاتة، ولا الكتب الثرثارة، ولا الشكاوى المرفوعة إلى الآذان الصماء التي تعيش روتينها بلامبالاة.
أقفلت عليّ باب غرفتي، توسطني حزام تدلت منه عملات مزيفة، تنبعث منها رنات تنسجم بشكل رائع مع الموسيقى، واستسلمت للرقص.
أتمايل أفضل من سكير لعبت الخمر بكل أوصاله لسنوات عديدة.
أتمايل بشكل مضحك، أرقص بشكل مبعثر، ثم أقف هنيهة لأتذكر رقصة من رقصات الصغر، أطبقها على تفاصيلي، فأستسلم للحرية.
الحرية أن ترفعي يديك إلى السماء وتحسين أنك تعانقين السحاب.
الحرية حيث لا يتواجد بشر يفرض عليك قوانينه ويسيرك كما يشتهي.
الحرية حينما تصادقين جسدك بعيدا عن كل العيون الفضولية التي تقيد تمايلاته وتخجلها.
الرقص ليس عيبا مادام بعيدا عن العيون المحرمة.
الرقص متعة الجسد، ورياضة المشاعر، وأنوثة تستعرض نفسها فتسعد.
الرقص خلق لنا نحن الحوَائيات ولم يخلق لغيرنا.
فارقصي متى شعرت بالسعادة ومتى غرقت في الحزن.
ارقصي، فالبكاء على الأطلال، والتشكي، ومراسيم العزاء العاطفي أصبحت عادة قديمة.
أتعلمين أن الرقص على أنغام الألم له لحن خاص، وتمايلات خاصة، ستدهشك عندها كل حواسك، بل سيندهش الحزن وسيختفي الألم عند آخر تمايلاتك.
سترتمين إلى أقرب كنبة تستعطفين الراحة، لتنطلق بعدها ضحكة تعلم الجميع أنك ما زلت على قيد الحياة، وعلى قيد الأمل، وعلى قيد اصطياد السعادة.
فلنرتفع بالرقص كلما سقطنا، ولنعانق الرقص كلما فرحنا وكلما حزنا.
ارقصي في إطار حدودنا المتعارفة، وليسقط بعدها الجميع.
إذا زاركِ اليأس أو أزرى بك الندم
لا تشتكي فلديكِ الخصر والقدم
قومي فما هي إلا رقصة وإذا
جيش الهموم على ساقيكِ منحطم.
نوال غازي – مدينة الدارالبيضاء
اترك تعليقا