قبل عشر سنوات من الآن، كانت أمي تجبرني على إحضار وجبة الإفطار لأبي كل صباح باكر، كانت تجبرني أيضا على غسل الأواني والملابس المتسخة، وتنظيف البيت، وسقي أشجار الحديقة، ذات مرة اعطتني قطعة حلوى وحذرتني من عدم أكل القطعة المتبقية قائلة:
“دعي الحلوى التي في الفرن لشقيقك وسلميها له فور عودته من المدرسة وإياك ثم إياك أن تأكليها”
بعدما أكلت الحلوى الخاصة بي ذهبت لجني الزيتون، شعرت بعدها بجوع شديد، و أكلت قطعة الحلوى التي حذرتني امي من عدم اكلها، ولكي لا تعاقبني ذهبت مسرعة الى ذلك المكان البعيد في الغاب؛ حيث أشجار الصنوبر العالية التي تعانق أغصانها السماء، والربيع الذابل، والطيور المهاجرة التي ترسم البهجة في السماء، كنت جالسة فوق حجرة كبيرة أراقب الضفة الأخرى حيث النهر يعبر بيننا، هناك الأغنام والماعز والراعي يبدو أنه في السبعينيات من عمره؛ قد غطى الشيب رأسه، حاملا في يده عصا وقارورة ماء نصف مملوءة وقطعة خبز وبرتقالة والجبال تردد صوته وهو يغني اغنية أمازيغية للمطرب ” رويشة”؛ كفلم قصير عاش معي لدقائق واختفى بغمضة عين، بعدها سمعت صراخا قادما من الجهة الشرقية حيث منزلي، ذهبت مسرعة وإذا بي أرى الحزن في عيون أبي، حضنني باكيا وهمس في ادني لقد توفي أخاك يا بنيتي قبل نصف ساعة من الآن لقد دهسته سيارة بعدما اجبرته امكِ بالبحث عنكِ.
تلك الجملة التي لطالما تذكرتها انتابني ندم شديد على عدم سماعي لكلام أمي، أنا الآن أبلغ من عمري ثمانية عشر سنة و أزور قبر اخي كل يوم حاملة في يدي علبا من الحلوى لعله سامحني.
مريم بوعمري – مولاي بوعزة
اترك تعليقا