نم نوما هادئا..! ولا تستيقظ من سباتك الحزين، المتجرع الحرمان والمعاناة… فلعلك باخع نفسك إن استيقظت فيكون بها انتفاضك، وبذلك يقال عنك: مجرم ارهابي، ستساق حينها كالقطيع إلى ماوراء الشمس، حيث هناك الكثيرون ولا شك سمعت عن بعضهم، وقد حان المكان والزمان لتكون واحد منهم، وتصبح معهم في خبر كان لم يكن…
إما أن ترجع من رقودك إن كان لك رقود، في صمت رهيب يذيب الموت ويكسر الصخور، بذلك يقال عنك مجنون…!
فاسرح في حلمك الجميل، واصنع فيه عالم مزخرف بالزهور ومشيد بجدار السعادة…
وحقق مراد الآنا، بعدما عجزت عن نسجه في كآبة الواقع الأليم، رفرف بخيالك وابدع اجمل ما نسجه فكرك واطلق العنان لجناحيك وحلق كطائر عنيد يرسم آماله في السماء، ولا تنسى أن تزينها وتلونها بالألوان الزرقاء- هكذا أنا أحبها- وادع هؤلاء الجهلاء-البلاداء في قارورتهم السوداء مظلمة، لا نور ينفذ إليها ولا هواء يتسلل إليها _ هناك اللا هواء-بذلك أغلقوا على أنفسهم ليعيشوا بداخلها في موت وضياع، ذلك هو أرقى ما وصلت إليهم عقولهم الصغيرة ليبقوا في مغارتهم متشدقون، متفيهقون، وظنوا أن لا حياة إلا التي هم فيها راقدون، وها هنا قاعدون…
فلم إذن تريد العيش في عالم الموت وأننت تنير نورا في عالم الحياة..؟
ألا ترى أننا قد تخلصنا من الدهشة، فلم يعد يدهشنا شيء مهما كان جميلا مبهرا …فذواتنا لم تعد ربيعا مزهرا ولا صيفا مثمرا ولا شتاء ممطرا، بل صار خريفا مخربا منكوبا…
لم يعد يحزننا ويمزق أغوارنا ويصلب أجسادنا، وينكد عيشنا أي شيء مهما بلغت شدة بشاعته وفظاعته؛ ببساطة لأن قلوبنا بلغت حناجرنا وأضحت قبورا مظلمة، مخيفة، مهجورة، نمت فيها حشائش اليأس وجف عنها الماء، فغذات صحراء جدباء حتى الغيث لم يسقيها.
كل شيء في هذا العالم الممسوخ يبدو لنا مألوفا ومعتادا، مادمنا نعيش وسنعيش كل الويلات واللامعقولات والإنكسارات في سن تحطمت فيه طفولتنا… وها هو الآن شبابنا يتحطم ويتفتت ويحتضر أمام أنظارنا، ونحن نشاهده كالمتفرجين، لا نستطيع أن ندرأ عنه العذاب ولانزيح عنه الآلام؛ لأننا لا نملك بديل لانتصار لنحرق هذا المصير الذي أضرم النار في ذواتنا…
كيف وكيف وكيف ومللت من الكيفيات ..! ونحن نعيش في هذا الوجود وحقا لا نحس بأي وجود، لأنهم قالوا عنا أننا لا نستحق الوجود، ألهذه الدرجة أصبحنا غرباء منبوذين، وفينا غير مرغوبين وعنا غير مرضيين…
يسعوا جاهدين بالعدة والعتاد؛ لتطويقنا وحصرنا في حظيرة القطيع، ليقتلوا أمالنا وأمانينا وأحلامنا التي أمن بها أشد الإيمان، وعشنا من أجلها وأبينا إلا أن نعانقها…
باختصار لا يريدون انسانا ذو عقل، وفكر، ونضج، وحكمة؛ بل يريدون صخرة سوداء بكماء عمياء صماء، فهيهات هيهات…
محمد بن صالح – مدينة تازة
اترك تعليقا