رمقها خلسة وهي تسير رفقة فتاة أخرى، توقف للحظة يتأملها ، خطر بباله أن يتقدم نحوها ويحاول استلطافها على أمل أن يلين قلبها له، عاود النظر إلى تفاصيل وجهها المنحوت بدقة متناهية حينها تأكد بأنها هي الثي كان يبحث عنها لسنوات طويلة و هاهو الآن قد وجدها قبل أن يدب اليأس إلى قلبه، دار كل هذا في خلده في فترة قصيرة ثم سار نحوها و استوقفها قائلا:
– هل يمكن أن تمنحيني دقيقة من وقتك لو سمحت؟
– استغربت لطلبه، نظرت إلى صديقتها نظرة مطولة و كأنها تستفسرها على ما يتوجب عليها فعله، أشارت لها صديقتها بأن تمنحه مجالا ليدلي بدلوه و كأنها ريموت لها تسيرها وفق أهوائها و مزاجها.
التفتت نحوه بأنفة و قالت:
– حسنا قل ما لديك لكن بسرعة فليس لدي وقت أضيعه!
فرك أصابعه ببعضها البعض و سار يلملم ما جاد به قاموسه اللغوي من كلمات غزل جاهزة تعفيه ارتجالا مصطنعا، استحضر شعر نزار قباني في الحب و الحنين لا الحرب و ما كتب بالسكين، فكر في أن يقتبس منه ما جادة به ذاكرته من شعر حفظه مند أمد طويل، فطن إلى أنه سيظهر أمامها بمظهر الأبله إذ لم تكن ذات علم بالشعر و الأدب، فأغلب الفتيات ينفرن من التفافة بشكل عام و لا يعرفن شيئا عن خيبة محمود درويش في قصيدة لن تأتي ولا بحت نزار قباني المضني عن حبيبته في قصيدة أحبك أنت ولا عن حجم ما قاساه (. ) لأجل حبيبته عبلة ولا حتى عن جمال اللقاء و البوح في قصيدة (جاءت معذبتي، اكتشف كم هو سخيف…تراجع عن ذلك، باغته صوتها فجأة:
– هل سننتطر طويلا؟ تحدت! قل ما لديك!
قال بصوت متقطع:
– حسنا، أريد أن أقول (صمت لبرهة)
– تقول ماذا؟
– أريد أن أعبر عن إعجابي بك.
– أ لجملة صغيرة كهذه استغرقت كل هذا الوقت؟
– في الحقيقة كنت أود أن أعبر عن ما اجتاح صدري بعبارات عذراء تليق بك و بجمالك لكن الكلمات اللعينة تخونني في أهم المواقف و اللحظات.
– و ماذا تريد الآن؟
– أود الحصول على رقم هاتفك أو أن تمكنيني من وسيلة للتواصل مع بعض؟
عاودت النظر إلى صديقتها منتظرة إشارة منها، أومأت صديقتها بالإيجاب، فقالت بكبرياء و أنفة:
– حسنا سجل الرقم تحسس جيوبه في ارتباك واضح.. دس يده بجيب بنطلونه لتخرج بهاتف محمول أكل عليه الدهر و شرب، بدون غطاء للبطارية، الأرقام و الرموز لا وجود لها، نظرت إليه بازدراء، التفتت إلى صديقتها الثي كانت تحاول كثم صوت ضحكتها بالكاد، أملت عليه الرقم تباعا و بشكل مسترسل لاختبار قدرته على تسجيل أرقام في هاتف لا أرقام له، سايرها في ذلك بسرعة كبيرة، تعجبت صديقتها للأمر، لابد و أنه خبر هاتفه ذاك و اعتاد على وضعه المتهالك.
شكرها و ودعها على أمل أن يتصل بها في الغد، ما إن تجاوزهما حتى أطلقن الاثنين ضحكة ملأت الشارع صخبا.
قالت لصديقتها:
– يبدو عليه و أنه معتوه أبله.
– أرأيتي حال الهاتف المسكين، صدقيني لو كان للهاتف مقدرة على الكلام لترجى صاحبه بأن يشفق على حاله و يتركه ليتقاعد.
– بجدر به أن يبيعه لمتحف اللوفر لربما ذاك أول هاتف صنع على مر التاريخ.
علت ضحكتهن و واصلا مسيرهن باتجاه شارع بريجيت باردو.
سمعت الهاتف يرن تفقدت الرقم فإذا به غير مسجل باسم، فتحت الخط:
– مرحبا من معي.
– مرحبا، أنا ذلك الشاب الذي استوقفك على مقربة من شارع بريجيت باردو البارحة.
– اااه تذكرتك.
– كيف الحال.
– بخير شكرا.
– اتصلت بك لأرى إذا ما كانت هنالك إمكانية للخروج في موعد.
– اوووه لا أعتقد ذلك فأنا مشغولة في الوقت الراهن.
– بطبعي لا أستعجل الأمور خدي الوقت الكافي للتفكير في الأمر كما أن لك صلاحية اختيار اليوم و الساعة.
– حسنا، أعدك أنني سأفكر في الأمر بجدية.
– شكرا لك، ذمتي في رعاية الله.
– و أنت كذلك.
أغلقت الخط و راحت تفكر في سبيل للخروج من هذا المأزق كان يجدر بها أن ترفض عرضه مند البداية، شتانا ما بينه و بين فارس أحلامها، ذلك الشاب الوسيم دو الملامح الغربية بأناقة إيطالية مواكبة للموضة، رجل أعمال و شاعر في الآن ذاته، لكن الخيال و المنى مجرد وهم رهين تحققه بشيء يسمى القدر.
استفاقت على صوت رنين هاتفها ظنته صوت المنبه في بادئ الأمر، حملت الهاتف لتتفقده وهي تحاول جاهدة فتح عينيها و التأكد، تبين لها أنها مكالمة و ليس المنبه كما ظنت، ( صاحب الهاتف العجيب) هكذا عنونة رقمه، فتحت الخط و في نيتها أن تضع حدا لرغبته في إقامة علاقة جادة على حد قوله.
– مرحبا.
-مرحبا سيدتي الجميلة، كيف حالك؟
بخير، أريد منك أن تستوعب و تعي ما سأقوله لك الآن.
خيرا يا سيدتي، كلي أذان صاغية.
-أريد منك أن تكف عن الاتصال بي لأنني لا أود ربط علاقة بفقير معدم مثلك لم يكلف نفسه عناء إذخار مال كافي لشراء هاتف محمول جديد، بربك ماذا سأستفيد منك؟ هل ستورثني فقرك أم ستبني لي قصرا بخيالك؟ يستحسن بك أن تربط علاقة بفتاة من بني جلدتك، لست من مستواي فأنا أحلم بشاب غني قادر على توفير متطلباتي الكثيرة الثي لا حصر لها، لا أتخيل نفسي أكل عدسا به ثوم مفروم على الغداء و أنا الثي صرت من رواد المطاعم الفاخرة.
– ضحك ضحكة استهزاء و أردف:
– لا أصدق أن الحيلة قد انطلت عليك.
– عن أي حيلة تتحدث
– أنا من عائلة محترمة حصلت المال و الجاه مند عهود خلت، جدي كان سفيرا بإيطاليا و أبي أستاذ جامعي بأرقى جامعة خاصة وأخي يعمل كمهندس بألمانيا أما أنا فقد ورث أمور التجارة العائلية عن جدي أسيرها بحرفية كبيرة تجارتنا مزدهرة بشكل كبير، تجارة صمدت لعقود ولا زالت قادرة على الصمود..
-ما نوع التجارة؟
– أعمل بتجارة الشاي، يمكن أن تعتبري الأمر تقليدا عائليا فقد دأب جدي مند عقود على احتكار هذه التجارة بشمال إفريقيا منافسا في ذلك عائلة إسحاق ( عائلة يهودية من أصل مغربي) أستورده من الصين و أوزعه على كافة أنحاء المملكة، إن هذه التجارة تدر أرباح كبيرة و من المستحيل أن يصيبها كساد فالمغاربة على استعداد للتخلي عن أي شيء إلا عن الشاي الصيني.
– أصحيح ما تقول؟
– بالطبع و لتتأكدي من صدق قولي أدعوك لتناول وجبة عشاء بمطعم لامبادوريا.
– أتقصد لامبادوريا بعينه.
– نعم هو ذاك.
– أنا متحمسة جدا لتناول العشاء هناك. ما رأيك في ليلة الغد؟
– ليس لدي مانع، أنا تحت طلبك سيدتي الجميلة.
– إنك شخص ودود و لطيف.
– يسعدني سماع ذلك، سأتركك الأن و لا تنسي موعدنا.
– كيف لي أن أنسى, يشرفني أن أتناول العشاء مع حضرتك، آه نسيت! أريد أن أسألك سؤالا لو سمحت.
– تفضلي.
– لماذا قررت تجسيد دور الشاب الفقير و المعدم في لقائنا الأول؟
– بصراحة قررت فعل ذلك لأرى ما إذا كانت ستقبل بي فتاة جميلة ترى في الشخص غنى روحه قبل غنى جيبه، فتاة تستحق أن تعيش ملكة بقصري و أن أغدق عليها بحبي و ثروتي لكن الأمر مستبعد، حتى لو بحت ل مئة عام لا أظنني كنت لأجدها، و لأنني تهت بعيونك اللوزتين و أضحيت عبدا بمملكة حبك ليس في وسعي إلا أن أتنازل على مبدأي ذاك و أن أهب حياتي كلها لك بكل ما معها و ما فيها.
– اوووه كم أنت رومانسي، في لغتك شيء من الحكمة و الرفعة.
-شكرا سيدتي الجميلة، ما رأيك في أن نلتقي بشارع ميكيافيلي و من ثم نتوجه إلى مطعم لامبادوريا.
– فكرة جيدة فلنلتقي على الساعة الثامنة مساءا، هل هذا يناسبك؟
– وقتي كله ملكك فلتختاري منه ما شئتي.
– يالك من رجل رائع، حسنا فليكن ذلك.
– مع السلامة.
– رافقتك السلامة حبيبي.
استفاق من النوم، نطر إلى الساعة… إنها نشير إلى السابعة مساءا، مند سنوات دأب على أن يتأخر في الاستيقاظ و كأن له توقيت مغايرا للبقية، يسهر الليل بطوله و ينام عند الساعة السادسة صباحا لم تستنشق رئتيه نسيم الصباح العليل مند زمن بعيد، يعيش على عد نجوم الليل الحالك، ما إن يسدل الليل ستاره حتى يخرج ليتسكع بشوارع المدينة النائمة، لا يغادر المنزل إلى للضرورة، منزله في حالة فوضى عارمة، قصاصات الجرائد مبعثرة في كل مكان (الدرج، المطبخ، غرفة الجلوس…)، أرضية المنزل الرخامية صارت سوداء من أثر مخلفات الأحذية و بقايا الطعام بجانب سريره كتابان واحد مفتوح و الأخر مغلق، الأول نسخة قديمة لرواية موسم الهجرة إلى الشمال و الثاني مؤلف الأمير لميكيافليي، على المنضدة صحن صغير دائري عليه أثر رماد لابد وأنه يستعمله لإطفاء أعقاب السجائر، سقف المنزل مهترئ، أما لحافه فتنبعت منه رائحة تجلب الغثيان، و كأن هذا المنزل ليس لأدمي حي.
تدكر موعده مع حبيبته المزعومة تحامل على نفسه ليقف على قدميه، كل ما لديه ليجهز نفسه ساعة واحدة، وقع اختياره على بدلة كاستمر سوداء و ربطة عنق بنفسجية اللون و ساعة مقلدة شبيهة بساعة رولكس و حداء جلدي أسود، تعطر بعطر خفيف الرائحة وهم بالخروج، استقل سيارة أجرة إلى شارع ميكيافيلي و ما أن وصل حتى وجد حبيبته المزعومة في انتظاره.
ألقى عليها التحية بابتسامة عريضة، بادلته إياها بأخرى أرفع منها.
– مرحبا أميرتي الجميلة، أووه تبدين جميلة.
– مرحبا، و أنت كذلك تبدو وسيما على خلاف لقاءنا الأول، أناقتك تضاهي أناقة الإيطاليين.
– هذا من حسن لطفك.
– قل لي أين تركت سيارتك؟ ولما استقليت سيارة أجرة؟
– لقد تعطلت سيارتي بالأمس و تركتها لذا الميكانيكي قصد إعادة صيانتها .
– اووووه لا بأس، كنت أود أن تأخذني فيها لنزهة، لكن القدر اختار شيئا أخر.
– لا تقلقي ساخدك بنزهة في المرة القادمة.
– حسنا فليكن ذلك.
– ما رأيك في أن نعرج على شاطئ المدينة في طريقنا إلى مطعم لامبادوريا.
– فكرة رائعة، الجو ملائم لنزهة على الشاطئ.
– حسنا، هيا بنا يا أميرتي.
أثناء سيرهم سألها:
– هل تحبين الأدب؟
أجابت:
– نعم أنا مولعة بالأدب بشدة، قرأت الكثير؟
– لمن قرأت؟
قرأت لعديد الروائيين منهم المغاربة و العرب, قرأت لعبد المجيد بن جلون و محمد زفزاف مرورا على سهيل إدريس و الطيب صالح وصولا إلى أحلام مستغانمي، لكن الرواية الثي أثارتني و زادت من حبي للمطالعة رواية الأسود يليق بك لخولة حمدان.
– لا أظنها لخولة حمدان بل لأحلام مستغانمي، خولة حمدان كتبت في قلبي أنتى عبرية.
– أووه إعدرني فقد اختلطت علي العناوين و الأسماء لعل ذلك راجع إلى غزارة ما قرأت في الأونة الأخيرة.
– لربما، يقال بأن الإنسان شديد المطالعة تختلط و تتشابه عليه العناوين.
– صحيح، و أنت لمن تفضل أن تقرأ؟
– بطبيعتي لا أركز اهتمامي على صنف أدبي معين بل أحاول قدر الإمكان أن أنهل من كل جنس أدبي لأكون قاعدة معلوماتية و علمية في كل مجال أنا كذلك الذي يتذوق من كل شيء القليل بدون أن يملأ بطنه بنوع معين من الطعام، على سبيل الذكر قرأت لإبراهيم الفقي في التنمية البشرية، و في الشعر قرأت لنزار قباني و محمود درويش إضافة إلى المبدع بدر شاكر السياب، مرورا على جنس الرواية فقد نهلت منه الشيء الكثير، أما بخصوص المؤلف الذي ترك لدي انطباع قويا فيمكن القول بأنه مؤلف الأمير لميكيافيلي.
– اووه رائع إنك قارئ جيد، أوتعلم ماذا قال شكسبير على لسان شخصية من شخصيات مسرحياته؟
ضحك ضحكة مكر و أردف:
– أعلم، قال: ( أو تظنني مخادع؟ ا أنا ميكيافيلي؟)
– صحيح أشار بشكل غير مباشر إلى أن ميكيافيلي مخادع.
– أتعلمين أن ميكيافيلي يمثلني؟
– توجست قليلا و قالت:
– كيف؟
نظر إليها نظرة مطولة و في عينيه لمعان غريب و قد ارتسمت ابتسامة مكر على محياه، ثم أدخل يده بهدوء بجيب بنطاله مخرجا سكين صغيرا و سار يقلبه بين كفيه بشكل متكرر.
– شعرت الفتاة بغرابة الشخص و استوعبت فداحة خطأها، لأنها و تقت به و أتت برفقته إلى مكان بعيد عن العامة حيت لا يتواجد إلا هما الاثنين، كيف أمكنها الوثوق به و هي الثي لم تراه سوى لمرة واحدة،
سرعان ما كسر هذا السكون القاتل صوته:
أكرهك و أكره كل أنثى متبجحة على وجه الأرض، أكره كل من داست قلب رجل أحبها بلا مبالاة، أكره كل أنثى تحسب كرامة و كبرياء الرجل لعبة، أنا متعطش للدماء، أريد أن أشرب من دمك و أن أترك منك عبرة لكل من سولت لها نفسها إهانة رجل لفقره و قلة حيلته، سأنتقم اليوم لكل من داست شرفه امرأة، و من يدري لربما ستلهم هذه القصة كتابا عالمين ليكتبوها و تخلد كأعظم الأعمال الأدبية المعاصرة و ستكون سابقة بحيث لن تكتب هذه القصة بحبر بل ستكتب بدمك و ليكن في علمك أن ببطشي عليك ستنزفين دما يكفي لكتابة مجلد، فلتستعدي.
انهارت أمامه و الدموع تنهمر من عيناها ، توسلت له بشدة بأن يعدل عن قرارة و يرحمها، انحنت لتقبل رجليه لعل قلبه يلين و يعود لوعيه، ما إن وقفت على رجليها حتى طعنها اثنتا عشر طعنة سقطت معهم جثة هامدة بدون حراك.
سقطت عند رجليه نطر لها بانتشاء و فخر كبيرين ثم نطر إلى السماء و أطلق ضحكة هستيرية ملأت المكان تلتها نوبة صراخ هزت أركان السماء و بين الفينة و الأخرى ينظر إليها بتلذذ، سمع صوت شيء يتحرك خلفه، التفت ليجد رجال الشرطة قد حاصروا المكان، أشهر مسدساتهم بوجهه و طلبوا منه أن يضع يداه خلف رأسه و يستسلم، امتثل للأمر، وضعوا له الأصفاد و قادوه نحو السيارة، بعد بضع دقائق وصلوا إلى مخفر الشرطة، أودعوه بزنزانة انفرادية ليتم بعدها التحقيق معه بملابسات القضية .
في اليوم التالي اقتادوه إلى غرفة التحقيق، أجلسوه على كرسي خشبي بجانب طاولة خشبية، جلس المحقق بوضع مقابل له، ثم بدأ التحقيق:
استمر التحقيق لمدة طويلة دون أن يتفوه بكلمة، يأس المحقق من محاولة جعله يتكلم و في الوقت الذي تهيأ فيه المحقق ليقوم من على المقعد، قال بانفعال:
– لم أقم بشيء سوى أني انتقمت.
اعتدل المحقق في جلوسه بسرعة و قال:
– لمن انتقمت؟ و لماذا انتقمت؟
– انتقمت لأبي و لجميع من ديست كرامتهم من قبل إمرة.
– لم أفهم بما فيه الكفاية، أسهب في الحكي.
– وقع الحادث قبل سبعة عشر سنة من الآن كان عمري أنداك عشر سنوات حين ضبط والدي أمي مع عشيقها بالمنزل ظنته أنه لن يعود إلى المنزل في ذلك التوقيت بالذات لأن دوام عمله لا ينتهي إلا بحلول العاشرة مساءا، توجه أبي إلى المطبخ يبحث عن سكين بغية قتلهم لكنهم تمكنوا من الفرار معا ذلك جعل من والدي إنسان دليلا حقيرا في أعين الجيران فقد داست كرامته دون أي اعتبار و لا شفقة، في اليوم الموالي وجدته منتحرا بالمنزل، أتصدق لقد رأيت الأنشوطة ملتفة حول عنق والدي و أنا ابن العاشرة نظر إليه المحقق نظرة أسى و قال:
– و ما دخل الفتاة البريئة الثي قتلتها؟
– ليست بريئة الكل مذنب، كان لابد لي من إحقاق العدل.
– و هل يحق العدل بالقتل و الطعن؟
– كانت رغبة والدي أن ينتقم منهما بالطعن و لم يستطع و ها أنا ذا حققت رغبته، فلترقد روحه الأن بسلام.
انتهى التحقيق و دون المحضر، و الآن سيتم محاكمته بعد بضعة أيام.
في يوم المحاكمة بت في قضيته و أتبت أنه مذنب لأنه ضبط متلبسا إضافة إلى اعترافه بالمنسوب له، استغرقت المحاكمة حوالي ساعة من الزمن و جاءت لحظة الإعلان عن الحكم.
وقف القاضي و قال:
بعد متابعتنا لمحضر الضابطة القضائية و اعترافك بأنك مذنب تقرر الحكم عليك بالإعدام.
ابتسم المتهم و قال:
أو لم أعدم مند زمن طويل؟
النهاية.
محمد الودير – مدينة أسفي
اترك تعليقا