سأمضي أنا وإياك بمسيرتنا في هذه الحياة، براحة وإطمئنان، نستمتع بالموسيقى الجميلة التي تنساب من خلال زماننا، سنحرس على حياتنا من الشوائب، نجلس على كراسي مقهى مطل على الساحل، ننتشي بدخان سيجارة مستوردة، هدفي وهدفك منذ لحظة التقاء النظرات، هو العيش الراقي، بعيدا عن واقعنا المر، سنبتعد عن أهداف تدمر عيشنا الشاعري الراقي، نتخلص من حمولتنا الزائدة التي ظننا أنها تساعدنا على تلذذ بالحياة، سنتخلى عن أحلامنا وأفكارنا وتوقعاتنا وعن علاقاتنا بالأصدقاء…للآسف ليسوا بالاصدقاء، لقد زادونا ثقلا في الحياة، الثقيلة في أصلها، فرضوا علينا وصايتهم، ونحن مستسلمين لهم، كنا كراكيز في مسرحهم.
هنا سأتوقف وأحكي لك حادثة خالدة نقشت في جدران ذاكرتي:
كنت أجلس في مسرحهم والكرسي من جمر ونار، أنتظر دوري في المسرحية، أقلب يمنة ويسرة عن شخص يشبهني، ذو قلب طيب، ينصحني بالابتعاد عن هؤلاء، لا أحد، تشابهت الوجوه، وتعددت المصالح، كل وضالته. أتسأل مع نفسي أو كما قال أحد تلاميذتنا “فكرت مع نفسي”: هذا ليس مكاني؟ هل أنا من طينة هؤلاء؟ يجيبني صوت خافت صادر من دواخلي “طبعا لا”. كانت تنقصني الشجاعة لأرفض عرضهم لصعود للمسرح، وأمزق تلك الورقات التي تضم خطاب يخالف ما بداخلي، خطاب عنيف، بين سطوره تبجيل لهذا وقدح لهذا، لم أكن انتبه لفحوى الخطاب، كنت في حالة تخدير تامة، خدعت كما خدع الكثير بشعارات رنانة، تعلي من راية مجتمع مدني، الذي لن ولم يتحقق لدينا في ظل شروط الحالية.
ذات يوم استجمعت قواي، نظرت إلى كينونتي متمعنا فيها، اقصيتهم من تفكيري، نظرت نظرة غضب إلى تلك الوجوه، الأذكياء منهم فهموا رسالتي…بعدها تواريت عن الآنظار…وحمدت ربي على نعمه. كنت اعتقد بأن مسرحهم هو مكان عيشي، كنت أمثل حالي بحال السمكة، إذا غادرت المياه ستموت، لم أعتقد يوما أنني “برمائي”، أتكيف بسرعة مع جميع الأماكن.
انتهت الحادثة….
نعيش أنا وأنت في عزلة، نعيش بين سطور قصيدة جميلة تفوح منها رائحة الزهر…نعيش بين قباني… ودرويش… وشوقي…في النهاية نرسم لوحة جميلة لحياة جميلة.
يكفينا من البؤس، لنكافح ضد الحزن، سنصنع الابتسام…الضحك…الرقص، سنغزوا الروح ونطرد الغربة التي عشناها، وسنغادر الأماكن والاشخاص الذين يخافون من ابتسامتي وابتسامتك…ويهللون عند دموعي ودموعك.
خارج النص:
“قولي لهم، خودوا كل شيء، اتركوا لي حياتي آنية، إنها أزهى أوقاتي، لا أطمع في شيء بعدها ولا قبلها، أحلى ساعاتي في عزلتي. قالوا “المبدعين والعباقرة يضحون بكل شيء في سبيل عزلتهم”.
كمال العود – مدينة تارودانت
اترك تعليقا