يلازم الخوف تفكيري، وينتهك مشاعري. قدماي لا قدرة لهما على المضي قدما.
جلست على الكرسي، أقلب بنظري بين تلك الوجوه الشاحبة والعيون الشاخصة.
أتسأل في قرارة نفسي على من الدور ليعتلي خشبة المسرح؟ والمقصود هنا الحياة المدنية. يستعد رجل وقد انتصب وسط الجمع، يرتدي لباسا عاديا، وكان شعره مرتبا ولحيته مشذبة تقريبا، يجهز أوراقه، يبدأ في القراءة.
الجمهور كان مهيئا لاستقبال رسته، والتأثر بها، والتفاعل معها، أنا لا أرى سوى حركة يديه، يحركهما يمنة ويسرة، لم أسمع حرفا من خطابه الطويل. كنت متأكدا بأن خطابه هو خطاب وصولي، انتهازي، فوضوي، لاعقلاني، مضلل، يستميل الجماهير، عاطفيا، عبر إثارة غرائزهم الأولية، والتلاعب بمشاعرهم…
انتشلني المقدم من وحل تفكيري، وطلب مني الاستعداد للصعود للمسرح، وما إن هممت بالصعود حتى تطايرت أوراقي، وتناثرت كلماتها، حاولت أن ألملم تلك الحروف المتطايرة وأربط بينها لأكون الجمل والكلمات التي سأقولها، لكن بأت محاولاتي بالفشل، ارتبكت وتصببت عرقا، شعرت بالغرق، وقد قرأت ذلك على ملامح الجمهور، نظرت إلى نفسي، وقلت أنا بخير لأنني عرفت قيمة نفسي، لم أعد انظر لنفسي في اعينهم، لم تعد تستهويني تلك الخطابات…عندها انطلق لساني، وعادت لي الكلمات، ووجهت خطاب الوداع، لم يصفق لي أحدا، فواصلت مسيري وكنت أنا.
كمال العود – مدينة تارودانت
اترك تعليقا