كل المعالم تشير إلى الصفر، كل الأرقام يعتريها غضب و ضجر هائل و قلق بوجود الصفر. كل التواريخ، كل المواعيد، الصفحات الأولى من الكتب، شفرات البنوك ، حسابات ”التويتر” و ”الفيسبوك”، عدد مشاهدات أغاني ”ريد ستيوورت”، عدد المتفاعلين ، كلها تتضمن الصفر.
إنها ليست محض صدفة، فتاريخ لقاءنا و الموعد الذي لم تعيرينه اهتماما، كانا في منتصف الليل، حتى القمر كان مكتملا، يحاكي الصفر آنذاك، و علب البريد الالكتروني وغير الالكتروني فارغات، و المنبه معطل و يشير إلى منتصف الليل و الدقيقة العاشرة. إنه أصبح لا بد من الصفر…
كلما حدقت في السماء و هي في أوج زينتها تتباهى بالنجوم، أنتجت أصفارا، و كل ما أردت أن أتخلص منهم لحقوا بي و كأنهم أشباح أو أرواح شريرة.
لقد أصبح العالم مليئا بالأصفار: منسوب المياه يقترب من الصفر، نسبة الغابات تحاذيه، أعداد القتلى و الجرحى و المحتاجين و المظلومين و المنتهكة حقوقهم، تحمل ثلة من الأصفار و التي تلي هي الأخرى ما تيسر من أللأرقام.
أصبح الصفر سلاحا لا يهزم عندما يصارع ما لا نهاية السلبية و ما لا نهاية الايجابية. لقد هزم معلمه و لم يفارق حتى تاريخ مجيئه للوجود و موعد سفره الأبدي. إنه أناني و لا يقبل مشاركة الشيء و وحيد يعشق وحدته و يتكبر في الوسط، منعزل، محايد.
إنه لا يعقل أن يهزمنا ال”لا شيء” و المجرد و الوحيد و المتعالي. و إن لنا عقول قد أنتجته و انتقم منها، ناكر للجميل و لا يعرف حينما يهان سوى التكاثر ك”فيروس الأنفلونزا”. يجعل منا أسيادا، يجعل منا أطفالا و عديمي الفائدة، يجعل منا… إنه يسيطر علينا.
بقلم : كريم الحدادي
كاتب، باحث بسلك الماستر المتخصص في اللغة الفرنسية
مولاي بوعزة،إقليم خنيفرة
اترك تعليقا