كل الناس الآن نائمون، إلا أنا؛ كل الكون، حتى القمر نائم؛ منغمس في تأمل زينة الفضاء؛ الكل نائم؛ كل شيء في هذه اللحظة يدعو إلى النوم، إلى الاسترخاء، إلى السفر عبر زمن الأحلام والكوابيس، إلا أنا وكأنني قمر غيور لا يقو على مفارقة الأرض وكأن لي في السهر كنز أضخم من القمر عينه.
كل الناس نائمون وكأنهم عادوا من الحرب، أو من الحرب! الآن في هذه اللحظة، كل المقاهي مغلقة، كل المكتبات، كل المستشفيات والصيدليات، حتى محطات القطار؛ مغلقة. في الليل، يتربع الخوف على العرش وينكسر عود التفاح وتنطوي زهيراته، منسحبة بخجل من الوجود وهي لا تدري إن ستعود أم لا. حينها تبدأ حياة أخرى. لايعرفها من هب ودب، لايدرك تفاصيلها إلا المسافر والسجين. حياة هي في الواقع، الواقع الخفي والمتقطعة كلماته.
كم تمنيت أن أكون جزءا من الزمن! تفاصيل ثانية وتنقشع، أو أسبوع أو فصل، احتراما لجزئياته اللامتناهية، الزئبقية! لكن، ولسوء الحظ أنا الآن غارق بين تفاصيل صفحاته المملوءة عن آخرها: صور هنا، روائح عطر هناك، وشوق وغربة وحنين وحب. لا أكاد أجدني، وكلما ظننت ذلك، تهت من جديد وكأنني في بعد خامس من الأحلام. والناس نائمون…
كم تمنيت ذلك عشقا، بل هروبا من طعنات الحقيقة. ولست بالوهم مستنجد ولست بالنائمين مستنجد، إنما بالإنسانية أنا أستنجد و بشمس النهار و ضوء القمر و سكون المقر و كبرياء القدر القاهر، الآمر، الساحر.
بقلم : كريم الحدادي
كاتب، باحث بسلك الماستر المتخصص في اللغة الفرنسية
مولاي بوعزة،إقليم خنيفرة
مزيدا من العطاء الاستاذ كريم واتمنى لك التوفيق فيما تصبو إليه
احترامي وتقدير المزيد من العطاء ندعو لك بتيسير أيها القمر المنير