إن فن التدوين ليس فنا ذو بساطة مطلقة، وإنما البساطة تشكل جزء من ستة أجزاء أو نمطا من ستة أنماط، فالنمط الذي يخلق التدوين البسيط والمعنى الواضح، هو النمط التفسيري الشائع بكثرة في المجالات الفكرية، والذي يهتم بتفسير الإشكالات للقارئ ليسهل فهمها وإكثار الأدلة والبراهين، واستعمال النفي والإثبات والإستنتاج، بالإضافة إلى أن هذه الأنماط بدورها يمكن أن تقسم إلى أنماط صغرى، تنسجم مع شخصية الكاتب وأفكاره مهما بدت غريبة أو معقدة أو صعبة الفهم، فدور القارئ هو إسقاط التدوينة على نفسه وواقعه وأفكاره ليستطيع من خلال ذلك أن يصل إلى الصورة التي عبر عنها الكاتب بنسبة مفهومة، وكلما قسمت أكثر كلما قل قراء نوعها من النصوص واتهمت بالتعقيد وأغلبها ذو كلمات مستقاة من مخاطبة العقل والوجدان وهذه الأساليب لثلة من رموز الأدب في العالم وليس فقط في العالم العربي وتتطلب ممارسة دياليكتيكية من التحليل المعمق في خطاب مع العقل والوجدان.
فإن أردنا سرد أحداث تحدث مع شخص ما بأسلوب تفسيري “كنت اليوم في الجامعة “ويأتي سؤال لماذا كنت في الجامعة وماذا كنت أفعل وما الحالة التي كنت فيها والعديد من الأسئلة التي إن أجبنا عنها تنتج لنا نصا تفسيريا، أما إذا أردنا الخوض في جزئية خطاب الذات مع العقل والوجدان فسنسرد عملية الذهاب إلى الجامعة هكذا “إستيقظت وما استيقظت أناي الأصل، فقط أناي الجسدي كان يقودني نحو الجامعة، هي نفسها تلك الجامعة التي جعلت مني هكذا نصفين نائم وغائب وأناي يقود الأنا الآخر، فبمقتضى أني طالب فإنني لا أنزاح عن الواقع الطلابي المهترء”.
عصام زروالي – مدينة فاس
اترك تعليقا