قدومه إلى الحي استُقبِل بريبة وتوجس من قبل أقرانه من الفتيان إذ سرعان ما اختلط بهم بشكل تلقائي مصرا على الاندماج معهم غير عابئ بما تشي به نظراتهم وتصرفاتهم من مؤشرات رفض وإبعاد. فكثيرا ما أقصوه من بعض ما ينتظمون فيه من ألعاب دون إشعاره أو إخباره بذلك لكن سرعان ما يفاجئهم بحضوره ، والانخراط باللعب معهم دون حرج أو تخوف. وطفق تذمرهم من تصرفاته يتضاعف لما يصدر عنه من عنف وعدوانية إزاءهم مبرزا براعة في العراك والشجار اعتمادا على قوة وصلابة بنيته ليفرض نفسه وسطهم كطرف يصعب تحديه وهزمه. فقليلة هي المرات التي جوبه فيها بشراسة في نزالات واجهه فيها أكثر من فرد واحد فقاوم بقوة وبسالة . إلا أن الواقعة التي خلفت مفاجأة مدوية لدى الصغار والكبار هي اندحاره أمام ابن البقال الذي باغته بلكمات قوية بشكل سريع ومتتال على وجهه أدت إلى تراجعه وانهياره مخلفة كدمات في محياه ونزيفا في أنفه مستسلما لتدخل بعض الأشخاص من أجل فض الاشتباك ، وإنهاء شجار تجرع فيه هزيمة لم تكن في الحسبان أمام فتى هادئ ، مسالم ومهادن انتفض و ثار بشكل لم يكن متوقعا أمام استفزازاته المتكررة فهزمه شر هزيمة.
واقعة مغيث مع ابن البقال تداولتها الألسن بالحي لمدة طويلة بين مستنكر في صفوف الكبار:
ــ اللكمة التي أصابت عينه لولا لطف الله لفقأتها .
وبين مُتَشفٍّ وسط الفتيان :
ــ جابها ليه الله من محمد ولد مول الحانوت الدري الضريف . هادي تخليه يدخل سوق راسو.
ــ العود للي تحكرو هو للي يعميك.
بعد ذلك بأيام رحل مغيث رفقة عائلته إلى وجهة غير معلومة. رحيل خلف استنتاجات وتعليقات مختلفة ومتباينة سرعان ما طواها النسيان لتبقى واقعته مع ابن البقال من أطرف ما شهده الحي من وقائع وأحداث.
عبد النبي بزاز – مدينة مكناس
اترك تعليقا