على ناصية الشارع بائع “سردين” يستجدي زبنائه بعبارة دكالية . بجانبه شاب عشريني، رنة صوته، و هو يحدث شخصا على الهاتف، لا تنطبع بتاتا بالذاكرة ، ملابس “البال” خاصته هي كذلك لا تثير الانتباه. هو شخص من الطراز الذي لا يتميز بشيء على الاطلاق. على مقربة منه رجل أربعيني فوق دراجة ثلاثية العجلات، يرتدي جلبابا صوفيا ، حاجباه و لحيته الكثة تضفيان عليه هالة من الوقار . من شرفة أحد المنازل تطل عجوز في عقدها الوداعي تلعن البشر والحجر.
كوب القهوة أمامي يرتجف من شدة البرد. أمام المقهى ازبال، بقايا ركام عمارة تحت رحمة الهدم و دخان متصاعد من سناك “داعلي” يوحي و كأن قنبلة “بالستية” سقطت للتو.
أوشكت الرتابة أن تجمد المشهد، لولا انعقاد السحب و بداية تساقط المطر. اجتاح الشارع هواء بارد دفع بائع السردين الى الاختباء تحت شرفة العجوز الشمطاء التي زادت شتائمها ككلب مسعور. ناديت النادل لأسدد ثمن الفرجة، فاذا بصوت فرامل سيارة يهز أرجاء المكان، هرول الكل …
في الخارج ابلغنا أصحاب الأخبار الحصرية، و في مقدمتهم الشاب العشريني ، أن سيارة كانت تسير بسرعة جنونية صدمت صاحب الدراجة الثلاثية العجلات ، ليزحف بعدها سائقها بضعة امتار فوق أديم الارض . الأربعيني أمامي ، ملقى بلا حراك ، لحيته احمرت دما، عيناه جاحظتان و يده اليسرى هشمت تماما . كانت أول مرة ارى جثة . شعور عنيف لدرجة الغثيان!
شرطة … اسعاف … بكاء … صراخ … همهمات …
صوت توقف “الطوبيس” …
عبد العالي ايت سيدي – مدينة الداخلة
اترك تعليقا