عبدالعالي نلحيان يكتب: جحيم حزيران

23 أبريل 2021
 



في ليلة السابع من حزيران، وبالتحديد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل استيقظت من نومي جراء ألم أصابني في الرحم، ليعلن الحرب على جسمي المنهك ،إثر تأثير الحمل علي قاومت، وقاومت و إستعنت بمخزون صبري لكن دون جدوى، عرفت حينها أنه حان وقت وضع الجنين الذي لطالما إنتظرته بفارغ الصبر ،فهو ثمرة زواجي، زاد الألم حدة وزاد مخزون صبري في النفاد ،إنقطعت أنفاسي وكدت أختنق، فما كان بوسعي فعل شي لا سيما أن زوجي في رحلة عمل خارج المدينة ، فباشرت بالصراخ بغية أن يسمعني أحد الجيران و يسرع مستنجدا لكن لم أسمع أحد يطرق بابي في تلك اللحظة رغم صراخي الهائج، زاد الألم على حده فما كان ردي على الموقف إلا التلفظ بالشهادتين ،شعرت أن الموت قريب مني، فكان كل خوفي على الجنين، تمنيت في نفسي أن أموت ويبقى هو على قيد الحياة ،كل صرخة إلا وكانت تنقص دقيقة من حياتي ،لحظات وإذا بالباب يطرق ،فعادت الدماء إلى وجهي وإكتفيت بحمد الله وشكره وهنا فوضت الأمر لله إنها أحد جاراتي لبت نداء موتي المحتوم فهدأت من روعي فغبت عن وعي.



 

 
وبعد وقت ليس بالكثير إذا بي أجد نفسي في حجرة بيضاء الحيطان ذات الستائر الزرقاء . ولا أسمع إلا صراخات نسوية وبعض أولى صرخات المواليد المفعمة بالحياة ،ليعود الألم من جديد ويعود والعذاب، حدد موعد العملية في اليوم الموالي، بعدما تناولت مسكن الألم، فخلدت للنوم ما تبقى من الليل، مرت العملية بنجاح ورزقت بطفلة ، وزاد منسوب سعادتي ..وأخيرا أصبحت أم مرت دقائق وساعات ومازالت خيوط سعادتي متينة قبل أن أسمع حديت ممرضتين كانتا بجانبي فقالت أولاهما للأخرى:



_ أسمعتي بما حصل ليلة البارحة .
_ لا كنت في إجازة كما تعرفين .
_لقد رصدت كاميرات المراقبة حالة إختطاف في المستشفى.
_ اختطاف من؟؟
_إختطاف مولود حديت العهد .
سمعت ما دار بينهما كلمة كلمة لقد إختطف الرضيع من طرف إمرأة ولكن للأسف لم ترصد الكاميرات وجهها فقد كانت ملثمة ، أخدت الرضيع ووضعته في طنجرة لكي لا تلفت انتباه أحد، ويحكى أن الرضيع ينتمي لعائلة ميسورة .زاد فزعي وخوفي على طفلتي بعدما سمعت قصص أخرى لإختطاف الرضع لا سيما وأن صغيرتي في في غرفة الرضع وسيأتون بها بعد أن تستقر حالتها الصحية فقد ولدت ضعيفة البنية وتحتاج للرعاية والعلاج ، وأنا اخدت موضعي في سرير من أسيرة جناح النساء ، مرت يومين ومازالت الوساويس تجول خاطري وإزداد خوفي على طفلتي ،بعد دقائق إذا بي أسمع ضجيجا في الجناح المقابل ،إنه صوت نفس الممرضة التي حكت قصة الإختطاف تقول أن ابنتي لم يبقا لها أثر هي وبعض الموليد الآخرين، سمعت الكلام فأغمي علي ،لم أتحمل ما سمعته إنه ظلم ،أجري التحقيق و إكتشف بأن عصابة لبيع الأعضاء البشرية هي من كانت وراء الاختطاف بمساعدة ممرضة تعمل في المستشفى ،ولكن لم يعترو عليهم، مرت الأيام ومرت السنين وقلبي مزالا موجوعا من يوم الحادث.
مرت خمس سنوات ورزقت بطفل ولكن قلبي لم ينسى آلام فراق ابنتي وكلي آمل أن تعود يوما ما.
 
عبدالعالي نلحيان – مدينة القنيطرة



اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :