أعني بالتطوير هنا المضي قدما بالذات، نحو التثقيف وابتكار الجديد في حدود ما تفرضه الإنسانية، لأن أي تطور ينفصل عنها يصبح خرابا، مثال على ذلك تطور الفيزياء النووية، لكن إذا فصلت عن الإنسانية تحولت إلى أداة تخريب وإبادة، وأسقط ذلك على على تطور الذات. معنى التطور في معجم اللغة العربية “انتقال من حالٍ إلى حالٍ، تغيير واضح”، والذات تعني “النفس، ناحية من نواحي الشخصية معزولة عن الغير”، أما تعريف مركب تطور الذات فيراد به ” الإيجابية في الشخصية والعمل على تنميتها، حيث يبذل الإنسان مجهوًدا كبيًرا في التطوير لمدى تقديره لذاته ومدي إيمانه بمواهبه وبقدرته على إحداث التغيير وترك آثر إيجابي في المجتمع(١)”.
يسعى الكثير من الناس لتطوير ذواتهم بأي الطرق الممكنة، إلا أن البعض يقتصر بقراءة كتب التنمية البشرية ومشاهدة دورات تكوينية في ذات الموضوع، لكن هذا لا يكفي للنهوض بالذات، أغلب المحتوى المعروض في حقل التنمية الذاتية والبشرية بصفة عامة يكون لأغراض مادية ومحتواه ليس شفافا، كما أن التطوير لا يكون بالتنضير في غياب التطبيق والدوافع الداتية. في طريق تنمية الذات من المأكد مواجهة عوائق عديدة، الخطوة الأولى للتغلب عليها هي معرفتها، لذا سأقدم بعضها في هذا المقال دون الحديث عن كيفية تخطيها لأن الأمر بيدك أنت لا غير، كما حاولت تقسيمها إلى ما هو ذاتي وما هو من المجتمع ليسهل التعامل معها.
البداية مع المعيقات الذاتية، أخطرها “الوهم” أقصد بالوهم تلك الأحلام التي يديرها عقلك في اليقظة، خاصة قبل النوم أو بعد فشلك في أمر مهم بالنسبة لك. أخطرها يكمن في إيهام عقلك بتحقيق رغبتك فيرتاح ولا يفكر في كيفية الوصول إليها لأنه قد وصل كما أهمته، وقد عرف حلم اليقظة ب” إعمال الذهن في تحقيق الرغبات، بما يحقق إشباعاً على مستوى الخيال”(٢ ).
ويليه “العاطفة المفرطة”أي الاعتماد على الوجدان في كل أمورك أكثر من اعتماد العقل، لأن أي يشخص يفعل مثل ذلك يسهل التلاعب عليه، وذلك بتجربتي الشخصية، إذ كنت اقرض أحدهم مبلغا من المال حتى إذا جاء موعد استعادته وعلمت أنه ميسور الحال طلبت مالي، فإذا به يسترققني ويتحدث كأنه أفقر الناس، ولأني حينها كنت افرط في استعمال العطفة رق له حالي وأمهلته مدة أخرى ولا أخفي أني أفكر في نسيان ما أقرضته كأنه لم يكن وأسامحه.
وأخر عائق ذاتي أقدمه “الإنتقاص من الذات” يرجع هذا في الغالب إلى ضعف في الشخصية أو عدم الثقة بالنفس، أو الاعتقاد بأن المخاطب أو الشخص الذي تتعامل معه أكثر معرفة وذكاء منك، من مظاهر انتقاصك لذاتك بدأ الخطاب،( لا أصلح لأي شيء لكن…، لست واثقا بكن…(في حالة معرفة الشيء حق معرفة )، وإن كنت غبيا في… ) وغيرها من العبارات، أما الأفعال فإنك تفقد عفويتك بالكامل في حضور غيرك ولو مثلك، كذلك الارتباك والتردد قبل فعل أي شيء في حضور الغير.
وفي المجزء التالي نتناول المعيقات الاجتماعية في تطوير الذات. يجب معرفة أنك كشخص لا تنفصل عن المجتمع،يأثر فيك وتأثر فيه، فأحينا تجده بجانبك ويدعمك، والعكس أحينا، وأول ما نتحدث عنه في هذا الصدد اختلاف رغبتك عن رغبة المجتمع، كأن ترغب في تطوير ذاتك لتكون مثقفا وعالما لكن المجتمع لا يهتم لتثقيف فهمه الوحيد هو اللهو، من المأكد أنك ستجد عائقا في تطوير ذاتك لأنك تنتمي لهذا المجتمع(لا أقول أنه يستحيل عليك التطوير بل ستجد صعوبات فيه يمكنك تجاوزها ). ثانيا يصعب التطوير في مجتمع لا يقدرك، فالنفس البشرية بطبعها تنتظر التقدير والامتنان والإعجاب بكل ما يصدر عنها، لكن أنصحك أن لا تفرط في هذا لأن المجتمع لا يقدر أي شيء وإن كان بالنسبة لك إنجازا عضيما بالنسبة لك، فعليك أن لا تنتظر الشكر كي تستمر ما دمت متأكدا أن على الطريق الصحيح.
خلصت إلى هذه الاستنتاجات من خلال ما رأيت في ذاتي وفي المجتمع، ومن خلال ما قرأت في الكتب، يعبر هذا عن آراء شخصية غير مدعمة بمادة علمية، وهذا لا ينقص من قيمة ما كتب، فهناك مثل مغربي يقول “إسأل ذو تجربة، ولا تسأل الطبيب”.
1: مدونة المناهج السعودية.
2: الموسوعة المصغرة للمصطلاحات النفسية.
عبدالرزاق مرابط – مرتيل (تطوان)
اترك تعليقا