كتاب “السر”، من الكتب التي إستطاعت أن تنقل لنا حياة الإنسان وما يعيشه من صراعات بين الفشل والنجاح، صراع مع النفس والآخر، هذا الكتاب يحاول أن يقدم سر نجاح الإنسان في الحياة بالإعتماد على قوة العقل، بعيدا عن السلبية التي تعشش في عقول الكثير من الناس، تجربة الكاتبة هي تجربة كل واحد في العالم، لكنها تمكنت من أن تحول نفسها من إنسانة عادية إلى أخرى تملك الأموال الطائلة فقط بالإعتماد على قدراتنا العقلية.
تم تأليف هذا الكتاب من قِبل الكاتبة روندا بايرن، وهي كاتبة استرالية من مواليد عام 1952، ونُشر الكتاب في العام 2006 وصُنِّف كأفضل كتاب للمساعدة الذاتية في ذلك العام،وقد حقق الكتاب أرقام مبيعات هائلة، إذ بيعت من ما يزيد عن واحد وعشرون (21) مليون نسخة؛ وتمت ترجمته إلى أكثر من أربعين لغة، كما تم تحويله إلى فلم وحققا أيضا رقما خياليا من المبيعات في دور السينما.
هذا الكتاب تمت كتابته من قبل صاحبته بعدما دخلت في عالم من الفشل والحزن، هذا العالم الذي سيطر عليها وعلى أحلامها، وحول حياتها إلى جحيم لا يطاق، بعدما فقدت كل شيء وأصبحت حبيسة ذاتها، تنظر إلى الحياة بلون السواد، فقدت امها وأشياء أخرى، وظلت على هذا الحال لأيام طويلة، تفكر دون الوصول إلى الحل، فكرت في الإنتحار أكثر من مرة، لكنها كانت تفشل في كل مرة، وكأن القدر في كل مرة يمنحها فرصة الحياة من جديد، هذه الفرص هي التي ستفتح لها الأعين على السر الأعظم، والكنز المدفون في كل إنسان.
بطلة الكتاب وهي صاحبته، ستتوصل إلى السر، السر الذي يحمله كل واحد فينا، وهو قوة العقل، فالعقل يجب أن نستخدمه في الأفكار الجيدة، و أن يكون تفكيرنا إيجابيا مهما كانت الظروف ومهما كان الثمن، ومهما كانت الحياة حالكة من حولنا، فلربما هناك شيء عظيم فينا لا نحس به، فقررت أن تغير حياتها إلى الأفضل، وفقا لقوانين محددة تذكرها في الكتاب وتفسرها، وتقوم هذه القوانين على ضرورة إعمال العقل الإيجابي في كل شيء، حتى في التعامل مع الأمور السلبية التي تراكمت عليها بعد الهزات التي تعرضت لهم، خاصة بعد فقدان والدتها.
الكاتبة تتحدث في بداية الكتاب، عن” الجاذبية” ، فالافكار الإيجابية تقودك وتجذبك دوما إلى ما هو إيجابي، والعكس صحيح، ولذلك فتفكيرها كان في المنحى الإيجابي بعيدا عن السودوية والسلبية، بعيدا عن الفشل، سواء فيما يتعلق بالأفكار التي تنوي تطبيقها، أو فيما يخص علاقتها بالإنسان، لأن كل إنسان نلاقيه يحمل معه طاقة تجذبك إليه بدون شعور، وقد تكون طاقة إيجابية تجذبك إلى الخير، أو أن تكون سلبية وتتورط معه في أمور كثيرة لا تحمد عقباها.
فالكثير من الأشياء التي فشل فيها الإنسان ترجع بالأساس إلى خوفه من الفشل أو بسبب صديق جاهل أو إنسان غير متمرس أو لا يريد له الخير، فقوة الإنسان تكمن في رؤيته للعالم بإيجابية وفاعلية، ولذلك نجد أن بعض المشاهير وصلوا إلى الشهر، بالرغم من فشلهم في الدراسة، فالفشل جزء من الحياة وعلى الإنسان تقبله والعمل على تغييره لصالحه، لأن الفشل يمون دافعا قويا للقيام بخطوات جبارة من أجل الوصول إلى القمة، وهذا ما جعل الكاتبة تحدث ثورة حقيقة وتتمرد على واقعها، لتتحول إلى شخصية غير التي كانت عليها بعد وفاة والدتها.
وتبني كتابها أفكارها على أسس متينة حددتها في ثلاث:
التوقع: يجب أن نتوقع الأفضل دوما مهما كانت الظروف، لأن العالم يعطيك الأفضل عندما تتوقعه فكلما كنت إيجابيا بدى لك العالم من حولك إيجابيا والعكس صحيح، وهنا اعطيكم مثلا الفرق بين شخصين، شخص يجلس إلى جانبك فتحس بالراحة وترتاح له وشخص آخر تفزع منه نفسك ولا تتحمله، والسبب هو الطاقة التي يحملها كل شخص منا، فالإنسان يبني صداقاته بناء على الراحة التي يجدها في الطرف الآخر، وكذلك الزواج والحب.
الامتنان: قاعدة نعمل بها دوما وتتجلى في شكر الله على نعمه ظاهرة وباطنة، وكذلك شكر الناس الايجابين من حولنا يزيدنا سعادة وهناء، بعيدا عن الحسد والحقد والكراهية، فكلما شكرت الله أو شخص ما ستحس بالراحة لأن الناس من حول يعاملونك بالمعاملة نفسها التي رسمتها لهم، يحترمونك ويعطونك أهمية، يرفعون من شأنك وغيرها من الأمور الإيجابية.
التخيل: التخيل هو الفكرة التي تخيلها كل إنسان ويطمح إلى تحقيقها، بمعنى أتخيل نفسي مهندسا أو طبيبا أو استاذا أو وزيرا مثلا، وكلها أفكار إيجابية تمنحك القدرة على ارتداء شخصية قوية قادرة على تبني الفكرة وانجاحها مستقبلا، فالاحلام تبنى من فكرة والفكرة تتبلور وتتحول إلى الحقيقة اذا أردت أنت ذلك وسعيت بكل جد إليها.
كما وضعت لكتابها هذا ثلاث خطوات يمكن الإنسان أن يحقق بهم أحلامه وهي:
السؤال: يجب أن يسأل الإنسان نفسه سؤال معين، ماذا أريد أن أكون مستقبلا؟؟ بمعنى تحديد الهدف الذي من أجله سأتابع دراستي أو عملي أو مشروعي، فالشخص الذي يريد أن يكون طبيبا عليه أن يشمر على دراعيه ولا ينتظر من السماء مائدة الطعام أو أن تمطر ذهبا.
الإيمان: الإيمان بنفسك بقدراتك بالهدف الذي رسمته لنفسك منذ البداية، فالعديد من الناس سيضحكون عليك وسيقفون في طريق تحقيق الهدف الذي تريده، والحل يكمن في التجاهل، تجاهل الجميع حتى أقرب شخص إليك، فإيمانك بالهدف سبيل وصولك، وأي شك في قدراتك هو انتكاسة حقيقية وفشل فظيع.
التلقي: عندما تحدد الهدف وتؤمن به عليه ان تكون مستعدا لتلقيه، فبوب مارلي مثلا منذ السابعة من عمره وهو يؤمن بأنه سيصبح فنان عالميا، وإيمانه هذا تحقق مع الوقت والعمل، وجد نفسه مستعدا لذلك، أيضا ادولف هتلر الذي كان يؤمن بالعظمة والتوسع والوصول إلى الحكم، ونابليون بونابرت وآخرون….
الكتاب يقدم نصيحة من ذهب للجميع: الإصرار على الفشل يولد الفشل، ويحدث ذلك بدون شعور، فقط من خلال رؤيتك للعالم، والإصرار على النجاح يمنحك فرص النجاح والتوفيق، فكلما رافقت الفشل فشلت وكلما سعيت وراء النجاح نجحت، كلما بينت أهدافك بعيدا عن الفاشلين كلما نجحت.
ضمير عبد اللطيف – مدينة الجديدة
اترك تعليقا