الصبي ديميتروف يعيش في مزرعة صغيرة رفقة والده و أخواته الثلاث ، يساعد عندما ينتهي من الدراسة والده في الأشغال ، و في المساء يعود إلى مذكرته الصغيرة يكتب فيها كل التفاصيل التي عاشها ، و قبل أن يخلد إلى النوم ، يأخذ جهاز الراديو و يستمع إلى أغنية بصوت امرأة عنوانها ” مهما طغى الظلام أنا معكم “، لا يستطيع أن ينام إلا عندما يستمع لهذه الأغنية، و في فترات الاستراحة في المدرسة، يلعب الأطفال الغميضة ويستمتعون بأوقاتهم، أما ديميتروف فيركن إلى زاوية بعيدا جدا عنهم، و في يده يحمل جهاز الراديو، ثم يشرع في الاستماع إلى تلك الأغنية، بيد أن حفنة من الأطفال المزعجين راحوا يسخرون منه و يهزؤون من كلمات الأغنية، ديميتروف الصغير لا يرد، لكن الرب وحده من يعلم بماذا يشعر، يعود في المساء بعد انقضاء الحصة الدراسية إلى المزرعة، وينغمس بجد في العمل و المساعدة.
يجيء الليل بهدوءه ووقاره حاملا معه السلام، يتجه ديميتروف نحو تلك المذكرة و قد كتب فيها ما يلي : لقد سخر مني زملائي في الفصل ، ضحكوا عندما رأوني أحمل جهاز الراديو ، لقد حزنت بشدة حتى كدت أشعر بانقباض في القلب ، لكني لم أقل شيئا أمامهم و لم أبدِ أدنى ردة فعل : ثم يغلق المذكرة و يضعها أعلى الرف وكعادته وقبل أن يلجأ للنوم يطفئ النور هذه المرة ثم يجلس في الأرض مطوقا نفسه بعناق حار، يضغط على زر التشغيل وتنطلق الأغنية وتنهمر معها الدموع من عينا ديميتروف : أنا معكم مهما طغى الظلام، سيأتي الصباح حاملا معه الأزهار ، و تلك الأحلام المخبأة في الصندوق، ستتحقق، ستخرج لاستنشاق الهواء، أحبكم، أحبكم، أحبكم، لم تكن هذه الكلمات سوى من كتابة أمه التي توفيت في ليلة ممطرة باردة، بعدما أغمي عليها بطريقة فجائية، لكنها ماتت في منتصف الطريق وهم ينقلونها فوق عربة الحصان متجهين نحو المستشفى.
انتهت
سمير أجبالي – مدينة الدار البيضاء
اترك تعليقا