إن ما تعيشه الإنسانية في العالم اليوم و في ظل أزمة الكورونا فقد الإنسان المعنى في الحياة، فهل هذه هي أول مرة يفقد فيها الإنسان المعنى في الحياة ؟ ثم من أين يمكن أن نستمد هذا المعنى الذي يشكل جوهر الحياة ؟.
إن ما خلفته جائحة كورونا في كل المجالات لا تعد ولا تحصى، إنها كارثة حلت على البشرية جمعاء، جعلت من الإنسان يفقد أشياء كثيرة في الحياة و أولها لم يعد للحياة معنى كما كانت من قبل، و فرضت بعض الطقوس على الإنسان كالحجر الصحي و غير ذلك، كما لا ننسى أنها جعلت الإنسان أكثر إنتظاما و أكثر مسؤولية على نفسه و على المجتمع ( كالطبيب و الشرطي و رجل الإسعاف و عمال النظافة..و القائمة طويلة )، و لكن الأهم من هذا هي أنها غيرت خريطة الحياة بصفة عامة، و خلقت مشاكل كبيرة؛ إجتماعية و سياسية و إقتصادية و نفسية أيضا ، لقد نفذ صبر الإنسان و لم يعد قادرا على العيش بهذه الطريقة الجديدة لم يستطع تحمل المواجهة مع الوباء كما أنه لم يتحمل عبئ البعد عن الأقارب أو موت الأقارب هكذا إذن يمكن ان نقول أن هذا المرض أنهك نفسية الإنسان و جعله مريض بالخوف و عدم الإطمئنان، إننا محاصرون بالمرض من جهة و من الخوف أن نصاب بالمرض من جهة أخرى و من أن يموت شخص قريب إلينا من جهة أخرى، أصبحنا في مأزق يصعب الخروج منه يصعب تخطيه إلى جهة الأمن و الأمان إلى الراحة الدائمة و إلى الحياة الطبيعية.
و نحن في ظل هذه الأزمة التي يعيشها العالم بكامله يجب ان نطرح على أنفسنا بعض الأسئلة التي قد نجد فيها إجابة كافية لهذه الوضعية المحرجة التي بدأت تطردنا و تجردنا من أي شيء فينا، من إنسانيتنا من شعورنا بذاتنا و من فقدننا للمعنى في هذه الحياة.
هل نعود إلى الكتب المقدسة و نعيد قرأتها بنظرة مستقبلية تحمل في طياتها تجاوز الجائحة بالإيمان بالقدر خيره و شره ؟ أم نقرأها من أجل اخذ العبر من تاريخ البشرية و رؤية الصبر الذي جعل الأنبياء و الرسل يتجاوزوا أشياء كبيرة و صعبة لا يمكن مقارنتها بما نعيشه نحن اليوم ؟ أو هل نعود إلى الأدب و روايات فيودور دوستوفيسكي، أم إلى قصائد ابي العلاء المعري و ابن العربي ؟ أم نعود إلى الفلسفة الرواقية التي تعلمنا تقبل الواقع كيفما كان و إلا نطمح إلى أشياء تكون صعبة منال ؟ أو نذهب إلى العلم و خصوصا الطب من أجل البحث عن علاج أو لقاح لهذه الجائحة، مع العلم أنه لم يتم إيجاد حل نهائي لهذا المرض ؟ هل ننتظر مجهودات الاطباء و علماء الفيروسات ؟
كلها أسئلة يجب ان نطرحها بشكل أو بآخر، من اجل ايجاد حل لما تعيشه الإنسانية في ظل هذه الأزمة، ثم من أجل ايجاد خلاص نهائي لروح الإنسانية التي تعبت و ذبلت كالوردة لم تستطع مقاومة حرارة الشمس المفرطة في أواخر فصل الربيع.
زكرياء الساسي – مدينة القنيطرة
اترك تعليقا