حورات مغرب الثقافة – الإعلامي والقاص عبد العالي بركات
حاوره: القاص أحمد العكيدي
نص الحوار:
- يلاحظ النقاد تحولات بارزة على مستوى التجارب الإبداعية لكثير من الكتاب، وذلك بفعل الزمن. هل لعامل الزمن تأثير على تجربتك، مع العلم أن صدور مجموعتك الأولى “أشياء صغيرة” كان سنة 1995؟
أكيد أن للزمن تأثيرا على شخصية الإنسان، ليس فقط الفيزيولوجية، بل الذهنية والمعرفية، وإلا فإنه كائن جامد محنط. بالنسبة لتجربتي الإبداعية المتواضعة، رغم ندرة ما نشرته حتى الآن والذي لا يعكس حقيقة ما أنتجه وأراكمه بعيدا عن الأضواء بسبب إكراهات النشر، يمكن لي أن أشير إلى تحولات، خاصة في ما يتعلق بالمواضيع والقضايا التي تشغلني وأسعى إلى أن أتقاسمها مع المتلقي، فعلى سبيل المثال، النصوص القصصية التي أنتجتها خلال الأيام الأخيرة، تدور كلها حول قضية محددة، هي الوباء، مع الإشارة إلى أنه لم يسبق لي من قبل أن كتبت حول هذا الموضوع أو خطر ببالي حتى، إذن هناك صيرورة في الزمن، ولا بد للكاتب أن يتأثر بهذه الصيرورة وما تحمله من مستجدات، وإلا سيحكم على نفسه بأن يكون خارج التاريخ، في الوقت الذي يكون مطلوبا منه أن يكون شاهدا على عصره.
- هل هناك أسماء أثرت في تجربتك؟
بالنسبة لأسماء الأدباء الذين يمكن لي القول إنهم حافزين لي على الكتابة، أو بتعبير آخر “دكو في شوكة الإبداع الأدبي”، لا يمكن أن أغفل الإشارة إلى تلك المقاطع التي كانت مضمنة في مقرراتنا الدراسية بالتعليم الإعدادي والثانوي لأدباء مغاربيين يكتبون بالفرنسية، حيث كنا نجدها تتحدث عن واقعنا ومواطنينا بأسلوب أخاذ، فكنت أقول لماذا لا أكتب مثل هؤلاء، شيء ممتع أن تكتب بلغة أجنبية عن واقعك ومحيطك الاجتماعي، لكن في ما بعد، ومن خلال اكتساب الوعي، تحولت إلى الكتابة باللغة العربية، مع الاحتفاظ بطبيعة الحال على تقديري واحترامي لهؤلاء الكتاب.
- من خلال تجربتك كإعلامي، هل استطاع الإعلام الوطني مواكبة مختلف التجارب الأدبية، خاصة تلك التي ما تزال في بدايتها؟
من الصعب جدا مواكبة كل ما ينتج من أدب وإبداع وفكر، بالنظر إلى عدة أسباب: هناك أولا محدودية الطاقم البشري المتخصص في المجال الثقافي، وقد تأسست أخيرا جمعية خاصة بالصحافيين الذين يشتغلون بالأقسام الثقافية، في محاولة لسد لعض الثغرات التي يشكو منها هذا الميدان، وهناك إكراه أساسي وهو أن العديد من الأدباء في مدن مختلفة لا يتواصلون ولا يقومون بمجهود لإيصال إصدارات جديدة إلى الصحافة لأجل الإعلان عنها ودراستها إذا أمكن، كما أن دور النشر بدورها لا تقوم بأي مجهود في هذا الاتجاه، باستثناء القلة، في كثير من الأحيان يحدث لي أن أتفاجأ بوجود إصدارات عديدة لكاتب ما دون أن يكون لي علم بذلك، وهذا راجع كما سبق لي القول إلى غياب التواصل.
- كيف تنظر للتجارب الأدبية الجديدة، خاصة في صنف القصة القصيرة؟
هناك إنتاج وافر من المجاميع القصصية، خصوصا في العقد الأخير، لكن من الصعب تقييم هذا الإنتاج، عموما يمكن القول إن الأزمة التي نعيشها حاليا، المرتبطة بالوباء، لا بد أن تفرز لنا أدبا جديدا، وقد بدأنا نلمس ذلك في ما ينشر من تدوينات على الصفحات الاجتماعية، في انتظار أن تدور عجلة المطابع، لتتضح الرؤية.
- في نظرك، كيف يمكن للمثقف التأثير في محيطه؟
ليس من السهل في اعتقادي أن يكون للمثقف تأثير على المجتمع، خصوصا وأن محيطنا الاجتماعي يشكو من نسبة كبيرة من الأمية وغياب الاهتمام بما له صلة بالثقافة حتى من طرف المتعلمين، لن ننتظر من هؤلاء الناس أن يذهبوا للبحث عن دراسة لهذا المثقف أو ذاك، إن إنتاجات الكثير من المثقفين لا يطلع عليها سوى النخبة، وبالتالي يصعب أن يحصل هناك تغيير من طرف في مجتمع من هذا القبيل، التغيير يمكن أن تحدثه راقصة أو سياسي مهرج، طبعا نحو الأسوأ.
- كلمة أخيرة؟
أتمنى أن يغتنم بلدنا الفرصة التي أتاحها لنا هذا الوباء من أجل الخروج من تخلفنا ووضع قطيعة مع من كانوا ولا يزالون دائما يشكلون عائقا دون انتقالنا إلى صف الدول المتقدمة في مختلف المجالات.
اترك تعليقا