بعد ست سنوات إكتشفت أنني لم أكن محظوظا، لم أشعر بالحزن ولم ألعن قدري الذي أبعد عني من أحبني رغما عني وعنه. تركت الأمور تمشي كما تشتهي كي لا أدخل في ظلمة الحزن الذي لن يعيد ما أخدته السنين، كنت أعلم أنني سأحظى بفرصة أخرى، بفرصة يرفع الرب عنها كل أقلام الحساب والعتاب بفرصة قبلة مسروقة أو لقاء بالصدفة.
أحببت الجامعة وعشقت النقاشات التي كانت تعلو في ساحة الجامعة، كنت أقول في نفسي” هذه هي نهاية هذا النظام الفاسد” كنت أرى في عيون الطلبة بريق الأمل في العيش الكريم، كنت أرى طيور الحرية تحلق فوق ساحة الجامعة وسط شعارات يقشعر بدني لها، كنت في كثير من الأحيان أتخيل وجوه الرفاق والشهداء وهم يرفعون معنا شعارات تقودنا إلى مستقبل أفضل.
هكذا كانت الشهور الأولى، بعدها بدأ عدد الطلبة يقلون أصبحنا نراهم يحلقون فوقنا في ثنائيات كأنه موسم التزاوج لا النضال، وسط هذه الفوضى قابلت أحلام لأصاب بدوري بعدوى الحب والعشق. بدأنا نخرج سويا بشكل يومي نتبادل أطراف الحديث بكلمات تعريفية عن عدد الاخوة والحالة العائلية، لنجد أنفسنا بعد شهور نعشق بعض بشكل غريب كأننا على ميعاد مع الجنون الذي إجتاح ذواتنا.
في الحياة نعيش مع الغريب ونجلس مع الغريب حتى يصبح جزءا منا، ليغادر في النهاية غريبا عنا بأفعاله وتصرفاته الغير المتوقعة.
أرأتكم كيف تعاملنا الحياة؟
في إحدى الامسيات وردتني رسالة نصية عبر الهاتف تخبرني فيها أحلام بأن نلتقي خلف المدرج رقم سبعة، رقم حظي الذي أحببته دائما لكنه خانني هذه المرة. عندنا وصلت وجدتها تبكي كطفلة فقدت عائلتها تبكي وتنظر إلي بعينيها السوداوين، قفزت من مكانها بدون مقدمات وبدأت بتقبيلي بوحشية لم أعهدها فيها، كأنها تريد أخد ما يمكن من الحب عبر القبل.
نسيت أن الحب شعور باطني لا يعرف نهاية، إحساس متجدد بعد كل علاقة قد تجمع بين حبيبن. كنت تائها بين شعور لا أقوى على مقوامته وأعراف ستنتهك وتأتي عواقبها التي لا ترحم.
إقتربت مني حتى إختلطت أنفاسنا شعرت بحرارة أنفاسها وشفتيها، لم أقاوم تركت شفاتي تبحث عن السلام الأبدي وسط لعابها الساخن، قبلت لسانها كم يحاول إنهاء آخر قطرات قنينة عسل ريفي، لأستيقظ بسرعة خوفا من عيون تعشق المسرح ونغدو أحلام وأنا ممثلين أمام جمهور يعاقب على نسيان الحوار ولا يقبل بالإرتجال.
قالت: بهدوء تام سعيد هل تقبل الزواج بي؟
أحلام ولكننا تحدثنا في هذا، تعلمين أننا لن نستطيع ما دام العمل بعيدا عنا، دعينا نكمل الدراسة وبعدها.
عم صمت طويل، بدأت في البكاء من جديد، لم تكن تعلم أنني لا زلت طفلا لا يفهم بكاء النساء، لم تكن تعلم أنني مراهق ليس لي من التجارب ما يسمح لي بعبور هذا العائق الذي منعني من الحديث. ليتني فهمت حينها معنى دموع عيناك سوداوين، ليتني فكرت في حل يغنينا على لقاء عابر وأنت في الشهر الثامن، ليتني كنت ذلك الاب الذي تحملين طفله اليوم، ليت الحياة تحن على قلوب البشر وتتركهم يعيشون بسلام.
احمد شعبان – مدينة جرسيف
اترك تعليقا