١-الأدب الرقمي:
إن الضمانة الأساسية لتحصين الأدب الرقمي من كل آنفلات معرفي هي البحث العلمي، وإدخال مجال هذا الأدب من خلال تكوينات علمية أكاديمية إلى الجامعات والمؤسسات الثقافية التي لها سلطة تدبير الشأن الأكاديمي والثقافي.
وتعرف الأستاذة زهور كرام، وهي أحد رواد هذا الأدب في الساحة الأدبية المغربية، الأدب الرقمي بأنه أدب حديث العهد، ويحتاج إلى تأملات نقدية تدعمه وتؤطر مفاهيمه باعتباره مفهوما عاما تأتي تحته كل التعبيرات الأدبية التي يتم إنتاجها رقميا.
كما يعرفه الأديب الأردني الذي يعد رائدا في هذا المجال الأستاذ محمد سناجلة قائلا:<<إن الأدب الرقمي هو أدب جديد لعصر مختلف، يستخدم لغة جديدة مغايرة للغة التي استخدمها الأدباء والكتاب من قبل، وفي ظل هذا العصر الرقمي الجديد ومع ظهور خاصيات النشر الإلكتروني والكتاب الرقمي، أصبحت الرقمية هي لغة العصر الراهن.
وكتعريف عام لهذا الأدب، يمكن القول إن الأدب الرقمي هو وليد شرعي لعلاقة الأدب بالتكنولوجيا، وهو تجربة إنسانية إبداعية تعبر عن روح العصر الراهن، وتستفيد من جديد معطياته مستعينا بما تقدمه العولمة من وسائل إلكترونية، بغية الترسيخ والتأطير له.
يمتلك هذا الأدب مجموعة من المظاهر والسمات باعتباره حالة تطورية لمسار الأدب، ولعل من أهم المظاهر التي تعين طبيعته هناك:
-علاقته بالوسط التكنولوجي الذي يغير مادته اللغوية.
-اللغة المعلوماتية التي لها وجود جوهري في النص الرقمي.
-تحرر القارئ من التعاقد المألوف في الكتاب الورقي (بداية ونهاية).
قدرة القارئ على التجول بين الروابط نظرا لخاصية القراءة المفتوحة.
تتطلب طبيعة الأدب الرقمي مجموعة من الخبرات التي يجي توفرها في الكاتب الرقمي والقارئ الرقمي أبرزها:
-الدراية بثقافة المعلوميات.
العمل على آستثمار وسائط التكنولوجيا الحديثة.
الإلمام بتقنيات النص المترابط الرقمي.
توظيف مختلف أشكال الوسائط المتعددة.
التوفر على لغات متعددة هي: لغة البرامج ولغة المعلوماتية ولغة الوسائط السمعية البصرية.
انطلاقا مما سبق، يتبين أن الأدب الرقمي يتحقق بواسطة البرامج المعلوماتية، ولا يمكن قراءاته إلا من خلال شاشة الكومبيوتر وعبر تشغيل البرامج، ولذلك يصعب طبعه باعتباره وحدة إلكترونية، وبالتالي لا يمكن إنجاز هذا الأدب خارج المجال الإلكتروني.
إن الأدب الرقمي إذا هو أدب وليد العصر، له خصوصياته وأساسياته، وتعد الكتابة الرقمية آستجابة لدخول البشرية في مرحلة العصر الرقمي، فهو أدب المستقبل، ويمثل هذا الأدب نقلة نوعية وحضارية جديدة في حياة الإنسان، هذا الإنسان الذي أضحى يعيش في مجتمع رقمي جديد وعلى هذا الأساس فهو يحتاج إلى أدب خاص ومختلف يعبر عنه، ومنه برز الأدب الرقمي.
٢-االإعلام الرقمي:
نظرا لتطور الأدب و مواكبته للعصر الراهن(الرقمي)،فلا مجال للشك أن تشهد الصحافة هي الأخرى هذا التطور،إلا أنه تطور على حساب الصحافة الورقية التي ظلت تتربع لقرون على عرش الإعلام،أصبحت الآن تعرف آنتكاسة مهولة،حيث خفت وهجها بفعل الثورة الرقمية وآنتشار وسائل الإعلام الجديد،ما أدى إلى تضاؤل الإقبال عليها و آجتداب الناس إلى المواقع الإلكترونية،و ذلك نظرا للعديد من المميزات التي تحملها هذه الأخيرة،كعامل السرعة و المباشرة في التعاطي مع الأحداث و الأخبار، واستمرار حضور الصحيفة في متناول القارئ،ما يسمح له بالتصفح و المراجعة و الإستغراق في التأمل من دون الإرتباط بسلطة اللحظة أو الوقت،إلا أن هذا لا ينفي المميزات التي تملك الصحافة الورقية ،أهمها أنها تقرأ براحة أكبر من الإلكترونية ،ولا تحتاج إلى مهارات خاصة كآستخدام الحاسوب و الدراية بتقنياته.
يعيش الإعلام الرقمي فورة كبيرة إذا مع ظهور مواقع إلكترونية إخبارية جديدة،تهدد مستقبل الصحافة الورقية التي أضحت هي الأخرى تشهد تراجعا و آندثارا، إضافة إلى وجود عوامل عدة تشكل خطرا على الصحف، أولها تزايد سلطة الإنترنيت و تراجع الموازنات الإعلانية للصحف التقليدية و آتجاهها نحو وسائل الإعلام الرقمي، إضافة إلى عدم اهتمام جمهور الشباب بالصحف المطبوعة وتغير أنماط التفكير و القراءة و آنتصار ثقافة المعلومة مجانيا،ناهيك عن إمكانات تقنية تخدم الإعلام الرقمي،كقدرة المستخدمين للوصول إلى أرشيف المحتوى الإعلامي من خلال كبسة زر.
و تبقى إشكالية الصحافة الورقية عالقة بين التشكيكات و التساؤلات و التطورات التي سيشهدها القطاع الإعلامي من خلال السنوات المقبلة، فهل سيخضع القارئ لسطوة الإعلام الرقمي،أم ستبقى علاقته بالصحافة المطبوعة وثيقة وعصية على الإندثار أمام التقنية الرقمية؟
إيمان المجداوي – مدينة الرباط
المراجع و المصادر:
زهور كرام؛الأدب الرقمي أسئلة ثقافية و تأملات مفاهيمية
محمد سناجلة؛رواية الواقعية الرقمية .
عبد الأمير الفي؛ دراسات في الإعلام الإلكتروني .
حمدي السالم؛ الصراع بين الصحافة الإلكترونية و الصحافة الورقية.
اترك تعليقا