أحمد الغرباوى يكتب: بتولُ..

7 أغسطس 2020

نهايْة العذراء والعقرب
بعد الأعْوَامِ السّبع؛ إنّه (أغسطس) شهر مَولده.. وذِكْرى الاحتفال بأوّل رسالة لها من على شاطىء شرم الشيخ..
ويحلّ العام الأوّل وحْده دونها.. تأمّلها وهى تدنو منه.. تتهادى وتسحبُ عربة طفلها الصغير.. تُرى أيمكن أنْ توقظ الجرح القديم وهو يُكابدُ أنْ يغفو.. وما غفا..
– كان من المُمكن أنْ يكون ولدنا..!
هل ترنّم بها.. أم يرمى بها طيفها.. أم وصلت لروحها الأحرف المتكسّرة فُتات حُزْنٍ وهالات شَجَن..
وتنشغلُ بهَشّ الذباب الحائم والجائح.. حتى لا يدنو مِنْ بَراء بَضّ وجهه..
– أهو ثمرة أكثرُ مِنْ الحُبّ.. كما لك أحببت.. ورضيْتُ صاغرًا حُبّك بقلبى حُكْمًا مُنزلَّا.. وقدرًا مِنْ السّما..
وكأنّها لم تسمع.. تبتسمُ للصغير.. وتداعبه..
ـ لم يكُن ذنبى أنّى لحُبّك رُزِقت.. فى حَيْاتى حقيقة أنْتّ.. ولم أكُن أبدًا مُضلّلًا.. وهل فى نورالحقائق عتمة تيه أوعمى بصيرة..!
وبرقّة أناملها ترفعُ حجابها.. وتعاتبه بنظرة جانبيّة.. وكأنّها تقولُ له:
– وليس ذنبى..!
وُلدت (عقرب).. يحملُ السمّ بطبع خلقى.. شفاءًا وموتًا..
وتتأمّله.. وببطن كفّه يدغدغ أنامل الطفل:
– ما يُحَيّرنى..
عامٌ يجرُّ العام .. ويفض بيقينٍ بَيْن أضلعك؛ أنّك حُبّ عُمْرى.. وتجاوزت كُلّ اختبارات الشكّ.. لم أتقلّب وفصول العام.. وكنت الجذر الذى عليه يتكىء ماتبقّى مِنْ أيّامى.. ولم أهرم.. ولم أعجزُ بعد.. وأكثرُ من ذلك تمدّدت وافترشت ورسخت..
وعلى حرير خُضرة أمن.. بينع ضفافىِ ارتميْتِ بأريحيّة إمْرَأة وأحلام أمّ.. وتدلّل أنثى تهوى عَذْب ووشوشات خرير المَىّ..
لم تستغرقُ كُلّ هذه السنوات دون صراحة رَفْض.. وصرخة تمنّع؛ ترمى بها ظلّ يتبعك أيْنْما حللت..
ومارميتنى بإعلان إباء حُبّ..!
أو حتى ابلغتنى مباشرة، أو تلميحًا أو عن طريق أىّ آخر، أنك لن تكونى لى إمرأتى شرع ربّ..!
عرفتينى معنى الحياة بحنايْا الوَجْد بعد يباب وجدب.. وبأضلعى خبأتك أنفاس عطر.. وبعينيك شعرتُ بأنى سكنت واقع عيش.. لامسرح ولا رواية.. وماكنت فى للهوى ممثلا.. يستلذّ مَجْد.. أو يبحثُ عن إلهام شهوة فن.. وقد نضب الإ بداع بضفائر الحرف.. وتهدل المَعْنى بلاقيْد..
يمينًا ويسارًا تلتفتُ.. وكأنّ هناك مَنْ يُنادى عليْها.. وليْس هناك مايعنى مِنْ أمر..
– أليْس مِنْ حقّ الحُبّ؛ أنْ تبتعدى.. وقد قرّرت أنّه لن يكُن لك زوج.. ومِنْ مُلاحقة وجوده انتهيْت..
وتبعثر اللفافة الحريريّة على وجه الملاك النائم..
– أليست أنانيّة..!
وهى تستعدُّ للرحيل.. وتهتزُّ أصابعها؛ بتعديل وضع سيارة الطفل الوليد.. وتُلملم بعضًا من هالات أمس..
ولأوّل مرّة يرفعُ صوته:
– إسمه إيه..؟
ولأوّل مرّة تهتمُ.. وتسمعُ عَنْ عمد.. وبَيْن شفتيها النحيفتين تضغطُ على الحروف.. وتواجهه بإحمرار حَيْاء وَجْه.. وبكُلّ بساطة تتجاوزه؛ وهى تترنّم:
– هى بنت
وتلتف إليْه.. ويعلو الصوت:
– (بتول)..
سميّتها (بتول)..!
……

تمت

أحمد الغرباوى – مصر

اترك تعليقا

لن يتم اظهار بريدك الالكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

: / :